ما عتِبْتُ قطُّ إلّا على زماني
لا بل على الدّهّانِ
عندما كان يأتي كلَّ عامٍ
ليدهنَ كلَّ الحيطانِ
كيف لم أعرفْ…؟؟؟
كيف لم أنتبهْ…؟؟؟
كيف مسحْتُ بيدي
ما خطّتْهُ طفولةُ أولادي
فوقَ الجدرانِ?
كيفَ غضِبْتُ يومًا من
خربشاتٍ رسَمَتْها أناملُ
أطفالي أشكالًا بألوانِ?
كأزهارٍ عبثَتْ بها يدُ الصّبيانِ…
هاأنذا الآن….أبحثُ
عن آثارِ أصابعِهِم
فوقَ الأسرّةِ..
فوق مقابضِ الأبوابِ
فوق الأدراجِ
في مساكبِ الوردِ والبيلسانِ
وفوق بقايا ألعابٍهم
أكوابِهم
والأواني
كشرطيٍّ يلاحقُ بصماتِ الجاني …
أشمُّ عطرَ ملابسِهم
يومَ كانوا يرمُونها
هناك… وهنا …
وفي كلِّ مكانِ…
ألملمُ مناديلَ مجعّدةً
قد نسوها في جيوبِ
سترتِهم أو القمصانِ
……………………..
..عند الغروبِ أخرجُ
إلى الشرفةِ أحملُ لهم
الحلوى وعصيرَ البردقانِ…
وعند المساءِ أدخلُ
غرفةَ نومِهم…
أبدّلُ غطاءَ وسادتِهم
أضمُّها إلى صدري
أعانقُها بحنانِ…
وأتمرَّغُ فوق سرائرِهم
بلهفةِ عاشقٍ ولهانِ
أبحثُ عن غفلةٍ….
عن لحظةِ نسيانِ ..
Discussion about this post