منظومة القيّم والخلاص الوحيد
الكاتب: محمد نبراس العميسي.
يقف الإنسان اليوم على هرم من المفاسد، وأهمها انهيار المنظومة الأخلاقية التي تجسّدت في الخواء المرير والشقاء والقلق والحيرة وغياب الإيمان وفقدان المعنى وانكسار الأهداف النبيلة وموت الضمائر؛ ما جعل الإنسان اليوم يلجأ
إلى المغامرات الحمقى والشذوذ في السلوكيات وارتكاب الجرائم وإدمان المخدّرات والمسكرات، وقد أظهرت دراسة في منظمة الصحة العالمية في عام ٢٠٢٠م أن التكاليف لأمراض الكحول والحوادث والعنف بلغت أكثر من٢٠٠ مليار دولار في السنة الواحدة في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها.
ناهيك عن اشتعال الأنانيات المسعورة والجري وراء التسليات الفاسدة والإلتصاق غير المنضبط بالتقنيات الحديثة ووسائل التواصل الإجتماعي التي غرست الاهتمامات السطحية؛ فأصبح الإنسان المعاصر تافه المضمون عقيم الانتماء مسلوب الإرادة، وأصبح التنافس على الماديات والجري وراء الأسواق هما الإنجاز الذي يستحق العناء.
ومن الكوارث الكبرى الحروب العبثية التي تهييج بإستمرار لأسباب تافة جوهرها الصراع على النفوذ والثورة لا غير مهما كلَّفت من أثمان باهظة وسفك للدماء البريئة.
وهناك الأزمات الخطيرة؛ مثل أزمة التغيَّر المناخي الذي ينذر بكارثة كبرى لكوكب الأرض، واستنزاف المصادر، وانقراض الأنواع النباتية والحيوانية، والتوزيع غير العادل للثروات، وزيادة الفقر والبطالة، ناهيك عن الإعلام الهابط الذي لم تعد مهمتّه إلا تعميق السطحية والابتذال.
إن قوة العلم وتطبيقاته المسؤولة عن التقدم المادي والتقني قد صاحبه كل هذه المآسي التي يحياها البشر اليوم، والسبب واضح وهو غياب الإيمان الذي يوجّه إلى المثل العليا والغايات السامية. إن أسئلة مثل: كيف جاء الكون؟ ولماذا خُلق؟ وماهي الحكمة من وجودنا في هذه الحياة؟! أصبحت مخنوقة في عصرنا، ومن العجيب أننا نعيش في عصر له القدرة العلمية الهائلة للإجابة عن هذه الأسئلة؛ إلا أقل اتصالاً بهذه المعرفة، وحتى تخرج البشرية من كل هذه المآسي لابد أن تعود إلى الدهشة والتساؤل، وأن تتعلم أن تضع تحت مشرط التحليل العلمي كل الفلسفات والخرافات التي تم نبذها من العلم؛ وأولها الإلحاد الذي يعد السبب الرئيس لكل هذه المظاهر الحزينة.
إن الكثير من العلماء يتجاهلون عمداً مسألة البحث عن مصدر القوانين العلمية التي يدرسونها؛ لأنهم لم يعودوا يستطيعوا أن يؤطّروها ضمن المصطلحات المادية والميكانيكية التي آمنوا بها إيماناً أعمى، وعلماء النفس قد أخبرونا عن الحيل الدفاعية التي يمتلكها العقل البشري ليزّيف الحقائق؛ منها القدرة على خداع الذات، وذلك عندما يتجاهل الإنسان أدلة تتناقض مع معتقداته، أو التحيز والتعصب للذين يخلقان دعمًا وهميًا لأشياء نعتقد أنها صحيحة، ولقد برهن الطب النفسي على مقولة غاية في الدقة والتي تقول: ”إنك لا تستطيع أن تغيَّر شيئًا ما لا تراه“؛ فلطالما البشرية لم تعد ترى أنها تعيش في ظل هذا الجهل والانحطاط؛ فالفساد مستمر وسيتنامى.
إن الحل موجود ولكنه يحتاج إلى شجاعة ومثابرة وجدّية، إنه المعرفة العميقية لمنظومة العلوم بكل ميادينها وفروعها والتي كنست قمامة الفكر المادي والإلحادي إلى الأبد، وبدأت تبحث عن منظومة الدين الذي يعطي المعنى والغاية لوجودنا في هذا الكون، وأكتفي في هذا المقال بسرد اعترافات لعلماء على أعلى مستوى في عصرنا.
يقول الفيزيائي الأمريكي(د. فريتجوف كابرا) والكيميائي الحيوي( د. بيير لوجي لوسي):”إنه من الواضح أن قدر البشر والحضارة سوف يتشكلان كثيراً بالتوازن بين التطور التقني والحكمة الروحية؛ فمن الواضح أن العلم بدون روح سوف يقود إلى الكارثة، وبالمقابل لا نستطيع أن ندير عالمنا الحديث
المعقد باتجاه روحي محض“.
ويقول أحد علماء الكون حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية وهو البرفيسور( جويل بريماك): ”إننا نحتاج أن نأخذ العديد من الصور والأفكار من الدين حتى نفهم كيف نتصل مع الكون، إن التصور الديني له رنين أكثر من أي شيء آخر“.
ختامًا: لقد ألقى العلم سلاحه وبدأ يبحث عن الدين والروح والأخلاقيات، ونحن نقول إن القرآن الكريم هو المعجزة الأعظم التي أنزلها الله تعالى على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو مايبحث عنه العلماء اليوم ومايلي البرهان.
Discussion about this post