(ممرضة استشهدت وهي تعالج جرحى)
منذُ الطفولةِ أدركتْ هيَ من تكونْ
وحياتُها رهنٌ لغائِلَةِ المَنونْ
فعَدوُّها يخشى البراءَةَ في العُيونْ
ويعيشُ في رُعْبٍ يُساورُهُ الجُنونْ
شعبٌ يرى في السيفِ حاضِنةَ الوجودْ
وولايةٌ هلْ تعرِفونَ لها حُدودْ؟
فحدودُها ووجودُها عبْرَ الُلحودْ
في ظلِّ هذا الوضعِ تخْتَنِقُ الوُرودْ
وهُناكَ في أرضٍ تجاهَلَها القَدرْ
وَكأنّ من فيها وحوشٌ لا بشر
فالطفلُ وحشٌ كامنٌ سكنَ الْحُفرْ
وجنودُ ذاكَ المعْتدي أبهى صُورْ
كبُرتْ رزانُ وبيتُها مُستَنْقعُ
والعالمُ العاري فقطْ يتقوْقَعُ
صرخوا لعلَّ صراخَ قوْمٍ يُسْمعُ
ولعلَّ أرواحَ الضحايا تَشْفَعُ
قبلَ الأوانِ رضيعُهمْ رجُلًا يصيرْ
ومتى يثورُ هوَ الضحيّةُ والأسيرْ
فنظيرُهُ الأحقادُ والجيشُ الكبير
وشقيقُهُ القوّادُ قدْ فقدَ الضميرْ
مُنذُ الطفولةِ لُقِّبَتْ بالملاكْ
فالغولُ تقتُلُ دونَ إنذارٍ هناكْ
تصطادُهمْ برَصاصِ غدرٍ لا شِباكْ
وتّصُبُّ فوقَ رؤوسِهمْ سرَّ الهلاكْ
ورزانُ قدْ عرفتْ خطورَةَ عيْشِها
فأمامَها غولٌ وسائرُ جيشِها
فغدتْ تسيرُ وَروحُها في نعْشِها
منْ أجلِ قطْبِ جراحِهم وَبِرمْشِها
وملاكُنا في حقلِ ألغامٍ تسيرْ
لا تتَّقي عبثًا لِقناصٍ خطيرْ
فالقنصُ مُتْعتُهُ بهذا خبيرْ
وجرائمُ القنّاصِ تحظى بالكثيرْ
شهِدتْ رزانُ مسيرةً يوم الرُجوعْ
دونَ اكتراثٍ بالقنابلَ والدُروعْ
أخذتْ تٌعالجُ ما استطاعتْ من جُموعْ
وتُخفِّفُ الآلامَ أيضًا والدموعْ
ظنّتْ رزانُ بأنَّها حصنٌ منيعْ
لا الغدرُ يقْتُلُها ولا البطشُ المُريعْ
حتى هوتْ برصاصِ قنّاصٍ وَضيعْ
لا شيءَ يردَعُهُ ولوْ قتلَ الجميعْ
بقلم د. أسامه مصاروه
Discussion about this post