“فوزية عبد العليم”.. الفنانة المثقفة الجميلة والوطنية
سبحان الله الذي جعل القبول هبة ومنة منه هو وحده عز وجل، وأقرب مثل على ذلك الفنانة فوزية عبد العليم التي وضع الله تعالى لها القبول في قلوب المشاهدين، فدخلت قلوبهم وأحبوها رغم أنها لا تعد نجمة من نجمات السينما المصرية، كما أنها كانت تؤدي أدوارا قليلة وقصيرة للغاية، وهي تعد واحدة من أشهر نجمات الظل في السينما المصرية، وخصوصا في بدايات الألفية الثالثة، ورغم أن أعمالها قليلة ومساحة أدوارها تعد صغيرة، إلا أنها بحضورها الطاغي وأدائها العفوي الجميل قد تركت علامة لا تمحى أبدا من ذاكرة السينما المصرية.
ومع أنه لا يعرف اسم الفنانة فوزية عبد العليم سوى عدد قليل من المشاهدين، لكن من المؤكد أن الكثيرين سوف يتذكرونها لو علموا أنها من أدت دور الست “أم علاء” أو “أم عيلاء” في فيلم “جاءنا البيان التالي”، كما أن الكثيرين لابد وأنهم يتذكرون مشاركتها في فيلم “صاحب صاحبه” الذي أدت فيه دور الست “أم جاد”، وكذلك ظهورها المميز في دور جدة الفنان أحمد السقا في فيلم “أفريكانو”، وهي لم تعمل بالتمثيل بداية من مطلع الألفية الجديدة كما تذكر الكثير من المواقع الإلكترونية، ولكنها في الحقيقة عملت بالفن منذ شبابها المبكر، وقد حاول والدها الأزهري وعمها عضو البرلمان المصري كثيرا أن يحولا بينها وبين العمل بالتمثيل، ولكنها أصرت وبالفعل أدت بعض الأدوار الصغيرة في عدد من الأفلام السينمائية، ثم انضمت بعد ذلك لفرقة رمسيس المسرحية مع الفنان يوسف وهبي، كما عملت بالتليفزيون المصري في ستينيات القرن العشرين.
كما أنها عضو قديم بنقابة المهن التمثيلية، أي أنها تعامل كممثلة وليست ككومبارس، ومنذ بداية سبعينيات القرن العشرين ابتعدت عن الفن لمدة تقارب 20 عاما، وذلك بعد زواجها من الدكتور عصمت عبد الكريم، وتفرغها لبيتها وزوجها ولتربية أبنائها الثلاثة “نيفين” و”وحيد” و”سوزان”، ولم تعد للعمل بالفن إلا في سنة 1994 حينما شاركت في حملة دعائية مع المخرج شريف عرفة، والذي رشحها بعد ذلك للاشتراك في فيلم “أفريكانو” مع شقيقه الأصغر المخرج عمرو عرفة.
وبجانب عملها بالفن كانت فوزية عبد العليم فنانة مثقفة تجيد الرسم والعزف على آلة الكمان، كما أنها كانت تجيد كتابة الشعر، والجميل أنها كانت تحضر صالون الشاعر الكبير أحمد رامي، وكذلك كانت الفنانة فوزية عبد العليم مهمومة بقضايا وطنها، فقد عملت بالتمريض خلال العدوان الثلاثي على مصر، وشاركت في حملات التبرع بالدم للجيش المصري خلال حرب أكتوبر، كما شاركت في معظم المؤتمرات التي عقدت لنصرة القضية الفلسطينية.
وفي سنة 2003 سافرت للعراق لتشارك في الاعتراض على ضرب أمريكا للعراق، وهناك تعرضت لحادث انقلاب سيارة كاد يودي بحياتها أسفر عن إصابتها بشرخ في الجمجمة وكسر في الضلوع وكسر في الترقوة ونزيف بالرئة، وتسبب هذا الحادث في ابتعادها عن التمثيل، وكانت وفاتها في يوم 21 يوليو سنة 2019 ودفنت في قرية سنتريس بالمنوفية، وهكذا وكما عاشت الفنانة فوزية عبد العليم حياتها في الظل، فقد ماتت ولم يشعر بها أحد، لدرجة أن خبر وفاتها لم يعرف ولم ينشر على نطاق واسع إلا بعد مرور 4 أيام على وفاتها.
*من كتاب “شخصيات مصرية بين التهميش والنجومية” الجزء الثالث.
Discussion about this post