حكمة الوَرع
تهافت الإلحاد
قراءة استقرائية في كتاب “فلسفة التدين”
للدكتور حبيب فيّاض
بقلم الدكتورة: بهيّة الطشم
بإسم الفلسفة ( محبة الحكمة) وأم العلوم ؛ وانطلاقاً من حقّنا الانساني المتميّز بالتفكّر والتأمل نستقرىء في بعض العناوين كمرتكزات أساسية في عالم الخير الأسمى الله جلّ جلاله.
ولعلّ الخوض في غمار التديّن قد لا تحدّه كلمات ولا تتسع له الموسوعات…وتأتي مقاربتنا الفلسفية هذه في اطار محاولة متواضعة للامساك بزِمام جوهر ولدُن حكمة الورع.
فالانسان “كائن ديني،” كما أنه( كائن أخلاقي.” والعقل هو الطريق إلى الله على حدّ اعتبار رائد المذهب العقلي ديكارت.
ولا غرو في ذلك فالتيولوجيا
theologie
عموماً تنطوي على المعاني الروحانية العميقة ؛ وممّا لا شك فيه ان الفضل الاساسي في ارساء القِيم الانسانية وتكريسها يرجع بأساسه الى جوهر الدين الذي يرتكز على شرعة المبادىء الاخلاقية؛ والتي بدونها تغدو حياتنا غابة لا تُراعى فيها أدنى الحقوق الانسانية.
اذاً….يستهوي فضولنا البشري البحث في ما هو أعمق من الاعاميق المعهودة ونحاول أن نستقطف براهين إيمانية عن الصلة المحرّكة للكون….فيكون الحُب هو الملموس الأول والأخير…
إنّنا نحتاج إلى منظّم العالم ؛ مدبّر الكون وكذلك لأن نحتك بنوره لنتدرّج في التسلسل السعادوي المندرج اليه بدءاً من السّعي لاستكشاف ماهيته بحصافة ووصولاً لإدراك أنّ وجوده هو عين ذاته.
يصوّر لنا كاتب ” فلسفة التدين” الإيمان كمركز الثقل والحقيقة الأحق في تحقيق الاطمئنان للانسان..مستنداً في ذلك على آيات بيّنات من الذِكر الحكيم في معجزة رسول الإسلام محمد(ص) ألا وهو: القرآن الكريم؛ وكأنّنا بصدد سعادة الاطمئنان المنطوي على الايمان أو التديّن الايجابي كما ورد في الكتاب المذكور…في أكثر من موضع..
اذاَ تتمحور فلسفة التدين حول ثلاثية الله/ الانسان/ العالم
ونستشرف من لدُن معانيها تأكيد الكاتب والضليع في الحنايا الفلسفية….بأنّ الحاجة اساسية جداً لضرورة الاعتقاد بالله ….لأن العكس أو عدم الاعتقاد بوجود الله سينتج عنه ثغرات عقلية ومنطقية وسيُفضي إلى معضلات الفراغ التفسيري والذي سيضعنا أمام مجموعة هائلة من الأسئلة والاشكالات العقلية…
ولعلٍنا هُنا نستذكر قول المفكّر وليام جيمس:” إن التجربة الدينية قطعة حيّة من الواقع وأنها تجمع بين الفلسفة والخلاص…قلق من العالم الأرضي وخلاص يُستبان في طموح الأنا إلى ما هو أسمى….يعيش الانسان على الارض ويتطلّع إلى السماء…وهذا دفع لعجلة التقدّم وإذكاء لحيوية البشر وبثٌ للأمل في النفوس.”
وفي الخلاصة يُلقي الكاتب الضوء السّاطع على محور أساسي ألا وهو : علاقة الله بالإنسان؛ حيث يحفر في الطبقات العميقة للنفس ويُسبغ عليها الطمأنينة ليؤكد على ان الدين في المحصّلة هو طريق المؤمنين للوصول الى الله؛ ذلك ان الله حاضر بجماله وجلاله عند سائر الخلق…
ومعرفة الله من حيث وجوده ووحدانيته وماهيته وصفاته وأفعاله هي قطب الرحى للمعرفة الفلسفية والدينية على حدٍ سواء.
وفي النهاية نلتمس حكمة باهرة ألا وهي: أن فلسفة التديّن الايجابي هي الوسيلة لتحرير الانسان من ربقات التعصّب والتطرّف وتعزيز التفاعل مع الآخر والقائم على احترام الحريات..
ويخيّل إلينا ان الرسالات السماوية هي كذُرى الجبال المتلظية والتي تراقص رؤوس الأشجار….فنتذوّق حروف العبرة فيها وتلثم أعيننا إيقاعات الحكمة في حناياها….، ذلك ان الايمان الحق هو الشعاع الساطع في شمس اللانهاية….اذ نحظى عبره بسعادة روحية نازلة من السماء….
Discussion about this post