….. زهرةُ الجامعة التّونسيّة تتفتّح في حديقة اتّحاد الكتّاب :
الشّاعرة ( زهرة القاضي )
مِسْكُ الختام في نشاط
نادي الشّعر هذا الموْسمَ …..
كانت أمسية نادي الشّعر الاستثنائيّة في موْعدها أمس الاربعاء 30 جوان 2021 على السّاعة الثّالثة بعد الظّهر، من أجمل ما يُمكن انْ يُختتم به موْسم ثقافيّ إبداعيّ حافل بالنّشاط المتنوّع في نادي الشّعر ( اتّحاد الكتّاب التّونسيّين ) ، فضيفتنا بُرعُمٌ إبداعيّ غضّ و بكر يتضوّع باطيب الأشذاء في رحاب الجامعة التّونسيّة ( دار المعلّمين العُليا تحديداً )، و مقدّمها لجمهور النّادي هو أستاذها الرّوائيّ الدّكتور ( توفيق العلوي) ، و صاحب الفضل الاوّل في نشر باكو رتها الإبداعيّة ( بتلات ) هو الاستاذ ( منصف الشّابّي) صاحب دار النّشر ( نقوش عربيّة ) التي راهنت على هذه الموهبة البكر و اهدتها إلى القرّاء في كُتيّب مُعفية صاحبته من تكاليف الطّبع ، إذ تولّت هي ذلك مجّانا على غير ما تعوْدناه من دور النٌشر في تعاملها مع المواهب المغمورة. و خاصّة منها تلك التي تكتب الشّعر. امّا أجمل الحاضرين جميعا فكانت والدة شاعرتنا أستاذة العربيّة ( ليلى بورورو ) المُتخرّجة في دار المُعلّمين ( سوسة ) والتي جاءت مصحوبة بلفيف من عائلتها الكريمة و صديقات شاعرتنا الموهوبة…
كانت بداية الامسية بتقديم خاطف لِلشّاعرة الضّيفة يُعرّف الحاضرين بتميّزها في دراستها منذ حداثة سنّها حتّى تخرّجها أستاذة في اللّغة العربيّة هذه السّنة و ناجحة في السّنة الاولى التّحضيريّة لمُناظرة التّبريز ، ف ( زهرة القاضي)
تدرّجت من الإعداديّة النّمودجيّة إلى المعهد النّموذجيّ لتلتحق إثر حصولها على الباكلوريا في شعبة الرّياضيّات بالمعهد التحضيري ، ثمٍ بدار المعلّمين العُليا، و في هذه المراحل الدّراسيّة جميعها كانت من الاوائل. امّا تغيير مسار تخصّصها من شعبة الرّياضيّات إلى دراسة اللّغة و الادب، فقد عللتْه ضيفتنا بحبّها للغتنا العربيّة و تعلّق همّتها بدراستها في قلعة العلم و المعرفة ( دار المعلّمين العُليا)…
إثر ذلك أُحيلت الكلمة إلى ضيفتنا المبدعة ( زهرة القاضي) فرحّبت بالجميع و قدّمت نفسها شاعرة عبر تلاوتها لنصّيْن من نصوص ( بتلات) ساعدت الحاضرين على تكوين فكرة أوّليّة عن توجّهها الإبداعيّ… وقد جاءت مُداخلة الدّكتور ( توفيق العلوي) إثر ذلك شادّة لانتباه الحاضرين ، إذ طفق باقتدار العارف بمطبّات الإبداع ينضو ، على مرأى و مسمع من الجميع، أسرار الجمال في ( بتلات) زهرة القاضي بحنوّ بالغ، و كلّما استنطق بتلة منها تقدّم شوْطا في فهم قول ضيفتنا و تحليله و كشف مكامن الإبداع فيه حتّى لقد تضوّعت كلماته الطّيّبات بازكى و اذكى كلام أسوة بما فاحت به البتلات ملء روحه و روح كلّ قارئ، وقد بدت له نصوص هذه الباكورة نصّا واحدا مُطوّلا تماما مثلما انّ البتلات بقدرما تبدو للعين المُبصرة متفرّقة متمايزة، فهي جميعها تتجاور و تتعالق و تتواشج لتكوّن الزّهرة التي تحلو في اعين الجميع و ينتشون بطيبها… و ( بتلات) “زهرة القاضي” التي وجدها ( العلوي) نصّا واحدا ، كما أسلفْنا ، تبيّن فيها لاحقا ثلاث قضايا أساسيّة مُبرّرا ذلك بورود العنوان ( نكرة) و بكون كلمة ( زهرة) محوريّة في جميع هذه القضايا التي انشغلت بها الشْاعرة ، وهي :
1) زهرة الطّبيعة
2) زهرة البيت الشّعريّ
3) الزّهرة الأمّ
و قد نجح المُحاضر نجاحا لافتا في سبر اغوار نصّ( بتلات)
متوقّفا بإسهاب عند حضور الامّ و معاناتها مع المرض و كيف حوّلت الشّاعرة آلام امْها التي اوجعتها هي نفسها إلى تجربة شعريّة مؤثّرة تقدّست فيها الامّ و تطهّرت فيها البنت الشّاعرة من آثام المرض اللّعين الذي اصاب طفولتها و براءتها في مقتل، حتّى انّها اطنبت في استحضار النّهد المبتور و حلمة الخصوبة التي حكم المرض الخبيث بإزالتها ممّا اصاب الشْاعرة الطّفلة بالرّعب المكين ، فمضت تارة تبتهل إلى الله و تارة تستغفره لانْها، لفرط تعلّقها بامّها في محنتها هذه أحلّتها في مرتبة الإله….
