بقلم د. عبد العزيز يوسف آغا.
هي قصة أقل ما يقال عنها أنها غريبة وربما تكون من وحي الخيال، لكن هذا ما تناقلته الكتب التاريخية والدينية، وإن اختلفت الآراء حول هذه القصة إن كان بين الأديان ، فهل فعلاً حدثت أحداث هذه القصة الغريبة والعجيبة ؟وهل شخصية عوج بن عنق حقيقية أم هي مجرد أسطورة؟.
قد تكون قصة عوج بن عنق مجرد خرافة من الخرافات، لكن ذكرها في عدد من الكتب السماوية كالتوراة وحتى الأسفار القديمة وحتى المفسرين والعلماء المسلمين تطرقوا إليها كالطبري، يؤكد بأن بعض أحداثها قد تكون حقيقية فعلاً، دون استبعاد بعض الأمور الخيالية والإسرائيليات وغيرها، فهي تبقى شخصية أسطورية لها وجود، ولكن ليست بمثل الوصف الذي بالغ في وصفه الواصفون.
من المؤكد وجود مبالغات كثيرة وخيال جامح.
عوج بن عنق بنت آدم أول زانية في التاريخ:
هو عوج بن عنق أو”عوج بن عوق”، ويقال “عوج بن عناق” وهو حفيد آدم من ابنته عنق بنت آدم أول عاهرة فى التاريخ واختلفت الروايات حسب أهل التأويل القرآني في تحديد نسبه، وأشهرها ما نقله (عبد الملك العاصمي) في كتابه “سمط النجوم العوالي” فقال: “أمه عنق بنت آدم لصُلبه، وقيل اسمها عناق، وهي أول بغيّ على وجه الأرض من ولد آدم. عملت بالسحر وجاهرت بالمعاصي.
فلما بغت، خلق الله لها أسوداً كالفيلة وذئاباً كالإبل ونسوراً كالحمّر فسلّطهم عليها فقتلوها وأكلوها”.
استحسنها إبليس وتقرّب منها، “فسارت معه إلى عند قابيل بن آدم وولده، فلم تمنع من جاءها عن نفسها (أى كانت تمارس الدعارة) حتى حملت بعوج، وأراد الله أن يجعله حديثاً في الأرض فولدته أعظم منها”.
لم تعلم عناق ممن حملت، فنُسب عوج إليها، “فربّته حتى عَظم وقوي وبقي يطوف الأرض جبلاً جبلاً”.
قيل إن طوله “ثلاثة ألاف وثلاثمائة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع”، وقيل إنه كان يحتجز {يحتجب} السحاب ويشرب منها، “وكان يضرب بيده فيأخذ الحوت من قاع البحر ثم يرفعه إلى السماء فيشويه بعين الشمس فيأكله”، نجا من الطوفان في زمن نوح، وحارب العديد من الأنبياء، وكانت نهايته حين رفع الجبل ليرمي عسكر موسى به ، “فجعله الله طوقاً في عنقه، فتمكن موسى من قتله بعصاه.
عوج وفقاً للتوراة، كان ملك أموري لباشان والذي قتل مع جيشه من قبل النبي موسى ورجاله في معركة درعا، وفي الأدب اليهودي يذكر بأن عوج كان واحداً من العمالقة الذين نجوا من فيضان النبي نوح.
وما نجا من الكفّار من الغرق غير عوج بن عنق ، إذ بلغ الماء حنجرته، وكان السبب في نجاته. و على ما ذكر أن نوحاً عليه السّلام احتاج إلى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقلها، فحمل عوج تلك الأخشاب إليه من الشام. فشكر الله تعالى ذلك له ونجّاه من الغرق.
ويذكر كتاب “أساطير مقدسة” قصة “عوج ابن عنق فيقول: “تقول الحكايات أن حواء ولدت ابنة منفردة – وكانت عادة تلد التوائم – مشوهة لها رأسان بين كتفيها، ولها فى كل كف عشرة أصابع، ينتهي كل إصبع بمخالب طويلة معقوفة.. هذه الابنة اسمها عنق.
