يعتبر تعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي في صميم مهمة الأمم المتحدة. ويعتبر احترام سيادة القانون أمرا أساسي لتحقيق السلام الدائم في أعقاب الصراع، والحماية الفعالة لحقوق الإنسان، والتقدم الاقتصادي المستدام والتنمية.
وتستند الأمم المتحدة في عملها على المفهوم الأساسي المتعلق بمبدأ مسائلة الجميع من الفرد إلى الدولة أمام قوانين صادرة علنا، ويتم تطبيقها على قدم المساواة والفصل فيها بصورة مستقلة . وتلعب أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية، بما في ذلك الجمعية العامة ومجلس الأمن، أدوارا أساسية في دعم الدول الأعضاء بهدف تعزيز سيادة القانون، كما تفعل العديد من كيانات الأمم المتحدة.
وتقع مسؤولية التنسيق العام لأنشطة سيادة القانون لمنظومة الأمم المتحدة على عاتق مجموعة التنسيق القانوني والموارد، برئاسة نائب الأمين العام وتدعمه وحدة سيادة القانون. وأعضاء الفريق هم مدراء ل 20 من كيانات الأمم المتحدة العاملة في مجال دعم الدول الأعضاء لتعزيز سيادة القانون. ولتقديم الدعم من المقر لأنشطة سيادة القانون على المستوى الوطني، عين الأمين العام إدارة عمليات حفظ السلام وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الجهة التنسيقة العالمية المشتركة للشرطة وقضايا العدالة والسجون في سيادة القانون في مرحلة ما بعد الصراع والأزمات الأخرى.
التسوية القضائية للنزاعات
محكمة العدل الدولية
تعتبر محكمة العدل الدولية التي تأسست في عام 1946والمعروفه أيضا باسم المحكمة العالمية الجهاز الرئيسي للأمم المتحدة لتسوية المنازعات. ومنذ تأسيسها، نظرت المحكمة في أكثر من 170 قضية، وأصدرت العديد من الأحكام في المنازعات التي قدمتها الدول وأصدرت الآراء الاستشارية استجابة لطلبات من قبل منظمات الأمم المتحدة. وقد تم التعامل مع معظم الحالات من قبل المحكمة بكامل هيئتها، ولكن منذ عام 1981 ، تم إحالة 6 حالات إلى دوائر خاصة بناء على طلب الطرفين.
وقد عالجت المحكمة في أحكامها خلافات دولية تتعلق بالحقوق الاقتصادية وحقوق المرور، وعدم استخدام القوة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والعلاقات الدبلوماسية، وأخذ الرهائن، وحق اللجوء والجنسية. وتقدم الدول هذه المنازعات أمام المحكمة للبحث عن حل غير متحيز لخلافاتها على أساس قانوني. وساعدت المحكمة في منع تصاعد النزاعات في الكثير من الحالات من خلال تحقيق تسوية سلمية بشأن مسائل مثل الحدود البرية والحدود البحرية والسيادة الإقليمية.
العدالة الجنائية الدولية
منذ فترة طويلة كان المجتمع الدولي يطمح لإنشاء محكمة دولية دائمة لمحاكمة أخطر الجرائم الدولية. و في القرن ال 20، تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن تعريف الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
المحاكم
بعد الحرب العالمية الثانية ، عالجت محاكمات نورمبرغ وطوكيو جرائم الحرب والجرائم ضد السلام وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية.
واصلت المحاكم المخصصة والمحاكم التي تساعدها الأمم المتحدة المساهمة في مكافحة الإفلات من العقاب وتعزيز المساءلة عن الجرائم الأكثر خطورة. ففي 1990 وبعد نهاية الحرب الباردة ، أنشأت المحاكم الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة وورواندا للنظر في الجرائم المرتكبة داخل إطار زمني محدد وخلال صراع معين. وهذا ينطبق، أيضا، على ثلاث محاكم أنشئت من قبل الدول المعنية، ولكن مع دعم كبير من الأمم المتحدة وهي: المحكمة الخاصة لسيراليون (2002)، والدوائر الاستثنائية في محاكم كمبوديا (2006) والمحكمة الخاصة بلبنان (2007 ). ويشار إليها أحيانا باسم المحاكم المختلطة . فهي مؤسسات غير دائمة ، حيث سينتهي دورها بمجرد سماع جميع الحالات.
المحكمة الجنائية الدولية
جاءت فكرة إنشاء محكمة دولية دائمة لمحاكمة الجرائم ضد الإنسانية لأول مرة في الأمم المتحدة في سياق اعتماد اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. ولسنوات عديدة، استبقت الاختلافات والتطورات في الآراء. وفي عام 1992، وجهت الجمعية العامة لجنة القانون الدولي لإعداد مشروع النظام الأساسي لهذه المحكمة بعد المجازر في كمبوديا ويوغوسلافيا السابقة.
تختص المحكمة الجنائية الدولية في محاكمة الأفراد الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وسيكون من اختصاصها أيضا معالجة جريمة العدوان عندما يتم التوصل إلى اتفاق حول تعريف جريمة العدوان. إن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة من مستقلة من الناحية القانونية والوظيفية وهي ليست جزءا من منظومة الأمم المتحدة.
ويخضع التعاون بين الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية من خلال اتفاق علاقات التفاوض. ويمكن لمجلس الأمن رفع دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، وإحالة الحالات الجنائية الدولية التي لا تندرج إلا تحت اختصاص المحكمة. وتضم المحكمة 18 قاضيا، تنتخبهم الدول الأطراف لمدة لمدة 9 سنوات، حيث يتوجب على القاضي البقاء في منصبه حتى إتمام أي محاكمة أو استئناف قد بدأ بالفعل. ولا يجوز أن يكون قاضيان إثنان من نفس البلد.
بقلم السفير الدكتور محمود هريدي
Discussion about this post