.
و لانّ الشّاعرة ( زهرة القاضي) غاوية للّغة العربيّة فإنّ مُقدّمها ( توفيق العلوي) ، وهو المختصّ في اللّسانيّات ، لم يفُته انْ يتفطّن إلى ولعها هذا فدرس في ( بتلات) اللّغة موضوعا شعريّا عند ضيفتنا و خاصّة من خلال اشتغالها على صورة النّهد و الحلمة و تشبيههما تارة بحرف الحاء، وتارة بحرف الهاء مع ما يستتبع ذلك من تنوّع في معاني الفهم و التْاويل، و هو ما افضى به في آخر عمله الرّصين هذا إلى اعتبار ( بتلات) مفردة في صيغة الجمع…
امّا وقد عرّج على اساليب القول في باكورة ضيفتنا هذه. فإنّ الدّكتور ( توفيق العلوي) لفتته انسيابيّة اللّغة و سلاستها و جزالتها ، كما نوّه بالصّور الشّعريّة الصّادمة التي تؤثّر في المتقبّل مباشرة. خاصّة انّ الشّاعرة أجرتها بكلّ تلقائيّة بعيدا عن التّصنّع او الافتعال و المبالغة…
و كانت خلاصة قوله في مادرس من ( بتلات) زهرة القاضي
اعتباره إصدارها هذا خطوة ناجحة في الإعلان عن نفسها شاعرة تخطو خطواتها الاولى باتّزان ملحوظ ناصحا إيّاها بضرورة مراجعة نصوصها قبل إعطاء الإذن بنشرها حتّى تنجوَ من الاخطاء المطبعيّ منها و غير المطبعيّ. وقد بدا وهو يختم مداخاته القيّمة هذه مُرتاحا و فخورا بدوره كأستاذ يكتشف موهبة حقيقيّة بين طلبته فيمدّ لها يد المُساعدة و يُعرّف بها خارج اسوار الجامعة….
في اعقاب محاضرة الدّكتور ( العلوي) المُستفيضة فُسح المجال امام الشّاعرة الضّيفة لتقرأ المزيد من نصوص باكورتها ( بتلات) فتخيّرت عناوين كانت كافية لتحفّز الحاضرين على التّفاعل معها و مع مقدّمها. و كان المتدخّلون
هم تباعا الشّاعر الاستاذ ( حسناوي زارعي) و الشّاعرة الدّكتورة ( مفيدة جلاصي) و الرّوائيّة الاستاذة ( حبيبة المحرزي) و الاستاذ المبدع ( احمد الحاجّي)، والمهندس الشّاعر ( محمّد صدود) ،و الرّوائيّة الأستاذة ( مُنى البريكي) ،و جميعهم أثنوا على جهد ضيفتنا الغضّ في خطاها الاولى في طريق الإبداع منوّهين بجزالة لغتها و بنبرة صوتها الخافت في الشعر و باحتفائها بشعريّة التّفاصيل ،و بتنكّبها المواضيع الكبرى الصّاخبة المُجلجلة و انحيازها إلى كلّ ما هو حميميّ ذاتيّ هامس ، شخصيّ و عائليّ ، بل و إلى ما هو عابر اساسا تعرف الشّاعرة الواعدة كيف تصوغ منه الجوهريّ من المعنى سواء أنشدت او توسّلت السّرد ، فهي هنا و هناك مبدعة أصيلة.
………. عبد العزيز الخاجّي……….
Discussion about this post