وداعاً الشاعر الصديق السيد
شاعر تسكنه شياطين الشعر ٠٠
و من حرافيش الأدب ، كم كنا نتلاقى على مقاهي كفر الشيخ و في نادي أدب قصر كفر الشيخ القديم في ثلاثية :
شيخ الشعراء محمد محمد الشهاوي و الشاعر الإنسان المرحوم ممدوح المتولي ؛ و هذا الشاعر الراحل الذي تسكنه شياطين الشعر السيد حسن غازي ٠٠
و من تواضعه الجم يستحي أن نناديه بكلمة شاعر و هو الشاعر الرصين المغني الحزين ٠٠
” توقظ الأشواق يا صاح
فأنا المغيب بين أقداحي
وأنا المفجع حينما أمسي
وأنا المفزع كل إصباح
فروايتي ف متن عاصفة
وسكينتي ف مهد أشباح
ارويه زهر الود وا اسفا
واريجه يرتد عن ساحي
يامن جعلت الروح مسكنه
ماضرني والهجر مجتاحي
آ آ هو بعد وليس منقطعا
عماانقضي قلمي واللواحي ” ٠
( من قصيدة : هذا أنا )
= قال عنه صديقه المقرب الشاعر الكبير محمد الشهاوي :
” رحيل الشاعر السيد غازي خسارة فادحة للشعر ” ٠
* و قال عنه الشاعر الراحل محسن الخياط : «لقد وُلِدَ عقادٌ جديد فى كفر الشيخ».
* و قلت عنه :
” السيد غازي شاعر تسكنه شياطين الشعر و قد أتي إلينا من وادي عبقر يجر عباءته الثكلى إلى المدينة على حين غفلة ” ٠
( السعيد عبد العاطي مبارك )
٠٠٠٠٠٠٠٠
” هذا الملف إهداء إلى صديقي الشاعر الغنائي اليمني د٠ صالح باظفاري الذي ألف شعر الشجن و الشكوى برغم نوبات الغناء في بحر الغزل ٠٠ “٠
مازال مسلسل الموت لرحيل الشعراء مستمرا يحصد خلاصة تجربة شاعرنا السيد غازي وجهة الشعر في كفر المبدعين – كفر الشيخ – فالسيد غازي و أخوه إبراهيم غازي توأمة الشعر و جناحاه المغردان في هذا الإقليم الجميل ٠٠
* نشأته :
======
( ١٩٥٨ / ٢٠٢٤ م )
نشأ شاعرنا الراحل السيد حسن غازي في محافظة كفر الشيخ ٠٠
في ظروف صعبة و قد عاش مثل الشاعر البائس عبد الحميد الديب و شعراء الحرمان صالح الشرنوبي و التيجاني يوسف بشير و غيرهم كثيرون ٠٠
و لكن شاعرنا عان مرارة الفاقة و الفواجع معا
لكنه سطر قصائد قلائد من ذهب تجعله في صدارة ديوان العرب مع العملاقة و أساطين الشعر عن جدارة ٠٠
فهو ترك التعلم الأوليّ منذ نعومة أظفاره
خلال مدرسته وهو فى الصف الرابع الابتدائى، ليلتحق بالعمل فى دكان أبيه، ويخلفَه فى صناعته «نجارًا»، وكأنما طرقات «الشاكوش» تحولت فى أذنيه إلى تفاعيل «الخليل الفراهيدى»، التى وضعها بدوره على أساس طرقات النحاسين، فتكونت لديه الذائقة الموسيقية والتى ساعد فى ترسيخها هُيام والده بكوكب الشرق، وإدارة المذياع على أغنياتها ليل نهار فى المنزل والورشة.
وهنا أدرك الصبى «السيد غازى» لوثة الشعر، فلم يلبث أن هجر العمل إلى الملتقيات الأدبية، وكبر السيد وكبرت معه موهبته، وازداد إعجاب مخالطيه يومًا بعد يوم بهذا الشاعر الذى يكتب الفصحى دون أن يلحن فى وزن أو ضبط نحوي، رغم أنه لم ينل حظًا وفيرًا من التعليم الذى يؤهله ليكون ضليعًا فى اللغة والعروض، وهو الأمر الذى حدا بالشاعر الراحل محسن الخياط أن يقول عنه: «لقد وُلِدَ عقادٌ جديد فى كفر الشيخ».
