بابا ماجد.. مدرس الرسم ومقدم برامج الأطفال في التليفزيون
بابا ماجد أو المذيع التليفزيوني ماجد عبد الرازق لم يكن مجرد مقدم برامج أطفال، نعم هذه هي الحقيقة التي يعلمها جميع أبناء جيلنا، هو لم يكن مجرد مقدم برامج أطفال، بل إنه شارك آباءنا وأمهاتنا في تربيتنا وتشكيل وجداننا ونحن في الصغر، ولذلك فقد كنت حريصا على أن يكون واحدا من الشخصيات التي كتبت عنها في الجزء الثاني من كتاب “شخصيات مصرية بين التهميش والنجومية”، وفي زمانبابا ماجد كانت برامج الأطفال في التليفزيون هادفة تربي الأطفال وتكتشف وترعى المواهب الصغيرة، وذلك قبل غزو القنوات والبرامج التي تخالف تقاليدنا، والتي ساهمت بشكل كبير في تغيير سلوكيات أطفالنا وقادتهم نحو ما نراه ونشاهده اليوم من تصرفات يخجل منها الجميع.
والأستاذ ماجد جميل عبد الرازق الشهير بلقب بابا ماجد، كان أول مذيع رجل يقدم برامج أطفال في التليفزيون المصري منذ نشأته، وهو صاحب عدد كبير من البرامج التي ساهمت في توسيع مداركنا وتنمية قدراتنا الذهنية ومواهبنا في طفولتنا، فلن ننسى أبدا برامجه الشهيرة “فنون وكارتون” و”فنون صغيرة” و”القط مشمش” و”السندباد الصغير” و”الكاس لمين”، وكان فنانا وتربويا فقد درس بكلية الفنون الجميلة، وكان تخصصه في قسم الديكور، وتخرج فيها سنة 1962، وبعد تخرجه عمل كمدرس رسم في مدرسة “ليسيه الحرية” بمصر الجديدة، حيث قام بالتدريس لجميع صفوف الإبتدائي والإعدادي والثانوي، وفي نفس الوقت التحق بمعهد التليفزيون حيث درس فنون التقديم والمونتاج والإخراج وعمل كأول مقدم لبرامج الأطفال بالتليفزيون جنبا إلى جنب مع ممارسة دوره التربوي كمدرس ومعلم للأجيال.
وتميزت برامج الأطفال التي كان يقدمها بابا ماجد بالجدية والتعليم والتثقيف بالإضافة إلى التسلية والترفيه، فبرنامج الكارتون “القط مشمش” كان ذا طابع إرشادي وتوجيهي للأطفال، حيث كان يوجه الأطفال من خلال تعليقاته على الحلقات إلى فعل الأشياء السليمة وترغيبهم في العادات الصحيحة ونبذ العادات والسلوكيات السيئة، ومن خلال برنامج “السندباد الصغير” كان يعمل على تثقيف الأطفال من خلال رحلات البرنامج إلى جميع المحافظات المصرية وشرح تاريخها وأهم معالمها وما تشتهر به من عادات وتقاليد، وتميز برنامج “الكاس لمين” بعرض المعلومات عن طريق إجراء مسابقات بين فريقين من الأطفال التابعين لمدارس من محافظات مختلفة وفي النهاية يأخذ طلاب الفريق الفائز كأس البرنامج.
وبابا ماجد تميز بأنه كان الرجل الوحيد بين مقدمات برامج الأطفال، وتعلق به الحميع نظرا لبساطته وهدوئه وثقافته ورقيه وسعيه وراء اكتشاف الأطفال الموهوبين، وقد ترقى بابا ماجد في عمله فأصبح مديرا لبرامج الأطفال بالتليفزيون المصري، ثم مستشارا لبرامج التليفزيون بدرجة وكيل وزارة، وفي نفس الوقت تولى إدارة قرية الأطفال “SOS” بالقاهرة، والجدير بالذكر أنه سافر إلى النمسا لدراسة الفنون التشكيلية، كما سافر إليها أيضا للإطلاع على قرى الأطفال “SOS” وما يقدم لهم وكيفية معايشة الأطفال هناك، كما سافر إلى ألمانيا الغربية للتدريب على ما يقدم في برامج الأطفال، ومع كل هذا لم ينس أنه فنان ورسام موهوب، فأقام عدد من المعرض للوحاته، ومن هذه المعارض معرض أقيم في قاعة الفنون التشكيلية بدار الأوبرا المصرية سنة 1996.
كما تم تكريمه كثيرا تقديرا لتاريخه في تقديم برامج الأطفال التي كان يقدمها كتربوي وليس باستخفاف أو مثلما يحدث حاليا من عرض لبرامج وأفلام كارتون للأطفال تزرع فيهم صفات غير طيبة وتدعوهم لممارسة العنف بدلا من تنمية مهاراتهم وتبني مواهبهم، رحم الله بابا ماجد عبد الرازق الإعلامي والفنان والتربوي الذي رحل في يوم 26 ديسمبر سنة 2010، فهو حقا لم يكن مجرد مقدم لبرامج الأطفال بل كان بمثابة الأب والمعلم والموجه لنا في طفولتنا.
Discussion about this post