ونمت “عنق” وكبرت ولكنها كانت من المفسدين، وكانت أول من مارس البغاء والزنا من ولد آدم، بل وأول من مارس السحر كذلك، فقد كان الله قد أعطى حواء أسماء وكلمات تتحكم بالشياطين وتكون حرزا للبشر منها، فاستغلت “عنق” نوم أمها وسرقت تلك الأسماء وصارت تمارس بها السحر والإفساد فى الأرض، وكانت تعيش فى الخرائب لتختلى عن أهلها، وأنجبت من الزنا ابنها “عوج” وفى بعض الروايات اسمه عاج ابن عناق.
زاد فساد “عنق” فدعت عليها حواء فأرسل الله أسداً فى حجم الفيل افترسها وأراح الناس منها.
أما “عوج” فقد كبر وتعملق حجمه حتى يوصف بأنه بلغ من الطول 23 ألف ذراع ومن العرض 333 ذراعا، وبلغ من القوة أنه كان يصيد بيده الحوت من البحر فيرفعه لعين الشمس فيشويه فيها ثم يلتهمه، وأنه كان إذا أراد الشرب استوقف السحاب فشرب منه، وكان جبارا فى الأرض فخوراً بقوته مفسداً، وكان معمراً عاصر الطوفان وسأل النبي نوح أن يحمله معه فى السفينة فزجره النبى وقال له “لم أؤمر بك يا لعين” فكانت مياه الطوفان تبلغ ركبتيه.
وعاش عوج بن عنق حتى جاوز عمره الثلاثة آلاف سنة، وفى زمن موسى وخروج بنى إسرائيل من مصر كان يعيش فى منطقة سيناء وفلسطين مع امرأته، فلما قسم موسى قبائل بنى إسرائيل إلى 12 قبيلة، وجعل لك منها نقيبا وأمرهم أن يدخلوا الأرض المقدسة، ذهب النقباء أولا ليستطلعوا تلك الأرض وناسها، فوقعوا فى أسر عوج الجبار.
فلما أسرهم عوج بن عنق ربط كل منهم فى عود حطب، وحمل الأعواد لبيته وقال لامرأته “أرأيت هؤلاء؟، إنهم يريدون غزونا، سألقيهم أرضا وأسحقهم بقدمي، فأجابته امرأته لا تفعل، بل دعهم يعودون لقومهم ليخبروهم عنا وعما رأوا من قوتنا فيخشونا.
نفذ العملاق نصيحة زوجته وعاد النقباء إلى موسى يخبرونه عن هول ما رأوا فأمرهم أن يكتموا ذلك عن بنى إسرائيل حتى لا ينشروا الفزع بينهم، فوعدوه بذلك.
ولكنهم لم يلتزموا ما وعدوه، فأسر كل منهم لعشيرته بما رأى، فضج بنى إسرائيل وهاجوا وأعلنوا لموسى رفضهم دخول تلك الأرض إلا لو خرج منها هؤلاء الجبارون، وقالوا مقولتهم الشهيرة “اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا هنا قاعدون”.
تقول القصص يبدوأن عوج بن عنق قرر أن يبادر هو بمهاجمة بنى إسرائيل فبينما يستعرض موسى جيشه أطل عليهم عوج بن عنق حاملا صخرة تكفى لقتلهم جميعا، فأرس الله عليه طيرا أخذ ينقر الصخرة حتى نقبها فسقطت على رأس العملاق فانحبس رأسه وعنقه بين كتفيه وهوى أرضا، فوثب موسى نحوه وضربه بعصاه، وكان طول موسى عشرة أذرع وطول عصاه عشرة أذرع ومدى وثبته عشرة أذرع فأصاب كعب “عوج” فقتله.
ورغم أن بعض المفسرين مثل الطبرى والقرطبى يذكران القصة، ينكر ابن كثير جزءا مهما منها، لأنه يتساءل كيف ينجو”عوج ابن عنق” من الطوفان وهو كافر.
بينما يرى آخرون أن أسطورة عوج بن عنق تبدو فيها بعض التأثيرات الملحوظة من الأساطير القديمة والقصص التوراتى، كما أن فكرة العملاق الذي يسكن البرية ويفزع الناس تتكرر فى أكثر من أسطورة قديمة، مثل ملحمة جلجامش.
– عدة مصادر مع الترجمة.
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post