وبعد إصداره ديوانه «قطرات من طوفان الغربة»، و«الوجه الهارب» عن هيئة قصور الثقافة ٠
عاش لحظات غيوم الحزن التي نغصت حياته ٠
تزوج شاعرنا و رزقه الله بولدين ٠٠ «شادي» و«إسار» ٠
وفى ظهيرة يوم قائظ خرج «إسار» الصغير يلهو أمام منزل أسرته وعاد لينتفض فى حجر والده، الذى لم يملك رغم محاولات الأطباء دفع الحمى عن الفتى اليافع ليختطفه الموت من بين يديه، وينشد السيد الشعر الحزين فى ولده الراحل، وكأنما الحزن أبى أن يفارقه، منشدًا كلمات «هذارة.. كالويل رامية كالرعد.. كالطوفان.. كالنار»،
ثم تتوالى الأحداث و يتعرض نجله الآخر «شادي» لمحنة ألقت به خلف القضبان، ليزداد حزن الشاعر ويتسع حجم المعاناة لينطلق بلبلًا صداحًا وحسونًا مغردًا بأعذب الأشعار.
و أخيرا تحدث صدمة أخرى بشقاق زوجته و كأن الحزن و الحرمان ملازمان له بل عنوان ٠
و كنت أتردد عليه و نجلس على المقهى نتناول سندوتشات الفول و الطعمية و نشرب الشاي و يتناول هو القهوة و يرفض أن أدفع مرة الحساب ممازحا كفاية عليك أجرة السفر و المشقة و يسمعني كلما رأيته قصيدة ( ا ب ت س ا م ) ثم يبكي و يضحك ٠٠٠ الخ ٠
و معه الصحف و المجلات و بعض الدواوين ٠٠
كان خجولا بشوشا متواضعا يضع رجل على رجل جلسة شاعر العراق الزهاوي ٠٠
كان متأثرا به و بحياته و فلسفته ٠٠
و كان قبل عصر الهاتف المحمول أسأله عن موعد وصول شاعرنا الشهاوي في القطار فيجيب شارد الذهن مطبلا على التربيذة وصوت معلقة الشاي و الصنية و الأكواب تهتز تصنع موسيقى على صدى كلماته :
( لا تقلق على الشهاوي فهو لركوب القطار غاوي و أهو إحنا جالسين على القهاوي و بنشاهد البلاوي ٠٠ ) ٠
ثم يمر علينا الشهاوي إزيك النهردة يا سيد
ثم نترجل إلى نادي الأدب و ينضم إلينا الشاعر الجميل و الإنسان المرحوم ممدوح المتولي و كلاهما أصحاب ضحكة و مساجلات مع بعضهم في طيبة و حب و عفوية رحم الله هذا الزمن الصافي بلا منافع و مظاهر غيرت النفوس ٠
* من إصداراته:
==========
= ديوان «قطرات من طوفان الغربة» ٠
= ديوان «الوجه الهارب» ٠
عن هيئة قصور الثقافة ٠ ٠
ومنذ الميلاد في أغسطس ١٩٥٨ وحتى رحيله بالأمس يوم الخميس الموافق ١١ من يناير ٢٠٢٤ م ٠
يعيش السيد حسن غازي، داخل حجرة بالإيجار بحى القنطرة البيضاء بكفر الشيخ، في قناعة برغم ما يعانيه من كل صنوف الحرمان ما بين الإهمال والتهميش.
