بقلم : سلمى صوفاناتي
حين تبحث بآخر الأحداث والمستجدات عبر مرآة تعكس الواقع بكل مجرياته .. ستدرك أن لكل مايدور حولك .. مدلولاً عملياً يحمل أنماطاً مختلفة تمثل جانباً هاماً من جوانب التفكير .. وتعكس صوراً وأحداثاً ربما تخلق إشكالية معينة .. تغاير آرائك .. وتحاول الحد من آمالك وطموحاتك .. ولكن عندما تمتلك العزيمة والإصرار على تحقيق حلمك .. ستطرح مدلولاً أحادي الجانب .. يعيد ترتيب أفكارك على الوجه الصحيح .. ويأخذ نمطاً معيناً يساعدك على فهم كل ما يدور حولك ..
وهذا تماماً ماحصل معي حين عزمت على عرض فيلم صلاة العشاء الذي لاقى معارضة الكثير على إنتاجه .. لما قد يخلق من إشكالية حسب وجهة نظرهم .. وبعد إصراري وإلحاحي على انجازه.. وقيامي بإنتاجه من جيبي الخاص .. توقعت أن ينال إستحسان وإعجاب الجمهور الكريم .. لكنني في الحقيقة لم أتوقع ابداً أن ينال هذا الكم من الإعجاب الشديد للفيلم ..وخاصة من قبل نقاد السينما ولجان التحكيم في مهرجانات السينما العربية والعالمية ..
ذهلت للكم الكبير من الجوائز التي حاز عليها هذا الفيلم والذي تجاوز الستة وعشرين جائزة دولية .. كان أبرزها جائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج .. وفي أحد المهرجانات حصد الفيلم خمسة جوائز .. مما جعلني أشعر بالحبور والإعتزاز والفخر . لماقد وصلت إليه .. خاصة بعد أن حصلت من المهرجانات العربية كمهرجان مكناس السينمائي الدولي في المغرب ومهرجان الفقيه بن صالح أيضا في المغرب ومهرجان البوابة الرقمية في الجزائر ومهرجان الظاهرة السينمائي الدولي في سلطنة عمان بالٱضافة إلى قائمة جوائز المهرجانات الأخرى من العالم .. تركيا .. امريكا .. استرالية اليابان . البيرو .. الهند .. كندا والبرازيل وجنوب افريقيا .. يتابع المخرج العالمي يوسف علاري من دولة فلسطين قائلا :
السينما هي منصتي الإعلامية الوحيدة التي اتحدث من خلالها بطلاقة وجرأة ولا أخشى أحدا ..
تابع قائلا بعد سؤالنا له عبر صحيفة الرواد نيوز الدولية عن انطباعه الخاص حول المهرجانات السينمائية العالمية والعربية التي تقام في هذه الحقبة ؟
– لا أريد التحدث عن المهرجانات السينمائية العالمية فأنا أولا غير متخصص في هذا المجال . ثانيا : هم سابقين مهرجانات السينما العربية بسنوات ضوئية لأن المهرجانات السينمائية العربية أضحت كالشجرة العارية التي لاتؤتي أكلها كل حين .. وهذا يعني أنها ليست بخير ويجب أن لا تأتي على حساب السينما ..
قديكون الموضوع أكثر يسرا وسهولة بحال توفرت الإمكانات المادية التي تغطي نفقة تلك المهرجانات ، لكن من الصعب أن نصنع سينما بإمكانيات مادية محدودة .. لأن السينما تحتاج إلى عناصر متعددة أولها وأهمها البنية التحتية للصناعة التي أضحت شبه معدومة في كافة الدول العربية باستثناء جمهورية مصر العربية .. هذا عدا حرية التعبير والذائقة الفنية والثقافة السينمائية ، إضافة إلى التكلفة الضخمة التي نحتاجها لإعداد تلك الأعمال على الوجه الصحيح. . نحتاج إلى مال وصالات عرض لا مجرد قاعة عرض هنا وهناك .. وقد اضطر البعض إلى تحدي كل الصعاب رغم شح الموارد والإفتقار إلى كل ماذكرناه .. والدولة بكل الأحوال متبرئة منهم بشكل كامل .. ممازادهم عزيمة وإصرارا للنضال إلى تحقيق أحلامهم وأهدافهم السامية ..
