كتب د/بوخالفة كريم ـ باحث في علم الاجتماع ـ الجزائرـ
نعني بغسيل الدماغ (Brainwashing) ان يتم اعتماد وسائل سيكولوجية ثقافية تؤدي الى تفريغ الدماغ من الافكار والمعتقدات القائمة فيه ومن ثم اعادة شحن الدماع بافكار ومعتقدات جديدة تناسب اصحاب السلطة والمصالح . بالمعنى الادق وبالتعابير المستخمة في الكمبيوتر القيام بعملة فرمتة للدماغ ( shape a brain) واعادة برمجته من جديد وفق اغراض ووظائفةجديدة. مثال اتباع داعش هؤلاء تم غسل ادمغتهم وتمت اعادة برمجتها على القتل وسفك الدماء.
يقصد به ايضا تحويل الفرد عن اتجاهاته وقيمه وأنماطه السلوكية وقناعاته، وتبنيه لقيم أخرى جديدة تفرض عليه من قبل جهة ما سواء كانت فرداً أو مجموعة أو مؤسسة أو دولة. ويندرج مصطلح غسل الدماغ تحت مسميات مختلفة تحمل المفهوم نفسه مثل: إعادة التقويم، وبناء الأفكار، والتحويل والتحرير المذهبي الفكري، والإقناع الخفي، والتلقين المذهبي، وتغيير الاتجاهات.
عرفت هذه الظاهرة انتشارا كبيرا خاصة بعد الثورة التكنولوجية، وظهور العولمة capitalist globalization، بدأت عمليات غسيل الادمغة موجهة إلى شعوب الدول الفقيرة، والهدف هو سلخ هذه الشعوب عن ثقافتها، وابتلاع كل الثقافات العامة والفرعية لهذه الشعوب في بطن الرأسمالية العالمية ، وابدالها بثقافة جديدة، هي ثقافة العولمة، أو العالمية capitalist globalization.
✓آلية غسيل الدماغ.
تنفذ هذه العملية غالباً بمرحلتين متداخلتين هما:
✓المرحلة الأولى (الاعتراف):
وهو الإعلان والاعتراف بما ارتكب من أخطاء في الماضي. ويمكن تحقيق هذه المرحلة بالإجراءات الآتية:
عزل الفرد اجتماعياً،
الضغط الجسدي،
التهديد وأعمال العنف،
السيطرة الكاملة على كيان الفرد،
الضياع والشك،
تثبيت الجرم،
الاعتذار والإكرام للفرد،
مرحلة الاعتراف النهائي.
✓المرحلة الثانية (إعادة التعليم والتثقيف):
وتدور هذه المرحلة حول إعادة بناء فكر الفرد في الصورة الجديدة التي يراد له أن يكون عليها. وفي هذه المرحلة يحدث تغيير في مفهوم الذات لدى الفرد، ويتم محو الأفكار غير المطابقة لأفكار القائم بعملية الغسل، ثم تقدم أفكار ومعايير سلوكية وأدوار اجتماعية جديدة.
✓الإنسان في الفلسفة: نظرة عن تغير نظرة الفلسفة المعاصرة للانسان على كونه كائن عاقل:
بدأت النظرية التي بنتها الفلسفة الغربية زمن أفلاطون وأرسطو رؤية الإنسان على أنه كائن يتميز بعقله الذي هو مناط التكليف و
أساس المسؤولية والجزاء .. أي أنه كائن عاقل ولكن الفلسفة المعاصرة أحدثت أنقلاباً كبيراً في تحديد ماهية الكائن الإنساني وشمل هذا الأنقلاب تقييماً لأبعاده المعرفية وقدراته العقلية .. فهي لم تؤكد على التصورات الفلسفية السابقة للإنسان ولم تعط الأبعاد العقلية أي أعتبار .. بل على العكس قامت بتهميش هذا الجانب وأعتباره مجرد قوى لاشعورية أو غريزية ..!