هكذا حال الشعراء المخلصين للشعر بعيدا عن المدح و التكسب ٠
* حول شاعريته :
هذا شاعر ألف الشدو و الغناء الحزن و كم عان من الحرمان لكنه يظل شامخا كالطود العظيم في وجه الأعاصير يترجم لنا نبل أحاسيسه قصائد تنعي حظه في الكون الفسيح بين تجاهل و نسيان و تمرد وحب و انتظار ٠٠
و قد أهداني شاعرنا الكبير و الصديق محمد الشهاوي مجلة إشراقة العدد الثامن عام ١٩٩٧ م ٠
و هو يتضمن قصيدة ( هذا أنا ) صفحة ٤١ / ٤٢ لشاعرنا الراحل السيد غازي تحمل فلسفات إشراقية ذات شجن و حزن عميق نفثات صدره وسوف نستعرضها في السطور التالية ٠٠
وفي العدد السادس من مجلة إشراقة عام ١٩٩٥ م صدر له نص في صفحة ٢٣ / ٢٤ بعنوان ( في معية النشيد ) :
ماذا لو أنك استرحتَ في معيتي
و لو دخلت في عباءتي
وذبت في محبتي
فانتقيتك اصطفيتك دونما البشر
و أرسل النشيد فيك و الوتر
و لو عرفتني ٠٠ ألفتني
وفت كل جامح وجئتني ٠
و في العدد التاسع من مجلة إشراقة عام ١٩٩٨م له قصيدة بعنوان ( طلسم ) صفحة ٦٤ / ٦٥ تبحث عن الوجودية بعد شك و حيرة و يقين في فلسفة راقية يستمدها من معاناة أبي العلاء المعري ، و مأساة الحلاج و تأملات شكسبير و قفشات الزهاوي ٠٠
يقول فيها السيد غازي :
أكون أو لا أكون ٠٠
آية البهاء و الفتون
و نبتة التقي المجنون
خصومي الوجود أو جودي الخصوم
أكون أو لا أكون
أكون
أكون في تحملي ليا ٠٠
و شقوتي بيا
مٌنازلي ٠٠ و قاهري ٠٠ و قاتلي ٠٠ أكون
مذوب العقل في براثن الجنون
و مازج الضجيج بالسكون
و الصوت بالصدى
و لا تحدني رحابة المدى
و لم يحن وداعي الأخير ٠
و قصيدة ( على وتر الانتماء ) صفحة ١٤ / ١٥ ، في مجلة سنابل العدد الرابع ٢٠١٢ م يعزف جراحه و يئن من وجع المستحيل حيث يعاني الحرمان وسط خير بلاده ، و هى ملحمة طويلة يقول فيها السيد غازي :
رافض للأمام
إذ سرت بي مرغما يا جوادي
رافض للولاية
أن تتوجني بتاج العلاء بلادي
و منتسب للرماد
إذا أسكنتني البلاد سماء البلاد
و متشح بالعناد
إذا اجبرتني على الامتثال بلادي
هارب من مماتي
إذا كفنتني يداها
و إن كنت لن أرتضي بسواها
أنا هارب من ثراها ٠
و تساوره الظنون و المحن و النوائب تترى في إطار مسيرته و موكبه المهتز ألما فلم يكد يفيق من وفاة نجله حتى فشلت زيجته، فراح يردد:
“أعرف.. أكتر..أكثر.. أكثر/ أن اليوم الغائم / ثوب حداد يتأهب للمجهول/ أعرف حين يطول الليل على البشرية/ أن الشمس الذهبية/ تتلوى في قبضة غول” ٠
ثم تتوالى المآسي في جعبته مستسلما للرزايا
ليردد لنا على أصداء محنته :
لكأنما الأهوال في جسدي/ تسعي بأنياب وأظفار/ تبغي دمًا ما حف من ضعة/ وأنا عليك معلق ثاري”، ويتساءل: “هل كنتُ نجمًا دونما ألَقِى/ أو نبتة من غير أمطارِ/ أو زهرة إلا برابيتي/ أو جدولًا إلا بأمطارى/ أوفتنة الا بحاليتي/ أو نغمة إلّا بأوتاري؟!.
