بقلم عصمت شاهين الدوسكي
حينما أكتب لا أخص ولا موجه لفئة بل كتابتي بشكل عام لسمو وارتقاء الإنسانية ،في كل دورة زمنية تطل على الناس صور شخصيات متكررة وصور جديدة ومنافسات على أرصفة الشوارع مختلفة الأحجام والألوان الزاهية يتنافسون على الأمكنة والكراسي ،يطرأ على ذهن المشاهد تساؤلات وهو يشاهد هذه الصور الكثيرة والصراعات الظاهرية ، يا ترى هل هذه الشخصية ذو كفاءة ..؟وماذا قدم في الدورة السابقة ..؟ وماذا سيقدم في الدورة القادمة ..؟ هل هو بقدر هذه الأمانة التي يحملها ..؟.وإذا استندت الأمانة إلى غير أهله إلى من لا يحمل الكفاءة اللازمة لها ، هل ننتظر بعدها الساعة ..؟ عندما اسند الأمر إلى أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي كرم الله وجهه كانوا يبكون ويقولوا ” يا ليتني لم تلدني أمي ” .
ما بالهم يتنافسون الآن، هل المسألة برمتها تدور حول المنصب والكرسي بعيدا عن الناس ، هل الأمر شخصي بعيدا عن المجتمع والبلاد..؟
تساؤلات كثيرة تدور في ذهن المشاهد وهو يرى صور هؤلاء المتنافسون ، هل يعطى هذا الأمر لمن يطلبه ..؟ قال نبي الله يوسف ” قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) ” أي على حفظها ،حفيظ لتقدير الأقوات عليم بسني المجاعات ، لكن نحن بشر ولسنا أنبياء لا تسأل المكانة وأيضا فإن في سؤالها والحرص عليها مع العلم بكثرة آفاتها وصعوبة التخلص منها دليلا على أنه يطلبها لنفسه ولأغراضه ، ومن كان في هذه الحالة هذه الصورة تغلب عليه نفسه ونزواته ورغباته فيهلك ; لعلمه بآفاتها ، ولخوفه من التقصير في حقوق المكانة التي توكل إليه فهذه أمانة في رقبته ثم إن ابتلي بها ولا يتمكن من الوفاء فيرجى له التخلص منها أفضل ،
نبي الله يوسف لم يقل إني حسيب كريم ، إني جميل مليح ، إنما قال : إني حفيظ عليم فسألها بالحفظ والعلم ، لا بالنسب والجاه والجمال وقال ذلك عند من لا يعرفه فأراد تعريف نفسه ، وصار ذلك مستثنى من قوله تعالى : ” فلا تزكوا أنفسكم ” ،أنه رأى ذلك واجبا فرضا متعينا عليه ; لأنه لم يكن هنالك غيره ، والله أعلم .وشتان بين الحالتين .
الإصلاح والخدمة العامة والكفاءة الواجبة في تقديم ما هو مفيد للإنسان والبلاد لأن المكانة التي يتنافس عليها ” أمانة ” سيسأل عليها يوم القيامة أما الخزي والندامة أو الفلاح والنجاح .
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:” لَوْ مَاتَتْ شَاةٌ عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ ضَائِعَةً ، لَظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى سَائِلِي عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ “.فهل أنت مستعد للمسائلة .. أيها المرشح الناخب ..؟ ماذا قدمت للإنسانية ..؟ ماذا قدمت للمجتمع للبلاد ..؟ ستسأل عن نفسك وأهل بيتك وأقوالك وأعمالك وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24) الصافات . وقوله : وقفوهم إنهم مسئولون ) أي : قفوهم حتى يسألوا عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدار الدنيا كما قال الضحاك ، عن ابن عباس : يعني احبسوهم إنهم محاسبون . حتى الذي يعطي صوته محاسب . عليك أن تعرف من تختار وليس لغاية ومصلحة شخصية فالأمر هنا جوهر المسألة ” أرض وبلد وناس ” فلا تختار إلا من يحمل الكفاءة في القول والعمل والعطاء عامة .
فحينما تشترى الأصوات وتبادل الأصوات بين هذا وذاك لأنه قريب أو صديق أو من هذه العشيرة وتلك العشيرة تعتبر خيانة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)الأنفال ،وقيلت نزلت في المنافقين فصوتك ” أمانة ” فلا تخون هذه الأمانة .
وجرت العادة بعض المرشحين يشتري الأصوات من خلال المال حيناً والهدايا حيناً وحينا آخر بسلة غذائية أليست هذه صور من صور الرشوة ..؟ ” لعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي” وكذلك يطلب بعضهم من صاحب الصوت أن يحلف ويضع يده على المصحف الكريم والله يقول : ” وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ 224 البقرة ” هو الذي يحلف على الأمر الذي لا يصلح.
ولو سألنا من أول من طبق نظام الانتخابات والترشيح ؟
قام كارل أندري عام 1855 في الدنمارك بإيجاد طريقة الصوت الواحد القابل للتحويل. كما قام بذلك توماس هار في المملكة المتحدة عام 1857. تم إجراء أول انتخابات بهذه الطريقة في الدنمارك عام 1856 وفي تاسمانيا عام 1896 بعد الترويج لاستخدامها من قبل أندرو إنغليج كلارك.
والانتخاب انتخبت الشيء اخترته والمنتخبون من الناس يعني الاختيار والاختيار معبر عن حرية الإرادة والرضا لا بد أن يكون معبراً تعبيراً حقيقياً عن هذه الإرادة، حتى يكون الفعل اختياراً لا اضطراراً. إذاً الانتخاب بأنه اختيار يظهر إرادة أهل الاختيار. فلا يمكن اختيار الفاسد والجاهل ” فولاية أمر الناس ” من أهم الواجبات إن ظهرت بصورتها السليمة قولا وفعلا.
ذو كفاءة يجسد العدل وإقامة الإنصاف والحق والجمع ونصر المظلوم. وإقامة الحدود ورعاية المسنين وعون الفقير ومساعدة الجاهل إلى أن يتعلم ومد يد العون للفاشل إلى أن ينجح وتعيين الخريجين والعمل على تقليل البطالة والإخلاص في واجباته وحقوق الناس والنفع في القول والعمل ورعاية المستضعفين ،قال النبي صلً الله عليه وسلم: “هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم”.. ويبحث عن الضر والنفع في كل أمر وفعل وكل واجباته تدور حول المصلحة العامة ، وغير ذلك مفسدة عامة.
فالمنصب والكرسي أمانة قال رسول الله : ” فإذا ضُيِّعَتْ الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قال : إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ” . وكفى بها من آثار تهدم الأمم وتزيل الدول وتضيع الحقوق والأمانات… ففي أحد أهم مذكرات جاسوس ألماني في روسيا وهو على فراش الموت اعترف بأنه كان جاسوساً للصليب المعقوف على الأراضي الروسية، استغرب المحيطون به واندهشوا فهذا لا يكذب الآن هو على فراش الموت، وهم لا يصدقونه؛ لأنه صديقهم العزيز… سألوه وماذا كنت تفعل للتجسس على روسيا ..؟ وأنت لم تسافر ولم تتصل بأي أحد في ألمانيا ..؟ رد عليهم بقوله ..؟ كنت أضع ” الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب “، كنت أدمر البنية التحتية للنسيج المؤسساتي عندكم. فاعرفوا من تختارون لكي لا تحتارون ولا تسقطون وأنتم بمكانتكم ومنصبكم لاهون منغمسون. فالكفاءة الصالحة هي الأقدر في القول والعمل للمصلحة العامة . .العامة
Discussion about this post