ويعتبر فريديريك نيتشه من أشهر الفلاسفة الذين أهتموا بإزالة العقل من موضوع التطورات الفلسفية للإنسان .. فقد رآى نيتشه أن العقل هو غريزة كالغرائز الأخرى التي من شأنها أن تبقي الإنسان على قيد الحياة ..! وتلك هي وظيفة فقط لاغير وتم أعتبار الأبعاد الغريزية المكون الأساسي والمركزي للذات الإنسانية وأن ماحصل في الثقافة الإنسانية من اضطرابات يرجع إلى تبديل وظيفة العقل وتحميله مسؤولية كبيرة مثل الحقيقة والأخلاق وهذا ماجاء في “كتابه العلم المرح” كما أنه قلل من القيم الاخلاقية التي يتسم بها و وصفها في بحثه الذي أتسم ب جنيالوجيا الأخلاق” على أنها اخلاق ضعف وعبودية ولاتدل على القوة والسيادة ويمكن وصف المرحلة التي تلتقي فيها أفكار التكبر والتعالي والتي تؤصل للعنصرية بأنها أشد حالات النكوص الحضاري .. لأن التقاء هذه الأفكار وأنسجامها من شأنه أن ينسف قيم التنوع بين الثقافات والحضارات المتنوعة .. خصوصاً في المجتمعات التعددية في دين والعرق . واجهاض لكل حالة تفاعل إيجابي بشأن الحوار الخلاق بين الثقافات .. وذلك بفعل التغذية الفكرية القائمة على انكار الآخر والتعالي علية وعلى مكوناته الحضارية والتاريخية وصولاً لمرحلة اقصاء هويته والعمل على طمسها وهدم معالمها وهذه هي أشد حالات الاستيلاب الثقافي ( Cultural alienatoin ) وهو الأساس الذي تبنى عليه المراحل اللاحقة لعملية الصراع العقلي بين الهويات عبر ترويج تعالي هذا الطرف المكوناتي على ذاك ..
ومثل هذا العمل ساد في مجتمعات عدة خلال فترة الربيع العربي الذي حل بغالبية الوطن العربي وبعض البلدان التي تدور فيها صراعات عرقية مذهبية والتداعيات التي سادت حينها بمختلف صورها العاملة على هدم الإنسان وفكره ..!
إذ تلعب عملية غسيل الدماغ والهدم الفكري للإنسان دوراً مهماً فاعلاً في تغيير وتحطيم أفكار وميول عقلية صحيحة إلى أشياء تهزم العقل والأستحواذ عليه بأفكار وميول جديدة تصب في صالح القائم بعملية غسيل الدماغ والهدم الفكري .
إذ يعتبر غسيل الدماغ سلاحاً من أسلحة الحرب النفسية ترمي إلى السيطرة على الفعل البشري وتوجيهه بغايات وأهداف مرسومة مسبقاً بعد أن يجرد هذا الإنسان وعقله من مبادئه السابقة ..! وأن مفهوم غسيل الدماغ الذي أتسع وأخذ حيزاً كبيراً في مختلف مبادئ الحياة من أعلان تجاري أو دعاية أو إجتماع وسياسة ولم يعد قاصراً على الشيوعية فقط وهم أول من أستخدموه .. بل تعدى إلى الشرق والغرب ليصبح علماً أساسياً وله تعريف عام وهو كل وسيلة تقنية مخططة ترمي إلى تحوير الفكر أو السلوك البشري ضد رغبة الإنسان أو أرادتهأ و سابق ثقافته
وتعليمه .
حيث تأخذ عملية هدم الإنسان لأفكاره ومبادئه ومعتقداته التي يتسم والعمل على تغييرها ببناء إنسان جديد وفق منظور غير المنظور الذي كان عليه وتكوين هذه العملية التي نطلق عليها غسيل الدماغ من خلال نقطتين هي :
_ الأعتراف بالكشف عن الأخطاء .
_ اعادة التعليم والتثقيف أي اعادة تشكيل الفرد في الشكل المطلوب .