*مختارات من شعره :
==============
نتأمل هذه القصيدة تحت عنوان ( هذا أنا ) و هى منتهى الفلسفة تجسد ملامحه في هذا الوجود بكل سكناته و حركاته و لحظات الميلاد و صيرورته مع الحياة يتحدث فيها بصدق و مشاعر صادقة صادمة ٠٠
و في اعتقادي المتواضع إذا لم يكتب غيرها لكانت كافية أن تجعله في مضبطة الشعر مع فحوله يقول في مطلعها :
توقظ الأشواق يا صاح
فأنا المغيب بين أقداحي
وأنا المفجع حينما أمسي
وأنا المفزع كل إصباح
فروايتي ف متن عاصفة
وسكينتي ف مهد أشباح
ارويه زهر الود وا اسفا
واريجه يرتد عن ساحي
يامن جعلت الروح مسكنه
ماضرني والهجر مجتاحي
آ آ هو بعد وليس منقطعا
عماانقضي قلمي واللواحي
ياصاح بردي ف لظي ناري
وسلامتي ف كف جباري
وهدي فؤادي ف تحيرة
ونجاة مركبتي بأبحاري
وآري ظلام السر ف عتقي
وتحرري مابين أسواري
وألي النهي يأتون من خبلي
إحلائهم من بعض إمراري
آرايتني والتيه نازلة
تشكوا شديد تأوهي وصدامي
لكانما الأهوال ف جسدي
تسعي بأنياب واظفاري
تبغي دما ماحف عن ضعة
وأنا عليك معلق ثاري
هل كنت نجما دونما ألقي
اونغمة إلا بقيثاري
أوزهرة الأبرابيتي
اوجدولا إلا بأمطاري
آرقت عينك ف دجنتها
فتخثرت ف دمعها الجاري
…إيهن…
آتسال عن مخالقتي
ولدي الجبال الشم آسفاري
سكنت سماء البيد زمجرتي
أبدأ وف الهيجاء أسفاري
أنا رشفة ماذلت عن ظمأ
تشتاقها ف ليلك الساري
وأنا الذي تبغي مصافحتي
فتحيد عن مرماك اغواري
أنا من تود وأنت منتبذ
من جنتي ياكل أوزاري
أنا من تود ولست لي قدرا
أوا يلتقي صحو بأعصاري
أنا من تود ولست لي قدرا
وأنا بعمرك حلو أقداري
هذا أنا
لأ أنت ف شفتي
لغة ولا لحن بقيثاري
وكذا يراعي ف يدي
صخب
وغضوبة ياصاح أشعاري
هدارة كالويل رامية
كالرعد
كالطوفان ٠
***
و في قصيدة رائعة أخرى للشاعر الراحل السيد بعنوان “مرثية الخروج” تحمل حروف مقطعة لاسم محبوبته ( أ ب ت س ا م ) التي تسيطر على عقله حيث ينطلق بنا في عالمه الفسيح يسرد لنا نبضه الشاكي في انطلاقة و انتفاضة يحمله فيها الموج المهاجر إلى اللاوعي فينساب شلالا مزمجرا مغنيا حزينا بين حنين و عذاب حيث يقول فيها :
( ا)
اخْرُجْ ..
إلى أغْرُودَةٍ أخْرَى
رمَاحًا ، أو سِهامَا
اكتُمْ عذابكْ
كلما التَاعَتْ ..
على شَوقِ انتظارٍ للنَدَى ريْحَانةٌ
عَمِّدْ كتابكْ
كلما سقطَ الجِدارُ على الشِّعَارْ
ضَرِّجْ حِرَابَكْ
بالذي أوصَى حَنِينَ النَّهْـر
بالمَوْجِ المُهَاجرِ
تدخلُ البَيْتَ الحَرَامْ
بَرْدِيَّةَ السِّـرِّ
اجْمَعِى وَلَهِي مِنَ الأسْفَارِ
لمْ يُفْلِتْ سُعَارِي مِنْ أُوَارِ العِشْقِ
كىْ تنضُو حَبَائِلها الغَزَالةُ
صَحْوَةٌ تهْوِى على النِّسْيَانِ
لُؤْلُؤَةٌ تُطِلُّ
على صِياحِ الفَجْرِ في الوِدْيَانِ
أنْتِ حَمَلتَ هَذا العِشْقَ
مُمْتَطيًا به مَتْنَ الجُنونِ
كأنَّ سَهْمَ اللهِ
لمْ يَقْرَأ تَضَاريسَ الجِراحِ
كأنَّ هَذا العُمْرَ
مُتَّسَعٌ يُهَيَّأُ للمَنُونْ
( ب)
بلدٌ بلا أهْلٍ
بَيْتٌ بلا عُنْوانْ
فإلى مَتَى تَحْيَا
فى دَمْعَةِ الأوْطَانْ ؟!
