حوار لينا إسماعيل :
” بعد السنوات الطويلة تغيب حرارة الأسئلة، لتطل لنا تلك الأجوبة التي سكتت على مقولاتها، بحكم ما ذاب من الكثير، تحت التفاصيل التي تلفت مع المتغيرات، وتجاوزتها المستجدات بكثير ”
بهذه العبارات بدأ المؤرخ والروائي العربي السوري فضل عفاش إجاباته على باقة تساؤلات طرحتها صحيفة الرواد نيوز المصرية ، من وحي عناوين بارزة لمسيرته الأدبية المفعمة بالجدل بعكس هدوء ملامحه، والأصداء التي حظي بها نتاجه الإبداعي الذي يفوق 14 عملاً روائيًا ترجم أغلبها إلى عدة لغات عالمية في الأوساط الثقافية والفنية والإعلامية، وذلك قبل عقد ونيف، وما أحاط بها من معارك قضائية أخذت من عمر هذا الكاتب ابن الجولان الأبي وهو يبحث عن حقه الأدبي .
ماهو مصير مسلسل الفرار إلى جهنم ؟*
* تناولت الصحافة العربية قبل عقد ونيف تفاصيل انطلاق تصوير مسلسل ( الفرار إلى جهنم ) المقتبس عن قصة حياة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والذي قمت بالإعداد الدرامي والسيناريو له و كان مقررًا له أن يكون جاهزًا للعرض في رمضان 2011 ، ماهو مصير الجهود التي بذلتها لتسجيل سيرة حياة العقيد الراحل معمر القذافي بعد اللقاء به وبأخته وبمسؤوليين ليبيين، وزيارة ليبيا من أقصاها إلى أقصاها حينها ، وهل سيظل هذا العمل الدرامي حبيس الأدراج بعد المستجدات الراهنة ؟
– مسلسل / الفرار إلى جهنم / على حجمه ووزنه العربي والدولي كان له وعلى المستوى الفني الثقافي في العالم
العربي أن يحرك الساكن ويقول قولته في سكوت الدراما العربية على عمومها عن القيمة النفعية المؤثرة التي
تحتاجها المشاهدة التلفزيونية في أخذ الإنسان العربي لأوضاع فكرية وثقافية وحياتية تنكشف فيها الرؤية العمومية في المشهد العربي
المتعثر من شديد زيفها وخنوعها السياسي على وجه الخصوص ، إلى واجهة
الحقائق الكبيرة في طموحاتها العريضة والصادقة في أن تواكب الثقافة العالمية بثقافة عربية عارفة تؤكد على وجودها، وجُودِها وموجودها .
إلا أن أحداث العقد الأخير من الزمان على العالم العربي حالت دون إنتاج هذا العمل، الذي سجل أحداثه في كافة العواصم العربية، ودافع عن كل المتروك والمهمش في حياتها .
مسلسل / الفرار إلى جهنم / المأخوذ عن قصة ( الفرار إلى جهنم ) للراحل الزعيم العربي الليبي العقيد معمر
القذافي.
رحم الله القذافي،
وطيَّب لليبيا وشعبها العزيز الكريم المضياف العظمة والبقاء.
من دمشق البداية إلى أصقاع العالم
* كتبت الرواية وقبلها القصة القصيرة والترجمة والتأريخ ، باختصار تعاملت مع كافة صنوف الأدب، فماذا يعني لك هذا التنوع ؟ وكيف كانت البدايات ؟
-الأدب تحت لفظته المرموقة، وفطنته المحقوقة على صور القيم وتعظيماتها من عزيز ذوات تدرجاتها على أعبث وأبعث
تفاصيلها، وإلى ذروة هياماتها في جليتها على كامل كليتها، لقيام نهائي لا تحتاجه البدايات الكفيلة ولا البدايات البديلة، يتباين في
جلال المظهر اللائق من مظاهر جلال البقاء في أمة من الأمم.
