في محميّةِ الجثث الطبيعية لا يُسمح أبدًا بدخول الطعامِ والأطفالِ والكلابِ وذوي الاحتياجات الخاصة وحاملي الكاميرات وسائقي النقل الطائشين وعمال المناجم فليس لديهم نية بترك رؤوسهم في الخارج
كم يسعُنا عنقُ الزجاجةِ المنسيةِ في حوضِ الغسيلِ لألفِ عام؟
كم تود مصفاةُ الدّش بإغراقنا تحت صراخها الطفولي العذب؟
كم لدينا من مساحاتِ المشي على أرصفة تبيع الأحذية لأفكارنا الحافية؟
إن ساقي تؤلمني
كلما مشيتُ برأسي
كلما ركلتُ بابَ الموتِ برأسي
كلما صعدتُ الطابق العاشر بعد الألف برأسي
كلما وجدتُ حجرًا في الطريق العام ظننتُه رأسي
مشيتُ متاهةَ الأرض
معزولًا عن قدميّ
مجرورًا كأرنبٍ للذبحِ
ومسيحٍ جردوه من العظامِ
و أوثقوه من مشيئتهِ المقدسةِ
نزلتُ وليس هناك غيري
أبحث عن جبيرةٍ لضلوعي
وقصائدي التي
تسلخ نصفها
من جداري
ووحدي
صرتُ أزرع الجهات حولي
أدق أسئلتي مكان حذائي
ورجعتُ من حيثُ أتيتُ
غير منتبهٍ لظلِّ عينين
يجسّد جثتي كضباب
أوَليس للرأسِ ربٌّ يحميه؟!
أوَ ليس لساقي التي تغمض عينيها
وتمسك شعرها وتدور في الهواء ألفَ دورةٍ
أن يضعها الله على جناح رحمته
لتبقى زمردةً في تاج سلطانه الفسيح؟
أو ليس لساقي أن تكون جناحَ يمامةٍ
أو رغيفَ خبزٍ لطائرِ البطريق؟!
طائر البطريق الحزين
حين تفقس بيضته الوحيدة
في السديمِ الأبيضِ المترامي
ويخرج، باحثًا عن ثدي أمه
ما يشبه جُرذًا، من فصيلةِ السناجب
أوَليس لساقي
-أسوةً بالموتى الذين جرّدتهم الريحُ
من أسمال خيبتهم-
إن استطعتُ التحليق
في الفضاء المهيب/السادر كالأقبية
أن تعيد الزمنَ إلى عافيته
إلى طاولاتِ المقاهي
إلى حاجةِ الأطفال ليقتلوه باللعب
ويشنقوه على الجدار للتصويب بلعبة السهام؟!
الزمنُ يعيق ذاكرةً
تفلت من حماقةِ ساقي
الزمنُ اختصارٌ مروّع
وضعوه في حاويةٍ عظمية،
حاويةٍ لا يُسمح فيها بإشارةِ ضوءٍ
تمرّر للساقِ مغبّةَ الطيران
فوق ظلِّ جثماني المشاغب
الحاويةُ لا تصرخ، حتى لا تبغض حزنها
الحاويةُ لا تضع زينتها عند كلِّ معتركٍ مع التيه اللائق بالحياة
Discussion about this post