الدكتور محمد العبادي
تعد ٱفة المخدرات قديمة قدم الحضارات الإنسانية، ولكن اللافت للإنتباه أن ظاهرة المخدرات ازدادت انتشاراً في العقود الأخيرة، وتوسعت رقعة زراعتها، وتعددت أشكالها ومشتقاتها، وتنامت عصاباتها، وازداد حجم المتعاطين ومدمنيها، بحيث مست جميع بلدان العالم الغنية منها والفقيرة، والمتقدمة منها أو السائرة في طريق النمو، ومن ثم أصبحت ظاهرة المخدرات تشكل تهديداً خطيراً على التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي والأمن العام . ونتيجة هذه المخاطر التي أصبحت تمس الإنسانية جمعاء حيث أصبحت مشكلة المخدرات تحتل المرتبة الثانية بعد مبيع السلاح في العالم ،
إن المجتمع الدولي تحرك وعقد الكثير من الاتفاقيات الدولية، وأصدرت الدول ترسانة ضخمة من القوانين الوطنية، وحاولت الأجهزة الأمنية المختلفة الشرطة، الجمارك .القيام بجهود الوقاية والمنع والمكافحة للحد من هذه الظاهرة القاتلة .
تعد المخدرات بكل أنواعها من أخطر الآفات التي تهدد صحة الكيان الاجتماعي ، اذ تعد هذه المشكلة أشد فتكاً وتدميراً من الإرهاب المعروف اذ تؤدي بالفرد الى الانحراف وارتكاب الجرائم. وتختلف الأسباب المؤدية الى الإدمان فمنها الأسباب الشخصية، والمتمثلة بضعف الوازع الديني وعدم استثمار أوقات الفراغ في أنشطة بناءة وهادفة والاعتقاد بأن المخدرات تقوي القدرات الجنسية وكذلك الاعتقاد بعدم حرمة المخدرات والتقليد والمجاملة وحب الاستطلاع. وهناك الأسباب الاجتماعية، وأهمها الوسط الاسري والذي يتمثل بضعف عملية الضبط الاجتماعي من قبل الأسرة. وايضا تعد الأسباب الاقتصادية، والمتمثلة بالظروف الاقتصادية الصعبة للمدمن، كذلك الأسباب الصحية المتمثلة باعتلال الصحة البدنية والنفسية لها تأثير في دفع الفرد لتعاطي المخدرات.
وهناك الأسباب السياسية والمتمثلة بظروف الأزمات التي تمر بها اي دولة مما يجعل مجتمعها عرضة للكثير من الظواهر السلبية. ويترك التعاطي والإدمان على المخدرات الكثير من المشكلات الصحية والنفسية للشخص المدمن، فضلا عن آثاره الاجتماعية المتمثلة بحالات التفكك الأسري واضطراب التوازن الاجتماعي مع الوسط الذي يعيش فيه المدمن واختلال علاقاته الاجتماعية، هذا فضلاً عن الآثار الاقتصادية المتمثلة بالخسائر في العملية الاقتصادية نتيجة سوء تكيف المدمنين مع أعمالهم ووظائفهم وضعف إمكاناتهم. وهناك الآثار السياسية، حيث يهتز الكيان السياسي لأي دولة اذا لم يكن في وسعها بسط نفوذها على كل اقاليمها أو محافظاتها ومنع زراعة المخدرات والمتاجرة فيها. وهناك علاقة وثيقة ما بين الجريمة والإدمان على المخدرات، حيث أكدت الدراسات العلمية والاحصائيات والارقام، بان الإدمان يعد من أوسع الأبواب لدخول المدمنين عالم الاجرام. ونظرا لكل هذه المخاطر فان القانون يعتبر الإدمان بأنه مشكلة قانونية، اذ ينظر اليها باعتبارها جريمة بحق المجتمع. لذا فهناك جوانب قانونية في مكافحة المخدرات. ولتفادي هذه المشكلة لابد من اتخاذ الأهداف والإجراءات في مواجهة ومكافحة المخدرات والمتمثلة بإجراء البحوث والدراسات التي تبين مخاطر ومضار المخدرات، والفهم العلمي لأبعاد وطبيعة المخدرات واتخاذ كل التدابير الوقائية في اطار الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية، والتوعية الدينية والإعلامية وبناء مراكز ومؤسسات كافية ملائمة لرعاية المدمنين.
Discussion about this post