وما زلت أذكر يا الله صوت أمي ذات صباح وهو يردد مع قناة المجد آيات بينات يتلوها أساطين يشهد لها التاريخ ويرتعش لها البدن. يالله لم تكن أمي من النساء المثقفات لكنها ملكة على عرش البساطة، لم تكن تعرف أسماء القنوات الفضائية ولا الرياضية ولكن كانت تحفظ أرقام القنوات التي تنقل كلامك ياللّه، لم تكن أمي ممن يستيقظن على جملة – بونجور – ولكنها تتثاءب دائما ولا تفارقها – الحمد لله على رائحة الصباح الوديعة – لم تكن أمي ممن يستيقظن على أصوات ميادة وأم كلثوم وفيروز، لكنني أحفظها جيدا تلك العادات التي ترتخي من أمي – قناة المجد قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار – ورائحة الخبز الطازجة، والشاي الذي يصل صوته إلى ناصية الزقاق، وإقبالنا عليها ونحن نشد جزءا من قميصها السفلي نرغبها في قضمة كعك شهية كل صباح.
لم تكن أمي يالله تحفظ من سور القرآن ما يكفي مثل أبي لكنها، تتفوق عن أبي في إعداد أيام أعياد الحب، لأنها الياسمين، ويبقى الربيع يالله أجمل فصول السنوات!
كل هذه الصباحات لا تنسى، ظلت تعبق منها كل صباحاتي اليوم، وإن لم أفتح قناة المجد فإنني أفتح قلبي لها كل صباح.. لم تكن أمي يالله صديقة أحد لكنها، صديقتي أهمس كل يوم ولا تكلّ همَساتي.. فإن لم يأت الربيع سأزهر مع أمي..!
Discussion about this post