صحيفه الرواد نيوز
*********************
إنها حكاية شغلت الناس كثيراً ، ومازالت موضع اندهاش وتساؤل ، لماذا لم يتزوج شاعر الشباب الجميل الرقيق { أحمد رامى } من كوكب الشرق { أم كلثوم } !! .
كل المعطيات كانت تؤدى إلى زواجهما ، فقد التقيا لأول مرة عام 1925 م ، فى عزّ شبابهما ، فهى فى الخامسة والعشرين من عمرها ، صبية ريفية عفية ، وهو فى الحادية والثلاثين ، فتى جميلاً مهذباً حالماً واسع الثقافة شاعراً موهوباً !! .
.
لقد أحب { رامى أم كلثوم } حباً حقيقياً وكبيراً ونادراً ، وكان هذا الحب هو « الفُرن » الذى انتج 127 أغنية من بيّن 284 أغنية غنتها على مدار عمرها الفنى الزاخر البالغ نصف قرن ، والتى ظلت خلاله شاغلة الناس ومصدر سعادتهم ، يلتفون حول صوتها الساحر العبقرى حتى آخر حفلة لها فى الخميس الأول من يناير عام 1973 م ، والتى شاء القدر أن تشدو فيها برائعة حبيب العمر ، رامى ، يامسهرنى ، وقد كان يناديها ويناجيها من خلال كلمات الأغنية الرقيقة معاتبها أن تسأل عنه وقد بلغ منه الكبر مبلغه !! .
لقد أحب { رامى أم كلثوم } من كل قلبه ، وأم كلثوم كانت تعرف ذلك وتبادله نوعاً من الحب ، ليس هو الحب التقليدى المألوف الشائع بين الناس والذى ينتهى بالزواج ، ولو حدث لما كتب رامى كلمة واحدة من أغانيه ، ولا غنت هى هذه الأغانى وجعلت منها قصة لكل القلوب العاشقة فى كل الأجيال !! .
لقد كان الحب بين { رامى وأم كلثوم } حقيقياً ، ولكن الزواج بينهما كان هو « الزواج المستحيل » ، لماذا ، لأنه كان حباً أقرب إلى الأساطير منها إلى تجارب الحياة العادية !! .
.
كان رامى إنساناً طيّباً وديعاً لايعرف الحقد ولا الثأر لنفسه ، بل ولا يعرف حب الامتلاك الذى يسيطر على كل العُشاق ، فهو متصوف فى حبه وفى حياته كلها ، وكانت سعادته تكمن فى التعبير عن عواطفه الصادقة !!.
وقد أدركت أم كلثوم ذلك بحسها الريفى العميق ، فحرصت على أن يبقى رامى فى حياتها شاعراً عاشقاً ، يغنى ويبدع ، يفرح ويتألم ، يعانى كل مشاعر الحب القوية الساخنة ، ولاينتصر عليها إلا بتحويلها إلى قصائد مُلتاعة ، فيرتاح ، ويكتفى ، ويشبع ، وكان انتقال رامى من موقع « الشاعر العاشق » إلى موقع الزوج ، معناه أن يتوقف إبداعه ، لأن الزواج يجعل الحب قصة خاصة بين إثنين ، لاحق لأحد أن يعرف شيئاً عن أسرارها !! .
إن العاشقيّن يهبان بعضهما كل شئ طوعاً واختياراً بعيداً عن تأثير كل ضرورة أو فرض ، أما الزوجان فهما مُلزمان بحكم الواجب أن ينزلا نزولاً كلياً عند رغبات بعضهما وألا يضن أحدهما بشئ على الآخر !! .
والحب فى الزواج لا يحتمل تقلبات العاشقين ، وموجات عواصفهم ، فهما على صفيح ساخن دائماً ، يغضبان بكلمة ، ويتصالحان بكلمة ، ويثوران بكلمة ، ويتعذبان بكلمة ، ويفرحان بكلمة / وضحكنا ضحك طفليّن معاً ، وعدوّنا فسبقنا ظلنا / على رأى عمنا ناجى !! .
لقد خضع رامى وأم كلثوم لنوّع من الاًقدار الغريبة والفريدة ، فرامى كان بحاجة إلى حبه ليكتب روائعه المشتعلة الصادرة عن قلب مخلص متصوف شديد النقاء ، وأم كلثوم كانت بحاجة إلى تلك الروائع لتغنيها نغماً رقراقاً ساحراً !! .
.
لقد كانا ، رامى وأم كلثوم ، مثل المطر والنهر ، فلو توقف مطر رامى لما فاض نهر أم كلثوم ، ومن المستحيل أن يصبح المطر والنهر شيئاً واحداً ، فهو « الزواج المستحيل » !! .
* مأمون الشناوي *
Discussion about this post