وللوصول إلى ذلك جعل الفرد الاعتراف بالأخطاء والوقوف موقف العداء من أفكاره السابقة
أجمع لابد من تعريض هذا الإنسان أو الفرد وقد تكون مجتمعات لتوترات شديدة تعمل على مراحل عدة منها :
1_ عزل الفرد عزلاً إجتماعياً كاملاً وحرمانه من أية موثيرات خاصة
بالموضوعات المطلوب غسيلها في محاجر أو معاقل خاصة بهذا الشيئ والانقطاع التام عن الفضاء الذي يحيط به وحوله لفترة طويلة لها أمد من القلق المستمر وتطبيق الأساليب الأخرى التي سنذكرها بعد ذلك ببدأ الاستجواب الطويل فيما يعترف به ويصبح يائس وتعيس مما هو فيه من خلال إيهام الفرد بأن بلاده لم تعد ترفع صوتاً واحداً لأجله وأن كل من حوله تخلو عنه مما يجعله محبطاً وحيداً وبالتالي تدريجياً يأخذ مسعى المحاكمة المحزنة مسلوب الإرادة تحت وطأة الظرف الصعب الذي هو فيه والحرمان والأنقطاع عن العالم الخارجي .
2 _الضغوط التي يتعرض لها والأساليب القسرية المجحفة بحقه وتعويد
الفرد لمؤثرات مثل الجوع والعطش الشديد والتعب والأعياء والألم وأساليب
عدة تمارس ضده مثل الصدمات الكهربائية واعطائه العقاقير المخدرة
وقسوة التعذيب وهذه جميعها تعمل على أضعاف معنوياته وقابليته شيئا
فشيئا بدنه وعقله في التحكم بها بهدف الوصول به إلى درجة الرضوخ
والانهيار .
3_ الإيحاء النفسي وهو اخضاع الفرد وتعرضه إلى كم هائل من الأخبار
السيئة وأشعاره بأنه لايوجد أحداً من أفراد أسرته مهتم به أو إيهامه بأنه لا مجال له غير الخضوع والرضوخ لهم والخلاص من هذه الفترة المظلمة
الحالكة التي هو فيها .
4_ عند الوصول إلى أقصى أنواع الممارسات البدنية والذهنية وغسيل
الدماغ حتماً تكون تلك المرحلة للفرد قد وصل بها إلى انهيار معنوي
وهدم فكري وجسدي وما بين ترغيبة بالخلاص من هذه الممارسات أو
البقاء عليها مغادراً الحياة وبهذا سيكون أما ثابت أو متغير الفكر من
خلال هدم افكاره ومنهجته كاملاً ويكون قد كفر بكل المبادئ والقيم التي
نشأ عليها وبهذا أصبح عجينة وأداة طيعة من السهل التحكم بها وزرع افكارجديدة طارئة على حياته وعقله وفق مناهج معتمدة .
وتعتبر الدعاية هي الثوب الجديد والحديث الذي يتماشى مع الحداثة وأنها أكبر عملية لغسيل الدماغ وهدم الإنسان وفكره وبنائه يتم مزاولتها على المستوى الجماهيري وعلى مستوى الأنظمة والكيانات المجمعية ولو أخذنا تعريفاً للدعاية لمعرفة مفهومها نجد أنها هو أستخدام الأساليب المختلفة والكلمات والترويج لها لأحداث تغير مقصود في سلوك جماهيري مجتمعي من خلال مخاطبة الجانب العاطفي في النفس البشرية مع تكرار المحتوى الدعائي أكثر من مرة لكي يتم ترسيخ المحتوى في ذهن المتلقي وهناك مايحدث اليوم من بلبلة الأفكار وإثارة الفوضى الفكرية وارتفاع سحب الدخان الأسود هو أشبه مايكون بعملية غسيل دماغ تمارس ضد شعوبنا ومجتمعاتنا ليس على المستوى الفردي فقط لا بل على صعيد مجتمعي كامل كبير وتعدى ذلك التطبيق لتفويت الفرصة لضم عناصر جديدة تحت لواء عقيدة التوحيد الفكري وهدم البناء الإنساني من خلال عدة أسالب وصور من الممكن أستخدامها لهذا الهدم والتغيير الفكري والعقائدي الذي يخدم صالح الطرف المقابل بالسيطرة على العقول وهدم الروح الإنسانية فيه وأزالتها ببناء أفكار جديدة ينتهجها من خلال ممارسات القسوة والاضطهاد وتحطيم كل شيئ فيه .
