بقلم… كريم بوخالفة …الجزائر
من الفيديوهات المألوفة التي يتلقاها الجميع على وسائل التواصل الإجتماعي كالفايسبوك وتيك توك ووو بشكل شبه دوري ، تلك الفيديوهات التي تظهر مذيعة تقف في الشارع وتوجه أسئلة سهلة لمجموعة من الشباب ، فنكتشف أنهم يجيبون إجابات بلهاء فعلاً أو لا يعرفون شيئًا عن أي شيء. هكذا ينفجر الناس في الضحك عما آل له حال التعليم، ويتصعبون على حال الأمة التي سيقودها هؤلاء، ويشعرون بالرضا التام عن أنفسهم والحياة وينامون سعداء.
هذه العادة ليست حديثة .. بل هي عادة قديمة ظهرت في العديد من البرامج الجماهيرية وخاصة في شهر رمضان الكريم
ويستحضرني برنامج جماهيري رأيته في رمضان الماضي سألت فيه المذيعة أحد الشباب طويلي الشعر عن لون كلب البحر الأزرق الذي ينزل للسباحة في البحر الأحمر .. تساءلت أنا عما إذا كان هناك كلب بحر أزرق أصلاً؟ فاسكتني صديقي ليتابع. اجاب الشاب أن لون الكلب سيكون بنيًا. هكذا انفجر الناس ضحكًا وظلت الصحف تسخر من ذلك الشاب الغريب عدة أسابيع، حتى برغم عدم تركيزي الا انني كنت أدرك أن الشاب هذا ليس أبله لهذا الحد .. هو شعر بكمين في السؤال فتحسب له أو قرر أن يمزح.. لم يتوقع أن يكون الأمر بهذه السهولة. وعلى كل حال ليس هذا السؤال مقياسًا للثقافة .. يسخر الناس من هذا ثم يتزاحمون لشراء أعشاب مغلية لا يعرفون ما هي، يبيعها ذلك المعالج بسعر الذهب، ويتزاحمون لرؤية شجرة تبدو أغصانها كلفظ الجلالة، ويشتمون من يتشكك في اختراع يقدر على تحويل الإيدز إلى كفتة..كمال قال احمد خالد توفيق.
بالطبع لا أعتقد أن من تسألهم المذيعة بهذه البلاهة . هناك أغبياء في كل مكان طبعًا، لكن ليس بهذا العدد ولا هذه القسوة… تفسيري لهذه الفيديوهات كما يلي:
1_ مخرج البرنامج ينتقي اللقطات التي تظهر البلاهة ويتجاهل اللقطات التي تظهر الذكاء.
2_ هناك اشخاص يشل تفكيرهم تلقائيًا إذا سألهم أحد فجأة … هناك فتاة سألتها عن اسمها فجأة فاكتشفت أنها نسيته.
3_ أضف لهذا هيبة الكاميرا .. أن يكون عليك أن تفكر بينما هناك ميكروفون يلتصق بفمك وكاميرا تنظر اليك و سوف تنقل صورتك للعالم كله.. لا شك أن مخك سيصاب بالشلل.
4_ هناك نوع الأشخاص المتذاكي الذي يتوقع خدعة ما .. ما دام السؤال بهذه السهولة فلابد أن الإجابة القريبة ليست المطلوبة.
5_ في أكثر من فيديو رأيته كانت المذيعة تكشف عن مفاتنها اكثر من اللازم، ولا شك أن هذا عامل مهم للتشتيت .. نفس دور مساعدة الساحر على المسرح التي تجعلك لا تعرف متى خرج الأرنب من القبعة.
وفي النهاية هذه الفيديوهات او مايطلق عليها اليوم “بالميمز ” صممت لتشعر المشاهد أنه رائع، وتشعره بالرضا الكامل عن النفس من منطلق (أنا بخير وأنت لست بخير). هناك أشياء مهمة لسلام الناس النفسي ومن دونها يشعرون بغضب وتوتر .. الرجل العادي لابد أن يؤمن أن الشباب (تائه) وليس لديه شهامة ومبادئ، وأن أفلام زمان محترمة و(لها معنى)، وأن الأكل كله فاسد وخطير، وأن الفنانين كلهم يعيشون حياة فاجرة، وان النفوس تغيرت …
يقولونها ثم يشاهدون آخر كليب لهيفاء وهبي او على الساحة الوطنية المدعو ديدين كلاش وآخر فيلم لعادل امام ، ولا يقرأون سوى صفحة الوفيات في الصحف، ويقضون الساعات مع الدراما التركية، ويتعشون كل ليلة من اموال حرام، ولا يردون على الهاتف في موعد سداد الاموال المستحقة عليهم، ويرتشون من اجل تمرير رخصة البناء المخالف هذه، ثم يقطعون علاقتهم بأخوتهم بسبب الخلاف على الميراث .. في النهاية يشتمون تفاهة الشباب وينامون سعداء!
Discussion about this post