هى نَوْبَةُ التّرْحَالِ والتّضْيِيعِ
إليْكِ تَرْحَالى
ومِنْ مِيلادِكِ المَحْفُوفِ بالأَزْهَارِ زلزالى
ألقَى الظلامُ عَليَّ بُرْدَتَهُ
فَمَا قَدْ عُدْتُ أعْرِفُ مَنْ يُحَالِفُنِى
وَأجَّجَنِى بصَهْدِ العِشْقِ
يا اللَّهُ
إنّى أنا الفَرْدُ البَهَاءُ
أنا البَهَاءُ الفَرْدُ
أُصْعَقُ بالرّحِيلِ ولا أمُوتُ
وأُجْتَوَى بالعِشْقِ
يَفْجَؤُنِى العَذَابُ ولا أبُوحُ
وَلا أمُدُّ يَدًا لِحَيّْ
فَرْدًا أراكِ
وَلا سِوَاكِ هَوىً
يُرَتِّلُ سُورَةَ الدّمْعِ البَهِيّْ
فَرْدًا أرَاكِ
وَلا سِوَاكِ أسَىً
يُسَافرُ فى احْتِرَاقِ البَائِسِينْ
وَأنا المُبَادرْ
وَأنا المُغَامِرْ
وَأنا المُطَالبُ للجَمِيعِ
بِمَا يَلِيقُ مِنَ الرَّغِيفِ إلى النَّبِيذِ
بِمَا يَلِيقُ بشَمْسِ حُرِّيَّهْ
( ت )
تَبْقِينَ
يُؤْلِمُكِ التَّذَكُّرُ في لياليكِ العَصِيَّةْ
أو يُهْلِكُ التَّرْتِيلُ سَائِبَتِي
صَوَاعِقُكِ الشَّهِيَّةْ
فى صَيْحَةِ الوَرْدِ الخَفِيَّةِ
صَرْخَةِ الألمِ النَّبِيلْ
وَيْكِ !!
اكْتُبِي جَسَدِي
على فُرُشٍ مِنَ الزَّيْفِ العَلِيلْ
فَأُرَى مُنَازَلةَ المُحَالِ
أُرَى هُبُوبًا قاتلا
وأُرَى جُمُوحًا
أَطْلَقَ العِصْيَانُ ثَوْرَتَه
وأرَّقَهُ التَّوَغُّلُ
بين أوجاعِ الحقيقةِ والسَّرَابْ
فإلامَ تُعْقِبُنِى المَهَالكُ
والمَمَالكُ
والحِرابْ
لا صَحْبَ
في الصَّحْبِ الذين تفرَّقُوا
أو فَرَّقُوا لحْمِي
أغَنِّى لَسْبَةَ الأفْعَى
الوُلُوجَ إلى السَّماءْ
وأموتُ مَوْتًا لا يُفَسَّرُ
لا يُقَدَّرُ ..