تحت هذا المعنى الجليل لهيبة وحفاوة الأدب في أمة غير مستعصية على مزامنته في بيان أمانيها وبيان مخاضاتها فيه، لحلم
فيها يحصنها من الوهن ويزهو بها على قوة تستهديها الأمكنة فيها ولاتستجديها. كان علينا أن نخوض في غماراتنا العابثة
منها والباعثة للنيل من حفاوة فطنة هذا الجلال، والظن بالفوز الذي قد يأخذنا في أمة العرب لنجاة، فنزلنا بعد العظيمة دمشق
بالعاصمة العربية على شرقها وغربها، نذوب تحت اجتماعها وثقافاتها على انكساراتها وتطلعاتها في أصغر وأكبر ساحاتها
ودواوينها ، نذوب إلى أهلها على ليلاتهم ونهاراتهم ، فتأخذنا حتى تخومها لنقرأ من عيشها عيشنا ونطلب على حاجة من هيباتها
،هيبة لأحبارنا من أخبارها،فكان لنا منها ودها ولسانها، فعرفناها الرجالات الأمة والأمة الرجالات، فترجمنا لها السير الأدبية
والفكرية، وفي القصة القصيرة وفي الرواية وأرخنا لها المئويات التاريخية والسياسية في حياتها من تاريخها الاجتماعي
الثقافي على منقوله وموروثه،وسجلنا لها الملاحم السينمائية والتلفزونية والغنائية في ساحاتها الدرامية على أرفع طراز نرجوه
لها .
والذي وصلنا به إلى جل الأصقاع العربية من مدينة القوارب على ضفة نهر السنغال في موريتانيا إلى شواطئ موروني
بجزر القمر إلى ساحة محمود الحربي بوسط جيبوتي العاصمة إلى ميدان السويحلي بطرابلس الغرب وسوق الحوت ببنغازي
البديعة فإلى نهج النار بجوف تونس فإلى الزنقات العريقة بالقصبة الجزائرية فإلى الخزيرات بالمملكة المغربية فإلى جسر
الملك فهد بالبحرين وإلى منهاتن بقطر قبالة الشواطئ القطرية فإلى مطرح العمانية وجبل الصبر التعزي فإلى حديقة الخور
في دبي الإماراتية فإلى حي البشتيل القاهري والوحدات الأردني وحولي الكويت ومخيم عين الحلوة بلبنان.
مؤلفات ترجمت إلى لغات عالمية
* من خصوصية أعمالك الأدبية أنها ترجمت للعديد من لغات العالم هل لنا أن نلقي الضوء على بعض منها ؟
– من الأعمال الصادرة التي نقلت إلى لغات أخرى
_وكذلك (مذاق الحلم ) وهي ملحمة روائية _دارالحق_بيروت 2001 نقلت هذه الرواية إلى الفارسية_مؤسسة آثار الإمام طهران إيران 2002 .
و ( الزمن الذي لا يعود) رواية عن قصة حياة زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية للراحل الأمام الخميني في حياة عربي. _دارالروضة_بيروت لبنان1990، نقلت هذه الرواية إلى الصينية _وزارة الثقافة الصينية بكين1997 .
( ثلاثية روائية
ّ
(الماضي يبدأ غدأ )_ دار إفريقيا العالمية_فيينا_
النمسا1991 .
_الطبعة الثانية_دارإفريقيا العالمية _القاهرة مصر_مطابع العالم العربي _الفجالة 1992
_الطبعة الثالثة دار إفريقيا العالمية_روما إيطاليا2002 .
_الطبعة الرابعة دار إفريقيا العالمية فاليتا مالطا 2002 .
نقلت هذه الرواية إلى الإنكليزية والفرنسية والصينية والإيطالية والمالطية.
(وطن في السماء)
– رواية_دار الأمة _دمشق
سوريا1987. نقلت هذه الرواية إلى الصينية وزارة الثقافة الصينية _بكين1997 وغيرها .
( قسمًا بالنازلات) مئة ساعة درامية عن مئوية تاريخية للجزائر
* أعمالك الأدبية الحاليّة (إن وجدت) في ظل التحديات التي واجهتها على الصعيد الشخصي، والمستجدات العربية الراهنة ؟
– تحت ( إن وجدت ) هذه المحاطة بقوسين، وقد طالها الظن لديكم بإمكانية عدم وجودها من خلال مايطفو على السطح في عالم
الثقافة العربية من القراءات العامة المواكبة للظروف القاهرة والصعبة التي تمر في حياة الأدب من حياة الأديب العربي ، نقول : بين الإمكان والفقدان ومع كل القراءات المواكبة قد يكمن، وعلى يسر السؤال القاصم على واحدة من الغصات الثقيلة، التي تواكبنا وتجهد تحت اليقين كاهل الثقافة العربية على آخر أحوالها من أحوالنا العمومية، والخاصة على غصب فيها لا يطاوع، وقد لا يطاق في أغلب أحيانه، والباعث بجدارة للجميع بأحاسيس المغادرة، تحت هذا في القصد يمكننا أن نقول وعلى المّرات الأخيرة مما قلناه في المرات الأولى.
