بقلم بوخالفة كريم باحث إجتماعي …. الجزائر
يتساءل السياسي التافه : أين ذهب الانتماء لدى جيل الشباب ؟ ..
ذهب يا سيدي الفاضل بسببك وسبب أمثالك ، الذين أيدتم كل نظام حكم وكل سياسة ، وعملتم جاهدين من أجل الوصول إلى الثراء والنفوذ صاعدين سلماً من أجساد الشباب المطحون..
كان يفترض في من يحاكمون جيل الشباب بأحكام قاسية، لأنهم عازفون عن السياسية والاحزاب والشأن العام، أن يسائلوا هياكل ومؤسسات تلك السياسة والاحزاب والشأن العام عن أسباب عزوف أكثر المجتمع والناس عنها، وأن يتقنوا السؤال عن السبب والنتيجة، في هذه “المنازلة”، فلا يضعون واحدهما مكان الآخر، ويخطئون التحليل والتقدير. كان حريا بهم ان يتفطنوا مبكرا إلى أن إعراض الشباب عن السياسة والانتماء الحزبي، إنما يمثل حكما نقديا لاذعا في حق مؤسسات فقدت كل حياة فيها، وكل اسباب الجاذبية والاغراء. غير إنهم استسهلوا وضع المسؤولية على كواهل غيرهم، حتى لا يعرضوا يقينياتهم للمراجعة، وعمرانهم السياسي لإعادة النظر.
إننا نحتاج اليوم القيام
بثورة فكرية على هذا الواقع البائس حتى نسترجع ما خسرناه وحتى نقنع شباب اليوم بالمشاركة الفعالة في قضايا.الوطن وتنمية روح المواطنة لديهم من جديد
ولكن الثورة هاته التي اقصدها لا تعني هدم نظام سياسي قائم، بل هدم نظام إجتماعي، وبناء نظام اجتماعي جديد يقوم على الشفافية والايجابية وروح المبادرة والمناقشة وعدم اقصاء الاخر بحجة الشرعية الثورية او ان الجيل الحالي طائش ولا يهتم بالقضايا المصيرية للبلد وانه جيل استهلاكي يريد الثروة والعيش الرغيد وفقط و منه ستكون الثورة، بهذا المقتضى، حركة تراكمية إلى الأمام، فلا تكون ثورة إلا متى خطت بالمجتمع نحو نظام سياسي وإجتماعي، إقتصادي أكثر تقدماً من سابقه، وإلا كانت إرتكاسة إلى وراء وثورة مضادة.
وبرأي لن تنجح الثورة الفكرية هاته في بلداننا العربية عامة بهاته المعطيات البالية والفكر الرجعي،
عندما تثور من اجل تغيير نظامٍ ما ( سياسي أو أجتماعي أو..أو ..الخ ،
دون ان تكون على وعي تامٍ، ودراية عميقة ، بمنظومة القيم المؤسّسة له ،
أو دون أن تكون مُدركاً بشكل جيدا، لإمكانيات الواقع المعيش،
الذي يستمد منه هذا النظام نسغ الحياة ومفاعيل ديمومته ،
فانت فى الحقيقة لا تثور .. إنما أنتَ تتمرّد وحسب ..
ولتعلم أن هذا التمرّد الأعمى والجاهل ، هو مَهلكة لحاضر و مستقبل الجميع، و لا علاقة للأمر البتّة ، بمقدار الحماسة لديك في رفع الشعارات ، مهما كانت نحقة سامية ، أو بدت برَّاقة مقدّسة..
ولتعلم زعمي أيضاً ، أنه على مرِّ التاريخ، كلّ من قاتل كان يعتقد أنه على صوابْ ، وأنه سيعيش إلى غد النصر المأمول .. لكنه مات وانتهى..
وكذلك لان الخطاب القومي العُروبي لم يتجاوز بعد المقولات العاطفية الوجدانية المرتبطة باللغة و التاريخ و المصير إلى المقولات العقلية الواقعية التي لها علاقة بالهياكل الإقتصادية و الصراع الإجتماعي و التنمية و السياسة الدولية ، و مازال يُفضِّل تنظير الممكنات العاطفية على تفسير المعطيات الواقعية ؛ إذ تتوارى كل المعطيات الموضوعية الإقتصادية و الاجتماعية و الجغرافية أمام المعطيات العاطفية.
إن عالم الخطاب القومي هو عالم الرغبة لا الفعل ، عالم الإنفعال لا عالم التخطيط العقلاني و العمل.
وبهذا نختم بالقول ان عزوف الشباب عن المشاركة الفعلية السياسية بخاصة ليس مرتبط بثقافة هذا الجيل الجديد الذي يوصم بأنه فاشل وغير طموح ولايريد من الحياة الا المتعة والرفاهية بل الاسباب تعود بشكل اكبر الى النظام القائم في البلد ونوعية المسؤولين فيه الذين ساهمو بفكرهم الشعبوي وخطابهم التافه الى تحويل هذا الكم الهائل من الطاقة الشبانية تعتزل الساحة السياسية وتقرر عدم المشاركة في ظل تواجد مثل هؤلاء في الحكم.
Discussion about this post