لا يُسَارعُ نَحْوَهُ الزُّعَماءُ
إنّي قاطِفِي مِنِّي
لأُرْجِعَنِي إليّْ
أتُرَاهُ يَعْلَمُ فَائِتِي
أنَّ الذي يَنْدَاحُ مِنْ صَوْتِ المآذنِ
ينتقِى دربًا إلى الأُمَرَاءِ
قَبْلَ الرَّايَةِ الغَرَّاءِ
قبلَ الجُنْدِ
قبلَ الشَّعْبِ
لَسَوْفَ يقتلكَ المُرُوقُ
وأنْتَ تَدْخُلُ في الغِيَابْ
( س )
سَيْلٌ مِنَ الأرَقِ المُسَهَّدِ
والمُمَدَّدِ
صَائِلا وَجْهَ السَّحَابِ
تُرَاكَ تُقْتَلُ مَرَّتَيْنِ
ولا يَهُبُّ على دِمَاكَ سِوَى التُّرَابْ
الآنَ أبْحَثُ :
كيفَ أُخْلَقُ آيةً أُخْرَى
فأَقْرَأُ في مواثيقِ الفَجِيعَةِ
يكتبونكَ في القطيعةِ
يكتبونكَ في احْتِجَابِ الطَّلِّ
فى أسَنِ البِحَارِ
وفي فِرَارِ الشَّمْسِ
منْ عَيْنِ النَّهَارِ
وفي سُقُوطِ العِشْقِ
من مِيزانِهِ الكَوْنِيِّ
فوْقَ مَجَالِسِ”الويسْكِي”
وأرْصِدَةِ البُنُوكِ
ويَكتُبُونكَ في الصَّحَائِفِ
واللوَائِحِ
والصُّكُوكِ
ويَكتُبونكِ مِنْ زُنَاةِ الأرْضِ
لمْ يَدْرُوا
بمَا صَنَعَتْ بكَ امْرَأةُ العَزِيزِ
وفي انْدِلاعِ شرارةِ الثُّوَّارِ تُكْتَبُ
في انْتِقَادِ العَهْدِ تُكْتَبُ
في قَوانينِ الجَريمَةِ والعِقَابِ
لَسَوْفَ يقتلكَ المُرُوقُ
وأنتَ تدخلُ في الغِيَابْ
يا أيُّهَا الصَّبُّ المَشُوقُ
المُسْتَفَزُّ بعِشْقِه العَفْوِيِّ
هُمْ يكتبونكَ
كلّما أعْلَنْتَ أنّكَ لا تُريدُ
سِوى انْتِمَائِكَ
للخُرُوجِ مِنَ الغِيَابْ
( أ)
إنّي لأعْجَبُ !
كيْفَ ذَاكَ الصَّدْرُ يحملُ نافِرَيْنْ
صُبْحًا من الأنْدَاءِ
والسَّيْفَ الذي قتَلَ الحُسَيْنْ
( م )
من أينَ تبدأ ؟
من رذاذ الحُلْمِ تبدأ ؟
من فَنَاءِ العُمْر تبدأ ؟
من مُكابَدَةِ الوُصُولِ ..
إلى الخُيُولِ الجَامِحَة
ْفاقْرَأْ عليْكَ الفاتِحَةْ
من أيْنَ تبدأ ؟
من زَواجِ القَهْرِ ..
بالصَّدْرِ الذي يَتَكتَّمُ الأسٍرَارَ تبدأ
من صَهِيلِ جِيادِ مِيلادِ البُطُولةِ
من صُراخِ الحُلْمِ تبدأ ؟
من هُتَافِ الدَّمْعِ تبدأ
من صَلاةِ العندليبِ
ومن سُهادِ الأنبياءِ
ولا تريد لك القصيدةُ ..
أن تكُفَّ عنِ الوُلوج إلى البُكاءْ
أوَكُلَّمَا سكنتْ طيورى وكرها
أوَكُلمَا رشقتْ قرنفلتي ..
بعيدَ سمائها
أتوسَّدُ العشقَ الضّلالة ..
والوُعُودَ الكاذبةْ
جسدًا تخطّفه ..
مناقيرُ الطيور الذاهبة
أتُرى انكساري ..
أم تُرَى وجعي المقدَّس ..
وانْشِطاري
يَسْتبيحُ نَدَاوةَ الرُّؤيا ..
فيجرحنى الغناءْ
لأنتَ أحْلى ما تجَلَّى من بَهاءْ
لأنتَ أحْلى
ما تَجَلَّى
من بهاءْ
رحم الله شاعرنا السيد غازي و يظل ذكره خالد بأعماله في سجل الخالدين ٠
Discussion about this post