لا بدَّ أنَّنا قد سمعنا جميعاً ولو في فترة معينة من حياتنا بمصطلح غسيل الدماغ أو ما يعني “التلاعب بالعقول”، والذي يمكن تعريفه على أنَّه عملية نسف كامل لجميع المعتقدات السابقة للإنسان، وإعادة زرع معتقدات جديدة أو عقيدة معيَّنة تختلف بشكل كامل عن العقيدة القديمة؛ وذلك بغية تحقيق مصالح معيَّنة وهي غالباً لا تأخذ الطابع الفردي؛ بل يكمن أثرها الواضح في الناحية الجماعية، فقد يكون خاصاً بمجتمع أو أتباع ديانة ما مثلا
✓ما هي آليات عمل العقل عند بني البشر؟
يقول خبراء علم النفس إنَّ البشر يملكون آليتين للتفكير؛ تتصف الأولى بأنَّها عاطفية وعفوية وسريعة، فيما تكون الثانية على نقيضها تعتمد على العمليات الفكرية والعقلية؛ وهي آلية بعيدة كل البعد عن العواطف والمشاعر، ولكنَّها تتسم بالبطء؛ فهي عملية تراكمية قد تستمر لفترات طويلة جداً.
تتفق مدارس علم النفس في أنَّ الدماغ البشري كسول بطبعه؛ فهو دائماً يختار الطرق القصيرة أو المباشرة ويبتعد كل البعد عن الطرق المعقدة أو الطويلة أو المتعبة؛ وبذلك فهو يميل إلى استخدام الآلية الأولى العفوية في أغلب الحالات؛ وذلك لأنَّها قصيرة وسريعة وسهلة؛ لذلك يَعُدُّها خبراء علم النفس آلية بدائية، فيما يَعُدُّون الآلية الثانية المعتمدة على التفكير المنطقي آلية متطورة في التفكير البشري؛ لا بل توجد بعض مدارس علم النفس التي تكون فيها الآلية الثانية ميزة يمتلكها العقل البشري وتميِّزه عن غيره من الكائنات الحية.
لذلك واستناداً إلى ما سبق؛ يلجأ المتلاعبون بعقول البشر إلى استغلال الآلية الأولى بحكم أنَّها مفضَّلة لدى الأغلبية المطلقة من الناس، فلا شيء يمكن أن يغلب العقل أكثر من العاطفة.
أهم مثال يجسِّد فكرة التلاعب بالعقول وغسيل الدماغ:
إنَّ أهم وأوضح مثال يمكن أن نشرح من خلاله مصطلح غسيل الدماغ هو ما نراه جميعاً من ممارسات وأفكار وقوانين الأنظمة الشمولية، والتي تتصف بالديكتاتورية القمعية البعيدة كل البعد عن احترام الرأي الآخر، وعن المشاركة في الحكم وفصل السلطات، وتفعيل المحاسبة الحقيقية والعادلة.
إنَّ أشهر ما يمكن أن نذكره من أحداث تاريخية تجسَّد فيها غسيل الدماغ هو الحكم النازي لألمانيا؛ إذ يُجمِع خبراء علم النفس على أنَّ الشعب الألماني قد خضع في ذلك الوقت إلى أكبر عملية غسيل دماغ ممنهجة في التاريخ؛ إذ انساق ملايين الألمان وراء حلم السيطرة على العالم، لا بل صدَّقوا أنَّهم أشخاص يملكون قدرات أكثر من غيرهم من بني البشر؛ وذلك فقط لمجرد انتمائهم إلى عِرقٍ معيَّن وهو العرق الآري؛ وبذلك تكون عليهم مسؤولية كبيرة في حكم العالم.
