يحتفي الاتحاد العام للعمال الجزائريين يوم الجمعة 26 جويلية 2024 بالذكرى الـ 65 لاستشهاد عميد النضال النقابي، الشهيد عيسات إيدير، أول أمين عام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي قدم العديد من التضحيات وأسدى روحه من أجل تأسيس نقابة وطنية جزائرية تدافع عن حقوق وكرامة العمال الجزائريين.
ولد الشهيد عيسات إيدير في سنة 1919 بقرية جمعة صهاريج قرب مدينة تيزي وزو.
بعد تلقي تعليمه الابتدائي بقريته انتقل إلى مدرسة تكوين الأساتذة ببوزريعة لمواصلة دراسته ومن هذه الأخيرة انتسب للمعهد الثانوي الفرنسي بتيزي وزو، واستمر في هذا المعهد حتى حصوله على شهادة الطور الأول من التعليم الثانوي، إلا أن الحالة الاقتصادية المزية لأسرته أجبرته على ترك مقاعد الدراسة.
في عام 1935، انتقل إلى تونس حيث تابع دراسته العليا في الاقتصاد بالجامعة التونسية إلى غاية 1938. وفي سنة 1944، عمل في ورشة صناعة الطيران وتقدم في الرتبة ليصبح رئيس قسم المراقبة الإدارية. خلال فترة عمله في تونس احتك بالمناضل النقابي التونسي، فرحات حشاد، حيث بدأت تظهر ميوله النقابية واهتمه بالدفاع عن مصالح العمال الجزائريين ما دفع لاحقا برفاقه إلى انتخابه عضوا في اللجنة التنفيذية لعمال الدولة التابعة للنقابات الشيوعية الفرنسية.
وخلال عمله النقابي، شعر عيسات إيدير بأن النقابات الفرنسية حتى لو كانت شيوعية الميول، لا تهتم بالعامل الجزائري بالقدر الذي ينبغي. ففي تلك الآونة، تداولت فكرة تأسيس أول منظمة نقابية جزائرية، بعد الرواج الذي لاقته أفكار عيسات إيدير الحديثة، مما اثار حفيظة النقابات الفرنسية، فأخذت تسعى لإبعاد الناشط النقابي عن مناصب المسؤولية، خاصة في سنة 1951 عندما داهمت الشرطة الفرنسية المصنع الذي كان يعمل به وألقت القبض عليه برفقة 10 عمال جزائريين ولم يطلق سراحه إلا بعد 10 أيام.
وبعد إطلاق سراحه التحق بوظيفة أخرى في صندوق المنح العائلية التابع لقطاع البناء والأشغال العمومية، وأصبح مسؤولا عن اللجنة المركزية للشؤون النقابية التابعة لحركة انتصار الحريات الديمقراطية من 1949-1954، فكان سعيه لتحسيس العمال وحثهم على طلب حقوقهم سببا لسجنه مرة أخرى من قبل السلطات الاستعمارية في 22 ديسمبر 1954.
فقد كانت لجهود ومساعي عيسات إيدير الأثر الكبير في تأسيس أول منظمة نقابية جزائرية متمثلة في الإتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فيفري 1956، وتعينه أمينا عاما، حيث مكنه هذا المنصب أن يشرف على تنظيم فروع وخلايا الاتحاد وأستمر على هذا النحو حتى تاريخ توقيفه في 23 ماي 1956.
ودائما وبسبب نشاطه النقابي أدخل سجن البرواقية، ومنه إلى عدة محتشدات سان لو، آفلو، بوسوي، ومن هذا الأخير نقل إلى العاصمة ليوضع بسجن برباروس (سركاجي)، ومن التهم التي انتسبت إليه من قبل السلطات الاستعمارية تهمة النيل من أمن الدولة الفرنسية الخارجي، وفي يوم 13 جانفي 1959 أصدرت المحكمة العسكرية حكمها ببراءته.
ولكن وبالرغم من تبرئته، لم يطلق سراحه وإنما اختطف من قبل المظليين قدام باب المحكمة العسكرية لينتهي به الامر مجددا بمحتشد بئر تراريا حيث تعرض لأبشع أنواع التعذيب وأقساها مما أرغم إدارة المحتشد إلى نقله إلى المستشفى العسكري، لترتقي روح عيسات إيدير الى بارئها واستشهد في 26 جويلية 1959 متأثرا بالتعذيب المسلط عليه.
لقد عرفت عملية اغتيال عيسات إيدير الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين موجة واسعة من الاستنكار والسخط في عدة دول من العالم، وقد وردت برقيات الاحتجاج والاستنكار من المنظمة العالمية للنقابات الحرة وجامعة النقابات العالمية والاتحاد العالمي للزراعيين والنقابيون العرب والنقابات الشيوعية الفرنسية، ولم تكتف هذه الهيئات بالاستنكار، وإنما طالبت الحكومة الفرنسية بتسليط الضوء على الظروف الغامضة التي رافقت عملية استشهاده.
حيث ضحى عيسات إيدير في سبيل الوطن واختار النضال النقابي بتأسيس نقابة عمالية جزائرية لتكون معالمها واضحة وقوة اسمها صاخبة من أجل كسر نير القوة الفرنسية وتحقيق الاستقلال لجميع الفئات الجزائرية عن طريق العمل النقابي للدفاع عن حقوق العمال الجزائريين والانخراط في الثورة التحريرية.
ان إحياء ذكرى استشهاد عيسات ايدير، الشهيد الرمز، أول أمين عام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، يحفز المناضلات والمناضلين النقابيين، على استكمال العمل من أجل الحفاظ على حقوق ومكتسبات العمال.
بقلم عمر بن زيان
Discussion about this post