لا يخفى على أحد حجم المخاوف والذعر على الأمن والسلام العالمي ، حيث نرى يومياً الاف المشاهد التي في جوهرها حرب على الانسانية وفي ظاهرها دفاع عن النفس وسط انقسامات عامودية وافقية في سياسات الدول الحاكمة لشعوب ومجتمعات قدمت للبشرية على مر الزمان تطوراً وتقدماً متواتراً أوصل العالم اليوم الى مستويات عالية في جوانبه العلمية والتقنية والفنية والمعلوماتية والأمنية والعسكرية … لتحقيق رفاهة البشر سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً …
إلا أن تضخم حجم القوة وتفاوت الفارق التقني والفني والاستخباراتي بين الدول بشكل عام والفجوة الكبيرة بذلك في منطقتنا بين الكيان الصهيوني ودول الطوق ، وأيضاً بين الشمال والجنوب والشرق والغرب عموماً ، أضحى يشكل خطراً جسيماً على السلام العالمي .
بين ” اللعنة والنعمة” كان تركيز خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، من منبر الأمم المتحدة، الاسبوع الماضي حيث طلب من العالم أن يختار بين بلاده التي “تدافع عن السلام والديمقراطية”، حسب تعبيره، وبين الدول الأخرى التي “تدعم الإرهاب” .
متجاهلاً دماء المدنيين في غزة وفلسطين ولبنان وسورية وسط صمت دولي وأصوات خجولة تطالب بوقف الحرب والخوف من توسعها ، مما يلقي بمسؤولية الامم المتحدة ومنظماتها التي أضحت بحاجة ضرورية للتغيير للوصول الى الامن والسلام المستدام الذي يشكل العمود الفقري لوجودها .
إن الانتصارات الميدانيّة التي حقّقها الكيان حتّى اليوم تزيد من جبروته وتماديه، خصوصاً أنّه لا يبدو هناك أيّ أفقٍ دوليّ وعربيّ لردعه ،
باعتقادي نحن بحاجة ضرورية الى التنسيق مع دول الاقليم والعالم وعقد اجتماعات سياسية على اعلى المستويات لوقف هذه الغطرسة والحرب بما يهدد أمن واستقرار المتطقة والعالم ، كما أنه من الأجدى عقد حوارات سياسية وطنية محلية تشارك فيها جميع القوى السياسية لتشاركية القرار والحل السياسي بمرجعية القرار 2254 ووفق المصلحة السورية ، ووضع برامج واقعية للحفاظ على التماسك والوحدة الوطنية في اطار جيوسياسي يساهم في تحصين وحدة الجغرافيا والشعب ضد التدخلات والنزاعات الحاصلة على أرض حلبات الصراع المخفية والظاهرة منها .
إن السلام العادل والامن والاستقرار في منطقتنا ، يتطلب وقف الحروب والتدخلات والاحتلالات من أي طرف كان ، والعمل الحثيث للضغط على اسرائيل لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي لاعادة الاراضي العربية المحتلة والاقرار بحق فلسطين بدولتها عاصمتها القدس الشرقية ، ودون ذلك ستبقى المنطقة والعالم على فوهة بركان لا نستطيع التكهن بانفجاره .
التقدم العلمي -الفني – التقني – العسكري للكيان الصهيوني والفوضى السياسية في المنطقة بعد ما يسمى الربيع العربي دفعت اسرائيل لتغيير استراتيجيتها المستقبلية وفق اطار توسعي ، وعلينا استقراء الاحداث واستخلاص النتائج لوقف تنفيذ هذه الاستراتيجية الجديدة ، عبر بناء قاعدة عريضة من التفاهمات المرنة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي .
معظمنا في المنطقة الأوسطية ومناطق الصراع والنزاع الساخنة والمجمدة منها ، تتخذ سلطاتها من ألواح الزجاج الواقي دريئة وحماية لها دون الاكتراث لمجتمعاتها التي تنزف من دمها وروحها وقدراتها وتماسكها ما يهدم حواملها وأعمدتها التي هي الجدار والحصن الوفي ، بينما الواح الزجاج الواقي تتيح النظر منها واليها و لا تقي من الضربات الكبيرة الموجعة وهذا هو المشهد العام اليوم ، مساحات فارغة من الانتظار المقيت بين اقدارنا ومصائرنا شوهته السياسات المتبعة والرهانات الخاسرة والتحالفات الهشة …
ونستذكر اغنية لأم كلثوم وسط تلك الالام
(ترجمة أحمد رامي من الشعر الفارسى لعمر الخيام)
غدٌ بظـــهر الغـــيب واليوم لــي وكم يخيب الظـن فى المقــــبل
فقد تســـاوى فى الثرى راحلٌ غداً وماضٍ من الوف الســنين
ان تُفصل القطــــــرة من بحرها ففى مـداهُ منتهى أمرها
تقاربت يارب ما بيننــا مسافة البعد على قــدرها
ياعالم الأسـرار علم الـــيقين ياكاشف الضر عن البائسيــــن
والى لقاء آخر …
مهندس باسل كويفي …
Discussion about this post