✓ما هو حجر الأساس في عملية غسيل الدماغ الجماعية؟
إنَّ أهم خطوة في عملية غسيل الدماغ هي التركيز في القواعد أي الأطفال؛ والتي رأينا الكثير من تجلياتها على أرض الواقع في العديد من الأنظمة الشمولية، مثل الحكم النازي في ألمانيا الذي كان واضحاً وجلياً تجنيده للأطفال في معسكرات خاصة بهم يتلقون بها عملية غسيل دماغ كاملة؛ وذلك من خلال زرع أفكار الحزب النازي العنصرية والسياسية، ووضع الوفاء للفوهرر “أدولف هتلر” وحتى الموت من أجله على قائمة أهداف هؤلاء الأطفال.
✓لماذا يُركَّز على الأطفال في عملية غسيل الدماغ؟
إنَّ غسيل الدماغ أسهل ما يكون على الأطفال؛ وذلك بسبب بنيتهم العقلية الهشة نوعاً ما، والتي تكون في طور النمو ولم تتبلور توجهاتهم بعد.
يتَّسم دماغ الطفل بمرونة نفسية وعقلية تجعله قادراً على تقبُّل أيَّة فكرة أو تبنيها في حال أُرفِقَت مع بعض الاهتمام العاطفي والمادي والحسي.
ما يُسهِّل غسيل الدماغ عند الطفل هو حاجته الفطرية والتطورية إلى وجود شخص كبير يرشده ويحميه ويقدم له المعلومات.
طريقة تقبُّل الطفل للمعلومات المعطاة إليه هي طريقة استقبال صافية غير خاضعة إلى أي فلتر؛ إذ إنَّ دماغ الطفل لا يقوم بأيَّة عملية تنقية للأفكار والمعلومات التي يتلقاها؛ لأنَّه لم يكتسب بعد معلومات كافية ليقارنها فيما سبق.
يلجأ المشرفون على عمليات غسيل الدماغ إلى الأطفال بسبب عدم امتلاكهم لآليات المحاكمة العقلية التي يفلترون من خلالها الأفكار والمعلومات التي يتلقونها إلى معلومات خاطئة أو صحيحة، وإلى أفكار مفيدة أو غير مفيدة.
إنَّ تطبيق عمليات أو منهجيات غسيل الدماغ على الأطفال هي عملية لا تقتصر ميزاتها على السهولة؛ بل أيضاً تتمتع بديمومة واستمرارية؛ إذ تضمن الجهات المستفيدة استمرار هذه الأفكار في عقول الأطفال إلى أن يصبحوا شباباً ومن ثم رجالاً.
بيَّنت الدراسات الحديثة أنَّه من الصعب جداً على الأطفال – الذين تربوا تربية صارمة جداً على أفكار ومعتقدات معينة – أن يغيروا أو ينكروا في المستقبل ما تربوا عليه؛ وذلك لأنَّ الإنسان بعد مرحلة عمرية معينة يفقد قدرته على تغيير افكاره ونفسه
✓ما هي العوامل المساعدة في عمليات غسيل الدماغ والتلاعب بالعقول؟
1. الانغلاق:
إنَّ البيئة الخصبة والمناسبة لغسيل الأدمغة هي البيئة المنغلقة والتي ترفض أي جديد أو في معزل عن أي جديد، وكل شيء فيها خاضع لنظام دقيق من مراقبة ومحاسبة الحكومة لأي شيء جديد يدخل إلى المجتمع.
2. الحالة الاقتصادية المتدنية:
عندما تصبح المعدة فارغة لن يبقى أي مكان للفكر والعقل والوعي والثقافة؛ وذلك لأنَّها ستصبح في عيون عامة الناس هراءً؛ وهذا حقهم الطبيعي فلا شيء في الحياة له أهمية عندما يفقد الإنسان قدرته على تأمين لقمة العيش لنفسه ولأطفاله؛ لذا تلجأ الحكومات إلى إفقار الشعوب وجعل همومها مقتصرة على الركض وراء رغيف الخبز.
3. الحالة التعليمية:
إنَّ الجهل هو أكثر مصائب الشعوب فتكاً وتدميراً؛ وذلك لأنَّه يجعلها تدمِّر نفسها وقدراتها وتخرِّب ما لديها من مقومات بأيدي أبنائها؛ ظناً منهم أنَّهم بذلك يفعلون أموراً مفيدة، ولا يمكن إنكار حقيقة أنَّ الجاهل يمكن أن يخضع إلى عمليات غسيل الدماغ بطريقة أكثر سهولة وسرعة.