إن الحال المعرفي الثقافي الفكري لأمة قد يتأخر عن ساحاته ما إن نزحت عن بريقها ووهجها وتأملاتها، إلا أنه سيظل يستمد لها من ذاكرة الأمة العمومية ما قد يبدله لوجود جديد، ففي ذاكرة الأمة العمومية التي طالتها من الماضيات الأسبقيات بسنوات البحث والمتابعة، وبسنوات الجهد والمثابرة ، والتي لازالت محفوظة عن النسيان، وغير قابلة للنضوب من بيان لنقصان، يمكن للأحوال أن ترتفع عنها لأحوال جديدة، ما إن واكبتها عزيمة الأدباء فيها، وقبولهم على الخروج بأجندات فاعلة من ظروفهم الصعبة، للآمال بوجود أجندات جديدة ترفع سوداويات الأحوال العامة لمجريات واعدة.
فكيف لنا أن نذوب على عمرنا تحت أمنيات الثقافة فينا، ونرتفع لها في ساحاتها، وننازل في طموحاتها العريضة، طموحات العالم وحضورها على حضوره، وكانت لنا الثقافة العربية بلسانها، ورجالاتها المفعمة بالدواوين اليقظة والفخورة الراسمة لأخلاق هذا العالم ! فمن أعمالي الجاهزة للإنتاج مع العام 2024 م ( قسمًا بالنازلات ) وهو عبارة عن ملحمة درامية تلفزيونية ، وقع لنا منذ مدة أن حظينا بمكاتبة فخامة رئاسة الجمهورية في الدولة الجزائرية ووضعناها على الصورة التي نتمناها في تحقيق إنتاج هذه الملحمة الكبرى في تاريخ الأمة الجزائرية التي اشتغلنا فيها على مئة ساعة تلفزيونية درامية عن مئوية تاريخية لنا سجلناها عبر السنوات بكثير من الجهد في التأليف والتأريخ بوثائقية اعتمدت على كبريات المكتبات العربية والعالمية، وننتظر بكبير من الصبر تعاونها، وهي الجديرة بتقدير الأعمال المخلصة لمستقبل الجزائر .
ّ
غزة الجغرافية لا جغرافية عادلة لها
* توصيفك ككاتب ومؤرخ لما يحدث في غزّة النازفة ؟
– تحت أّي أخذ وردّ يفلت سهواً ما قد يكون من غير الحسبان، وغالبًا ما تدفع الضحية نفسها الثمن الأكبر عليها من المقاصد فيها، وفي غير المقاصد عليها، غزّة الجغرافية وقبل السابع من أكتوبر بكثير لا جغرافية تُرسَم لها عادلة في عالم يقوم بالأممية، ويقول
بالمتحدة، وفي الحقوق والحريات والإنسان.
لا جغرافية لها حتى في أحق حقوقها الصغيرة قبل الكبيرة بممتلكاتها المكانية
اللصيقة بها عبر ميراثها الجغرافي الممتد لها من عصر التدوين بعينه. بحرها البديع ليس لها، مضبوبة غزّة بقهر عن
ملوحته، وعن اللون في زرقته، ومن المسافة الطويلة المخلوقة لمدّه وجزره، مضبوبة غزة بالغصب عن أرزاقه وعن الاستمتاع
بعذوبة الفرحة بأمواجه، ومقزمة تحت الفعل حتى الأعراف الدولية عبر محاكمها في حساباتها غير الرياضية بجمعها على
مجاميعها في ضرب حتى القسمة الأخيرة من حصة غزة المترية، البحرية، الطبيعية بمياهها الإقليمية. غّزة التاريخ وقبل الآن بكثير ، التاريخ الأممي المتأخر يرسم لها القصير من طويلها، ويستبدل الباقيات لها بغائبات مفترضة ليزيحها لحياة فيها غير منصفة. غزّة السماء المفتوحة تحجب عنها حرياتها، والروح فيها تطالها الإغلاقات المقدرة، وعلى إنسانها أن يظل النازح منها
إليها، غزّة الهيبة والجمال، والبيوت الرفيعة المتمدنة، العريقة الأصيلة من يأمرها الآن لتحيا حياتها الكاملة تحت تحتها، ويأخذها
تحت التخمين في أن تذهب أوتذهب. غزّة هذه الهيبة كلها على الفاجع من المفجوع، وعلى الواجع من الموجوع، وعلى ذلك
الراجع بعد حين غير أبدية بلا مرجوع، تتعاظم فيها الآن كل الصور الفائقة في البقاء، ستظل تحت تحتها ، فوق كل الفوق ، الغزة من هذا العالم المنحاز لمن ؟ !!!
Discussion about this post