كانت كثيراً ما تتمتم بهذه الآية ويستطيب بها فؤادها كما لو أنها ترياق يرمم ما أخلفته نوائب الدهر..
كان كثيراً ما يُلازِمُها شعور الغُربة كما لو أنها خَليلتُها الوفية،أمّا الآن فقد وجدت ضالتها [الإنتماء المطلق] ! كان هذا الشعور يتمثل في الأُنس بالله، وترتيل القرآن ،وفي الصلاة أوقات السَحَرْ حيث لا يراها ولا يسمعها أحد إلا هو ..
كانت كثيراً ما تُقلب نَظرُها في السماء وتُكثر الثرثرة عن خلجات نفسها لو رآها أحد لظن أنها مجذوبة، أتدري حتى سُلميات أصابعها إن لم يكن لها حظ في اليوم من ذكر الله كانت تشعر وكأنها لا تنتمي إليها!
ومن ثَم في دُنيا تعُج بالمظاهر المُنتفشة والزينة البراقة ،تحتم على كل من فيها الركض خلف ما وضعته تحت الأضواء المُتمثل في الملذات ك( اهداف، عمل ،مكانة، أشخاص) جعلت منهم آلهة تُعبد من دون الله، لِتضح الفكرة أكثر لست ضدد السعي لما نُحب ونهدف فقد حث على ذلك جلا جلاله {فإذا قُضيت الصلاة فإنتشروا في الأرض وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ولكنني ضدد التعلق المُستميت الذي يليه عواقب وخيمة تودي بالإنسان إلى هوةٍ سحيقة..
وشاء تعالى أن تكون إختباراته في أشد ما يتعلق به قلب المرء ليستخلص الله لنفسه عباد مُخلَصين يصنعهم على عينه، وليُبين للإنسان حقيقة الدنيا وزوالها ، وتذكرة للغافل ليستدرك القادم وكي لا ينصرف عن الغاية التي خُلق من أجلها( العبودية ) بملذات الدُنيا ومتاعُها..
تلك الإبتلاءات التي تتناوب علي الإنسان من آنٍ إلى آخر حملت على عاتقها تياران من البشر..
أحدهما إتخذها قُربة إلى الله وفهم المراد منها وبتر أكُف الجزع فوسع الله له في صدره وأتم عليه نعمته ..
والآخر ساير تيار الوساوس وتَتَبْع خُطُوات الشيطان وإتخذها ذريعة للبُعد والهجر فضاق صدره وسلط الله عليه الدنيا يركُض فيها ركض الوحوش في البرية ولا ينال منها إلا ما قد قُسِم له..
تلك النظرة المحدودة والضيقة والعَجل الذي جُبِّل عليه الإنسان أعماه عن تحسُس علم الله الواسع وحُسن تدبيره في شتى أمورنا وعن إدراك محدودية بصيرته الإنسان وقُصر يداه ..
حاشاه يقتُر علينا بما هو خير لنا وهو المعطي الوهاب! ما منع عنك شيء إلا وكان فيه هلاكك المحتم ! ما إبتلاك إلا أنه يُحبك! فقد قال صلى الله عليه وسلم (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ)
وإعلم أنه في اللحظة التي ستصل فيها إلى تمام التسليم لأوامر الله تعالى وقتها يكون قد إنتهى الإختبار ..
أخرج نجاسات تلك الظنون من رأسك وإنهض! المؤمن عندالله كريم وقتما إستدرك أدرك..
إنتهل من بحور القرآن ما إستطعت (حفظ، تدبر، فهم ،تطبيق) هو زادك للوصول إلى ربك ثم أصلح صلواتك تتلذذبها، وتأنس بها روحك،وتُطهر بها جُروح خلواتك، وتُقَوم بها إعوجاج خُطُواتك..
تعلقك بالله وحده هو عين الحرية ومُطلق الأنس وكمال عقل و وتعلقك بما سواه هو قيد حول جٍيدُك يدفعك إلى الهاوية..
حق عليك أن تعلم أن الدُنيا لا تساوي جناح بعوضه عندالله دع فُتاتها ولا تغتر بزخارفها ما عند الله خير وأبقى ( فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّه الْغَرُورُ )..
Discussion about this post