يصنعون مهرجان سينمائي من العدم تقريبا .. ليس لديهم صالات سينمائية ولا أي نوع من الدعم .. ومسؤولوا الثقافة في شغل آخر يهيمون .. وكأن السينما ليست أحد أوجه الثقافة بل وأجملها في هذا العصر ..
– نلاحظ أن السينما الفلسطينية لها حضور في المهرجانات العربية والعالمية .. وأيضا تحقق نجاحات ملحوظة .. برأيك ماهو السبب وراء ذلك ؟
ماتعقيبكم على هذا ؟
– في الواقع : السينما الفلسطينية كأي سينما عربية تعاني ماتعانيه السينما في البلاد العربية .. ويعود الفضل في إنجاح هذه السينما .. إلى الجهود الجبارة التي يبذلها صناع السينما .. كبار الفنانين .. اللذين لايدخرون جهدا في نتاجهم وثقافتهم وموهبتهم الخاصة ..
السلطة الفلسطينية وجميع مؤسساتها الثقافية والإعلامية ليس لها علاقة بنجاح الفلسطينيين .. سواء بالسينما أو بغيرها .. فبالرغم من النجاح الكبير الذي حققته في أحد أفلامي فقد لاقى رفضا لعرضه من قبل بعض المهرجانات الفلسطينية الممولة .. رغم حصوله على العديد من الجوائز العالمية .. وعلى الرغم من وجود شح وندرة في الأعمال السينمائية الفلسطينية فإنني أتسائل : حين يرفض مهرجان فلسطين مشاركة فيلم فلسطيني حقق نجاحات تقريبا في كل المهرجانات العالمية التي شارك بها وحصل على اعتراف بأهميته من العديد من نقاد السينما .. فاني أضع علامة استفهام على كونه مهرجان فلسطيني أولا وعلامة استفهام أخرى على مصدر تمويله ؟ وقد حصل ورفض فيلمي في مهرجانيين فلسطينيين الأول كان داخل فلسطين .. ومهرجان آخر المقيم عليه رجل فلسطيني في أوربا .. لذلك فإن السينما الفلسطينية لازالت تعاني الأمرين ..
على صعيد آخر فإن السينما العربية لم تظهر الوجه الحقيقي لمعاناة الفلسطينيين .. ومقاومتهم .. وجهادهم للحصول على الحرية . بل في حقيقة الأمر لايعنيها .. ولا أعتقد أن هناك تناول حقيقي للقضية الفلسطينية سوى بعض الأعمال القديمة .. والتي بدأتها أم السينما المصرية .. الفنانة والمنتجة والمخرجة الكبيرة عزيزة أمير .. حيث انتجت أول فيلم يتحدث عن القضية الفلسطينية كان اسمه” فتاة من فلسطين ” كان ذلك في عام ١٩٤٨ وذلك لإدراكها بأن السينما تمتلك تأثيرا أعمق من هاتين .. وسائل الاتصال الجماهيرية آنذاك .. كالصحف والمجلات وماتنتجه دور النشر ..
وفي هذا الصدد نتفق مع قول الكاتب والصحفي السوري .. الأستاذ حسين العودات :
إن أهمية السينما بالنسبة للقضية الفلسطينية أنها وإن كانت لاتصنع ثروة فإنما هي دوما وسيلة تحريض ودفع ونهوض . وهي إن كانت لاتخلق ثورة من فراغ لكنها تضبط خطواتها مع خطوات الثورة وتعكس للجماهير والرأي العام ماهو ضروري للتوضيح .. والكشف والإضافة . فللسينما نبض دائم في التنمية للثورة والتعبئة وتحفيزها وتهيئة الضمائر والوجدان نحو الوثوب وترسيخ الحقائق المجلية للتاريخ المؤلم الذي لاينطفىء عند نكبة السينما .. ختاما : اسمحوا لي عبر هذا المنبر أن أوجه بطاقة شكر وامتنان للدكتور الاعلامي أشرف كمال رئيس تحرير صحيفة الرواد نيوز الدولية .. وللصحفية الراقية سلمى صوفاناتي
Discussion about this post