السفير الدكتور محمود هريدي يكتب عن : القانون الدولي المعاصر
يتميز القانون الدولي المعاصر بمراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية في أحكامه؛ لأن تركيزه امتد ليشمل الإنسان مباشرة، وهو ما يتجلى في حقوق الإنسان المقننة والمنظمة، ويدعم منحها للفرد، بغض النظر عن الجنسية أو الجنس أو الدين أو اللون، حيث تشمل حقوق الإنسان كل ما من شأنه أن يعزز رفاه الإنسان وتقدمه، وتشمل الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا يتطلب تطوير شروطها، وتغيير العديد من قواعدها، وتطوير قواعد جديدة لمواكبة هذه التطورات المعاصرة. ومع ظهور بلدان جديدة، تغير هيكل نظام القانون الدولي التقليدي، ووصل إلى 192 حتى الآن. كما شهد المجتمع الدولي المعاصر ظهور المنظمات الدولية، والدور المتزايد للأفراد والشركات متعددة الجنسيات وحركات التحرر الوطني، ممّا أوجد واقعًا دوليًا جديدًا، ويجب أن يستوعب القانون الدولي المعاصر واقعه ويعكسه في أحكامه. وأخيرًا، لا بد من الإشارة إلى أنه في بداية القرن الحادي والعشرين، يمر العالم بأزمة دولية كبرى، وتتجلى في عدم وجود قواعد القانون الدولي والقواعد الجديدة التي صاغتها الدول المهيمنة.
إن القانون الدولي المعاصر يبدو مختلف عن القانون الدولي التقليدي، سواء من حيث مضمونه أو أشخاصه أو طبيعته أو طريقة إعداد قواعده، وتتمثل أهم العوامل التي ساهمت في إحداث هذا التغيير الجوهري في تطور القانون الدولي أساسا في ظهور أشخاص وكيانات قانونية لا تتمتع بصفة الدولة التي كانت الشخص الوحيد للقانون الدولي إلى عهد قريب، ولكنها تقوم بدور فاعل في العلاقات الدولية وهذا ما يتبين من خلال هذا المؤلف.
والإشكالية المطروحة في ذلك تتعلق بمدلول القانون الدولي العام ومضمونه، والأشخاص القانونية المخاطبة بأحكامه، والمصادر التي ينبع منها هذا القانون، وما هي الطبيعة القانونية لقواعده؟ وهل له علاقة مع غيره من القوانين الأخرى؟ وهل توجد قوة إلزامية لتنفيذ أحكامه؟
يوجد القانون عامة بوجود مجتمع إنساني، لحاجة الأخير إلي قواعد تحكم وتنظم العلاقات التي تنشأ بين أفراده، فولد القانون مع ولادة المجتمع الإنساني، فالقانون الدولي ولد مع ميعاد المجتمع الدولي، وأنطبع بطبعه فجاء القانون الدولي مترامي الأطراف بتفصيلات كثيرة ومتشعبة، نظرا لتشعب العلاقات الدولية وتنوعها ونموها المتزايد باستمرار، ودفع ذلك إلي تطور وإزدهار القانون الدولي وفتحت أمامه مجالات واسعة وجديدة، ترتب علي ما سلف، أن القانون الدولي بات الآن يغطي كافة العلاقات الدولية في المجتمع الدولي المعاصر.
ارتبطت نشأة القانون الدولي بوجود مجتمع دولي، أيا كان تكوينه من أمارات أو ولايات أو امبراطوريات أو خلافة إسلامية تضم في إطارها العديد من الولايات، فالقانون الدولي ينظم الوحدات السياسية التي يتشكل ويتكون منها المجتمع الدولي، والدراسات التاريخية القديمة تدلنا علي وجود العديد من القواعد القانونية الدولية، كانت موجودة في عصور التاريخ المختلفة، ردت في عدة معاهدات دوليه قديمة تؤكد ذلك.
منها المعاهدة التي حفرت باللغة المسمارية علي الحجر والتي أبرمها Eannatum الحاكم المنتصر لدولة مدينة لاجاش مع مثلي شعب Umma في حوالي عام 3100 قبل الميلاد، وقد نصت هذه المعاهدة علي حرمة الحدود، كما نصت علي شرط التحكيم في المنازعات والمعاهدة التي أبرمها رمسيس الثاني فرعون مصر مع خاتيسارعام 1279 قبل الميلاد والتي حررت باللغة البابلية – لغة الدبلوماسية في ذلك العهد – وهي من أقدم المعاهدات التي حفظها التاريخ، وكانت ميثاق لحلف عسكري، تعهد فيها الطرفان بتقديم المساعدة المتبادلة ضد الاعداء، ونصت علي شرط تسليم الفار إلي الأقليم الآخر، وعدد من المبادئ القانونية الدولية.
فالقانون الدولي المعاصر يهتم بتنظيم العلاقات الدولية واحترام المعاهدات ،
والعمل علي تطبيق نصوص القانون الدولي
سواء القانون الدولي الانساني ، او القانون الجنائي الدولي ،
واحترام وتطبيق أحكام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ، واحكام محكمة العدل الدولية ، ومحكمة التحكيم الدولية الحكومية بلاهاي .
Discussion about this post