كتب/خطاب معوض خطاب
حارة الدرب الأصفر
مجزر في حارة مغلقة أصبح أجمل متحف مفتوح في العالم
حارة الدرب الأصفر بحي الجمالية تعد واحدة من أجمل متاحف العالم المفتوحة، وهذه الحارة التي يطلق عليها أحيانا زقاق تربط بين شارعي المعز لدين الله الفاطمي والجمالية، وفي البداية كانت لها بوابة خشبية ضخمة من ناحية شارع الجمالية، وكانت البوابة تغلق يوميا على أهل الحارة من بعد صلاة العشاء، مثلها في ذلك مثل باقي الحارات المصرية حماية لساكنيها من اللصوص والأغراب.
وتعود تسمية الحارة باسم الدرب الأصفر إلى أن مبانيها كانت مطلية باللون الأصفر، بينما ذهب البعض إلى أنها قد سميت بهذا الاسم بسبب لون النحاس الأصفر، حيث كانت ورش تصنيع النحاس تنتشر بالقرب من الحارة وبين جنباتها.
ومن يصدق أن حارة الدرب الأصفر في البداية كانت مفتوحة من جهة شارع الجمالية فقط، وكان يحول بينها وبين شارع المعز حائط حجري، وتمت إزالة هذا الحائط الحجري وفتحت الحارة على شارع المعز منذ ما يقرب من 100 سنة.
ولقد كانت الحارة منحرا أي مجزرا للخلفاء الفاطميين في مصر، حيث كانوا يقومون بذبح أضاحي عيد الأضحى داخل حارة الدرب الأصفر، والتي أصبحت واحدة من أجمل وأنظف وأشهر الحارات الموجودة في منطقة الجمالية بل وفي مصر والعالم كله، فهي تعد بمثابة متحف مفتوح للفن والجمال والإبداع، حيث تضم مجموعة متميزة من الآثار والعمائر التي تحوي تراثا إنسانيا عظيما، وهذه الآثار والعمائر تعتبر شاهدا حيا على تاريخ مصر الاجتماعي والحضاري والثقافي.
ويعد بيت السحيمي واحدا من أجمل عمائر حارة الدرب الأصفر بل ويعتبر درة تاجها، حيث يعود إلى العصر العثماني وينسب إلى الشيخ أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك بالأزهر الشريف آخر ساكني البيت، بالإضافة إلى بيت مصطفى جعفر وبيت الخرزاتي، وكان يوجد أيضا بالحارة رباط البغدادية الذي أنشأته السيدة تذكار باي خاتون بنت السلطان الظاهر بيبرس في سنة 1285 ميلادية، وهو يعد بمثابة دار رعاية إجتماعية وكان مخصصا لإقامة ورعاية السيدات الأرامل والمطلقات حتى يتزوجن، واللاتي هجرهن أزواجهن حتى يردوهن صونا وحماية لهن من التشرد والانحراف.
*من كتاب”أصل الحكاية” الصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع.
Discussion about this post