بقلم … الدكتورة بهيّة الطشم
” البخل عار”،” و الجود حارس الأعراض.”هي العبارات الذهبية للإمام علي( ع) التي آثرنا البدء بها بغايةمقاربة سيكولوجية وجيزة ومتواضعة ازاء موضوع مُلّح يعكس أطيافه المعنوية على كل مجالات حياتنا ألا وهو سيكولوجية البُخل.
يُعتبر البخل في علم النفس السلوكي سُلوكاً متطرّفاً وشاذاً عن السلوكيات السّوية التي ترسم معالم الشخصية المتوازنة مع نفسها ومع المجتمع…ولا غرابة في ذلك لأن البُخل مرض نفسي لا يمكن علاجه البتّة…إلاّ انه من الممكن التحكّم بمستواه ومبلغه في مرحلة النشأة والطفولة عندما يلاحظ الاهل في نشاط الاطفال وسلوكياتهم حُب التملّك الزائد والإنانية المُفرطة والبخل المتطرف والمستشري في اختلاف التصرفات….وينعكس دور الاهل في محاولات دائمة لتقويم السلوكيات وتدريب الاطفال على العطاء المنظّم والمتدرّج وبدرجة نسبية دونما مبالغة وضرورة حثّ تصرفات الاطفال على الإيثار سيّما في التعامل مع الضعفاء والمحتاجين.
كما أن البخيل هو صغير النفس؛ويُعتبر سلوكه البخيل في عِداد افتقاد الاحساس بالامان؛ اذ يكره البخيل العطاء بكل أنواعه وكذلك الإنفاق على المقرّبين وذويه…والآخرين.فالبخيل عبدُ المال بالدرجة الأولى..
وما أشقى البخيل الذي يحرم نفسه؛ وغيره ….ولعلّ اشدّ درجات البخل هو البُخل على النفس مع الحاجة….للموضوع.
وكان رسول الإسلام محمد (ع) قد شبّه البخيل وكأن عليه “ربطة تربطه لضيق نفسه.”
وهو سيء المزاج يبتكر الحجج التي يبرر فيها عدم قدرته على إعطاء من حوله….المال أو العاطفة.
وفي اطار استقراء أهم الاسباب التي تكمن في الخلفية السيكولوجية لمرض البُخل …نلتمس يقيناً بأن الدافع النفسي الأهم الذي يحرك ويستثير السلوكيات البخيلة للبخيل هو الحرمان المتجذّر في عمق الشخصية المريضة بالبخل الذي يصل الى درجة الوسواس من أن يعيش الحرمان مجدداً.
وكذلك يجد البخيل شعور الأمان بالمال….ويتبع شعوره اللاواعي بانعدام الامان في حال تقلص مبلغ المال ولو نسبة 0,1% .
فالبخيل يأخذ كثيراً ولا يعطي إلا نادراً وفي حالة استثنائية متحالفة والندرة….لذلك نجده في حالة قلق دائم…وخوف مستمر من تقلص الأموال….لدرجة الهسيتيريا…والعصبية واضطراب الشخصية الوسواسية…
وينسحب البُخل المادي على البخل المعنوي والتقشف العاطفي حيال الشريك الآخر أو المقربين…. وكل ضحايا البخيل…
مع الاشارة الى ان البخيل يجمع الأموال ويكدّسها دون الاستفادة منها.
وفي اطار التحليل السيكولوجي يقدم التحليل النفسي psychanalyse
تفسيره البخل بأنه عادة تنبع من الانسان البخيل حيث يمارسها ليقلّل من مستوى قلقه وتتحول الى وسواس.
اذاً البخيل موسوم بالخلل النفسي الحاد…… وغالباً ما يرجع هذا الاختلال الى ارهاصة الطفولةمن عمر البخيل….في المرحلة الشرجية….اذ أن الطفل الذي يتعرض لمرحلة صارمة في التربية والتدريب على المرحاض
تكون لديه ردة فعل مفاجئة عبارة عن التأخر في تنظيف نفسه والاحتفاظ بالفضلات في جسمه اثناء التدريب على استخدام المرحاض….مما يخلق له لذة وهمية في المنطقة الشرجية….فيثبت على هذه المرحلة وينقل موضوع البخل الى الأشياء والعواطف…غالباًما يعادي الآخرين.
وخلاصة القول….
أن البخل هو مرض نفسي….معقّد….
الأهم تدريب المحيطين على كيفية التعايش والتأقلم مع البخلاء…بأفضل الممكن…ضمن استراتيجية نفسية تضمن الحصانة النفسية…
سيّما وان البخل العاطفي……وتراكماته… تشكل وقود الانتحار الفردي أو الجماعة…..بعد مرحلة من الكآبة الطافحة عند أصحاب المناعة النفسية الضعيفة ومن لديهم الإحساس المُرهف…
Discussion about this post