رئيس مجمع الخالدين ورئيس اتحاد المجامع اللغوية العربية
لو أننا توجهنا إلى عينة عشوائية من الذين لم يلتحقوا بأقسام اللغة العربية في مختلف كليات مصر كالآداب والتربية واللغة العربية وسألناهم هل تعرفون من هو الأستاذ الدكتور شوقي ضيف؟! ففي الغالب الأعم ستكون الإجابة هي: “لا” بنسبة تقترب من 99% مع الأسف الشديد، وحينما تذكر عالما للغة العربية وفي نفس الوقت كان مؤرخا ومحققا ومفسرا وناقدا فاعلم أنك تتحدث عن العلامة الموسوعي الكبير ولؤلؤة زمانه في اللغة العربية الأستاذ الدكتور أحمد شوقي عبدالسلام ضيف، الذي كان رئيسا لمجمع اللغة العربية بمصر والمسمى بمجمع الخالدين، وعضوا بمجامع اللغة العربية في كل من سوريا والأردن والعراق، هذا بالإضافة إلى كونه رئيسا لاتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية.
ولقد شرفت بالكتابة عن الأستاذ الدكتور شوقي ضيف في كتاب “عظماء من مصر” الصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع، وهو يعد واحدا من فرسان اللغة العربية وحراسها الأمناء، وأحد أبرز أعلام الآداب العربية، وآخر جهابذة النقد العربي ومذاهبه، كما أنه كان تلميذا لكل من العمالقة الكبار الدكتور طه حسين والعقاد والدكتور محمد حسين هيكل والدكتور أحمد أمين، وقد لقب بلقب عميد الأدب العربي في عصره، ووصف بأنه آخر عمالقة اللغة العربية وآدابها، وبالمعلم الذي علم النقاد والكتاب والأساتذة.
وقد ولد العلامة شوقي ضيف في بلدة أولاد حمام بمحافظة دمياط في يوم 13 يناير سنة 1910، وألحقه والده الذي كان شيخا أزهريا بالكتاب، فحفظ القرآن الكريم وهو دون سن العاشرة، وحصل على الشهادة الابتدائية من المعهد الديني، ثم تخرج في معهد الزقازيق الثانوي، وحصل على ليسانس الآداب من جامعة فؤاد الأول حيث كان أول دفعته في سنة 1935، وعمل الدكتور شوقي ضيف في البداية محررا بمجمع اللغة العربية، ثم اختير معيدا بكلية الآداب في سنة 1936، ثم مدرسا بها في سنة 1943، فأستاذا مساعدا في سنة 1948، فأستاذا لكرسي اللغة العربية بها في سنة 1956، فرئيسا لقسم اللغة العربية بكلية الآداب في سنة 1968، فأستاذا متفرغا في سنة 1975، وقد تم انتخابه عضوا بمجمع الخالدين في سنة 1976، فأمينا عاما له في سنة 1989، فنائبا للرئيس في سنة 1992، فرئيسا للمجمع منذ سنة 1996 حتى وفاته.
والدكتور شوقى ضيف كان معروفا بالتواضع دون ضجيج أو محاباة، كما أنه كان حريصا على قيم الجمال والبيان، وكان من أكثر علماء اللغة العربية إحاطة بالثقافة العربية الإسلامية في عصره، فهو عالم موسوعي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث لم يدع فرعا من فروع الثقافة العربية إلا وكانت له فيه مشاركة جليلة، حتى كأنه لم يتخصص إلا فيه، فقد أرخ للأدب العربي وللبلاغة ولعلم النحو وكتب في فنون الأدب والنقد والترجمة الشخصية والرحلات، إلى جانب دراساته عن الفن ومذاهبه فى الشعر والنثر، كما حقق العديد من كتب التراث، وأيضا نشر له كتاب في تفسير القرآن الكريم، كما نشرت له أبحاث كثيرة لا يمكن حصرها فهو أغزر مؤلفي عصره إنتاجا.
والدكتور شوقي ضيف له أكثر من 50 مؤلفا في شتى معارف العربية، فمن مؤلفاته: “الفن ومذاهبه في الشعر العربي”، و”الفن ومذاهبه في النثر العربي”، و”دراسات في الشعر العربي المعاصر”، و”المدارس النحوية” و”البحث الأدبي.. طبيعته ومناهجه وأصوله ومصادره”، و”سلسلة تاريخ الأدب العربي”، كما أصدر كتابا عن سيرته الذاتية بعنوان “معي” كما حقق كتاب “السبعة في القراءات” لأبي بكر بن مجاهد، وكتاب “الدرر في اختصار المغازي والسير” لأبي عمر بن عبد البر النمري، كما أصدر كتابا فسر فيه سورة الرحمن وعددا من قصار السور، وكتابا آخر لتفسير القرآن الكريم كله حمل اسم “الوجيز في تفسير القرآن الكريم”.
وقد ترجمت بعض كتب الأستاذ الدكتور شوقي ضيف إلى عدد من اللغات منها الإنجليزية والفرنسية والإيرانية والصينية، وصدرت عنه العديد من الكتب، وكتبت عنه دائرة معارف الأدب العربي الصادرة في لندن ونيويورك بمجلدها الأول، وترجمت له وقالت عنه: “إنه أحد الشخصيات المؤثرة بشكل واضح في الدراسات العربية المعاصرة”، وقد تحصل الدكتور شوقي ضيف على عدد من الجوائز والتكريمات، فقد حصل على جائزة الدولة التقديرية في الأدب والنقد في سنة 1979، وعلى جائزة الملك فيصل العالمية في الآداب في سنة 1983، وعلى وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، وعلى جائزة مبارك في الآداب في سنة 2003، كما تم تكريمه من مختلف الهيئات والجهات العربية والعالمية، وكانت وفاته في يوم 10 مارس سنة 2005 عن عمر تعدى 95 عاما.
Discussion about this post