كتب/خطاب معوض خطاب
من المحلة إلى الإسكندرية والقاهرة
حكاية “السبع بنات”.. في الواقع والأسطورة والخيال الشعبي
اسم السبع بنات يتردد في أماكن متعددة منها القاهرة والإسكندرية والبهنسا والمحلة والسويس وغيرها من محافظات ومدن وقرى مصر، وقصص السبع بنات تختلف في مكان عنها في مكان آخر، وهذه القصص كلها تشير إلى البركة التي ستحل على زوار هذه الأماكن بمجرد زيارتها. كما تشير هذه القصص والحكايات إلى المستحيل الذي سوف يصبح ممكنا وواقعا ملموسا يتحقق، فقط بمجرد زيارة واحدة للمكان الذي عاشت فيه أو دفنت هذه البنات السبع.
فمثلا في مدينة المحلة نجد أن السبع بنات تعد واحدة من مناطق حي ثان المحلة الكبرى، وتعتبر من أقدم المناطق الراقية في مدينة المحلة منذ زمن بعيد، وكانت سكن الجاليات الأجنبية واليهودية في المدينة، ويوجد بها دير للراهبات يعود إليه سبب تسمية المنطقة بمنطقة السبع بنات، وذلك لأن الدير كان يوجد به سبع راهبات فعرفت المنطقة بهم، ويؤثر عنهن أنهن كن يقدمن العديد من الخدمات الطبية لأهالى المحلة من المسيحين والمسلمين على السواء.
وفي الإسكندرية نجد أن شارع السبع بنات، يعد واحدا من أشهر شوراع مدينة الإسكندرية، وهذا الشارع كان ينقسم قديما إلى قسمين، القسم الأول كان يعد مركزا رئيسيا لتجمع الجاليات الإنجليزية واليونانية، والقسم الثاني كان يسكنه عامة المصريين، وهذا الشارع يعتبر من أهم الشوارع المطلة على ميدان المنشية، ويوجد أمام شارع السبع بنات تمثال للوالي محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة، كما يوجد أيضا قبر الجندي المجهول بالإسكندرية، ويعتبر الشارع في الوقت الحالي سوقا لتجارة وبيع الأدوات الكهربائية.
ويقال إن شارع السبع بنات قد سمي بهذا الاسم بسبب وجود سبع راهبات كن يقمن بإضاءة الشارع، لأن السير فيه كان يمثل خطرا على السيدات في ذلك الوقت لوجود السفاحتين ريا وسكينة بالقرب منه، وقد أطلق على إحدى المستشفيات المقامة هناك اسم الراهبات، وقيل إن الشارع قد أطلق عليه اسم السبع بنات نسبة لدير في الصحراء كان يحمل نفس الاسم كانت تقيم فيه سبع راهبات في زمن الاضطهاد قديما، وكانت لهن قصة قديمة مشهورة تحولت إلى أسطورة شعبية، وهناك من يقول إن سبب تسمية الشارع بهذا الاسم يرجع إلى وجود سبع بنات يونانيات، قام الملك فؤاد الأول بإنشاء دار لإيوائهن في هذا المكان.
ولعل أشهر الأماكن المنسوبة لاسم السبع بنات هو ذلك الجامع المسمى بجامع السبع بنات الذي بناه الأمير المملوكي عبد الغني الفخري والموجود في وسط مدينة القاهرة، وتحديدا بالقرب من تقاطع شارع الأزهر مع شارع بورسعيد، وهذا الجامع قد أطلق عليه جامع “السبع بنات” لأنه مدفون به سبع بنات عذارى متن جميعا وهن في الصغر، وهذا الجامع كان ومازال مزارا للعامة الذين يعتقدون في كراماته الكبرى حسب اعتقادهم، باعتباره الحل النهائي والوحيد حسب وجهة نظرهم لمشاكل العوانس والراغبات في الإنجاب، ومنذ سنوات عديدة كانت الفتيات اللاتي يفوتهن قطار الزواج تأتين إلى جامع “السبع بنات” يوم الجمعة، وتدخل الواحدة منهن من الباب الأمامي للمسجد وتلف حول دكة المبلغ سبع لفات وتشرب من بئر الماء الذي كان موجودا بالمسجد ثم تخرج من الباب الخلفي.
وقيل بل إنه حينما يكون الإمام والمصلون في سجدتهم الأولى من ركعتهم الأولى في صلاة الجمعة كانت تأتي الواحدة من هؤلاء الفتيات وتمر بسرعة خاطفة من بين صفين من صفوف المصلين الساجدين، ثم تمرق بسرعة البرق خارجة من المسجد، وكان الاعتقاد حسب الخيال الشعبي أن الفتاة إذا فعلت هذا الأمر سوف تحل مشكلتها فورا، ولكن مع مرور الزمن انتهى ذلك الفعل تدريجيا وبدأ الناس ينسون تلك الخرافة، ولكن ظل اسم جامع “السبع بنات” أو جامع “البنات”، كما يطلق عليه أحيانا باقيا وموجودا. والجدير بالذكر أن أن الأمير المملوكي عبد الغني الفخري الذي أنشأ المسجد كان لديه سبع بنات، وقد أصابهن الطاعون جميعا في الصغر ومتن جميعا وهن عذارى وتم دفنهن في صحن الجامع.
*من كتاب “القاهرة.. حكايات من زمن فات” الصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع
Discussion about this post