4. السيطرة على جميع وسائل الإعلام:
لوسائل الإعلام دور محوري في تشكيل ثقافة ووعي وأيديولوجية الإنسان، وخصوصاً في الفترة التي سبقت اكتساح وسائل التواصل الاجتماعي، وعندما تسيطر جهة واحدة فقط على وسائل الإعلام هذه وتبث أفكاراً ذات غاية معينة، مع منع أيَّة وسيلة إعلامية تحمل فكراً مغايراً، فمن الطبيعي أن نجد مجتمعات كاملة لها رأي واحد وطريقة تفكير واحدة؛ وهذا تجلِّي واضح لدور وسائل الإعلام في غسيل الدماغ والتلاعب بالعقول.
✓ماهي الوسائل التي يستطيع من خلالها الإنسان تجنُّب عمليات غسيل الدماغ؟
يُعَدُّ التسلُّح بالعلم والمعرفة الوسيلة الأهم في محاربة ومنع أيَّة محاولة لنسف ما نؤمن به ونعتقد به من مبادئ وقيم.
تعويد النفس دائماً على التفكير بشكل منطقي، وعدم فعل أي شيء دون أن تسأل نفسك: لماذا أفعل أنا هذا الأمر؟ وما هي الفائدة التي سأجنيها في النهاية؟
يجب على الإنسان أن يكون حذراً من الأفكار والمعلومات التي يستقبلها في وسائل الإعلام، وعليه أن يُخضِعها إلى محاكمة عقلية صارمة؛ إذ يختار الأفكار المفيدة ويرمي الأفكار الضارة.
تربية الأطفال على عدم القيام بأي فعل دون وجود مبرر منطقي له أو فائدة ولو كانت بسيطة، وعدم تربيتهم على مبدأ “نفِّذ ثم اعترض” أو “يجب أن تفعل هذا الشيء لأني أمرتك بذلك”.
تعلَّم لغة ثانية إلى جانب لغتك الأم؛ وذلك لأنَّ اللغة تفتح لك باباً واسعاً من أبواب العلم والمعرفة المختلفة، وتدفعك نحو الانفتاح على ثقافات جديدة تستفيد منها الكثير، وتُكسبك القدرة على البحث عن وسائل معرفة غير خاضعة إلى عمليات الأدلجة وغسيل الدماغ.
✓هل ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في السيطرة على غسيل الدماغ أم زادت من حدته؟
في الحقيقة يوجد الكثير من الآراء المتناقضة حيال هذا الموضوع؛ إذ يعتقد بعض الأشخاص أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي قد زادت من أساليب وطرائق الأشخاص أو الجهات التي تريد غسيل الدماغ؛ مثل المنظمات الإرهابية والتخريبية على سبيل المثال.
لا تنتهي الآراء عند هذا الحد؛ فمنهم مَن يرى أنَّ وسائل التواصل هذه، جعلت من الإنسان حائراً من كثرة ما لديه من خيارات لم يعتد عليها من قبل؛ مما ساهم في ازدياد التردد حيال ما يريد اتِّخاذه من قرارات هامة في حياته.
في الختام:
يوجد في الحياة الكثير من الأفكار والآراء والاتجاهات الدينية والاقتصادية والسياسية، وكلها تمجِّد ذاتها وتدَّعي امتلاك الصواب الحق، وتلصق بالآخرين صفة غسيل الدماغ، حتى أضحى هذا المصطلح يُستخدم للتهكم والسخرية من الآخر الذي لا يوافقنا الرأي والتوجهات، ولكنَّ ما يمكن أن نستفيده من هذا المقال هو ألَّا نكون مصدقين لأيَّة معلومة أو فكرة تُقال لنا مهما كان أصحابها أشخاصاً صالحين، فحتى الإنسان الجيد من الممكن أن يتعرَّض إلى الخداع أو غسيل الدماغ أو التلاعب العقلي بشكل او بآخر.
Discussion about this post