بقلم الدكتور .. محمد الدليمي
قال تعالى : ( او تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) الأعراف ١٧٣ ، قال تعالى : ( يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ) التوبة ٦٤ ، آيتين تتحدث عن أهم أمرين يحدث الإنسان نفسه بها هل أنا موجود حقا إذن أنا إنسان ؛ الإنسان سمي إنسانا لأمرين أما لأنه كثير النسيان فنسى فسمي إنسانا أو تأتي من الأنس فهو كثير الأنس والحديث فأنس صاحبه فهو من الأنس فسمي انسانا ، وهكذا عرف الإنسان بكثير النسيان فغفر له الله ما نسي ،وكذلك عرف بالانس والطرب والمؤانسه فغفر الله له ما شغله عن العبادة.
الإنسان خليفة الله على الأرض أي له حكم الأرض، فأما من أفسد وطغى فله من الله ما يستحق، وأما من أصلح وأتقى فله الحسنى ويضاعف الله الأجر لمن يشاء، وبما إنه خليفة على الأرض فهو يرث ويورث من بعده، فتلك حكمة الله على الأرض والله يورث الارض لعباده الصالحون ؛ وقد حرم الله على الإنسان الموبقات العشر وسبب التحريم لأن فعلها يغير جينات الإنسان يخرجه من نسله ويضعه في نسل آخر، قال تعالى ( ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون وربك الغني ذو الرحمة إن يشاء يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم أخرين ) الأنعام ١٢٣، ونسل الإنسان ثلاثة أصول أولا العربي والثاني الأعرابي والثالث الكافرون والعياذ بالله ؛ ولكل واحد من هذه الأصول له تقسيمات وتفريعات، فيخبرنا رب العزة عنها بالأقوام .
فكل قوم من هؤلاء له صفاته وأعماله فقدرة الله في الفطرة التي وضعها للإنسان، فمن له سلوك متزن لا يعبث في الحياة ومن له سلوك مخزي عابث في حياة الناس وفي منهم ما بين وبين وما بين وبين أخر ، فلكل واحد من تلك السلوكيات له اسبابه بما ورثها من أبويه أو أجداده، فيؤثر ذلك الفعل بالذرية فينشأ الإنسان مخالف عن سلوكيات والديه ، أو مطابق لسلوكياتهم مع الزيادة أو مطابقة مع النقصان والتفريط في الباطل والعكس صحيح، فأيهما فعل الوالدين من الموبقات أحدها أو أثنين أو أكثر من ذلك فهي تورث إلى الأبناء على شكل سلوكيات يسلكها الشخص بدون دراية أو يفعل من دون حرج أو يعملها دون أكتراث للأفراد المحيطين به أوللمجتمع الذي يسكنه، فإذا كان الفعل بالخفاء كان فعل الأبناء بالخفاء مع اجتهادهم بلا مبالات أمام الناس هذا لم يأت من لا شيء لأنه سيقع عليه تأثير المجتمع عليه ايضا وليس فقط ما يرثه من أبويه.
الأبناء ضحية الآباء فهم يحملون ذنبوبهم من دون وعي يذكر ، فكيف يتخلص الإنسان من تلك السلوكيات الموروثة ؛ في طريقين لا ثالث لهما وهن بداية الطريق المستقيم ذكر الله سبحانه ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) والذكر هو التسبيح فقولك سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ، سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم وبحمده، هو ذكر الله أكبر، والثاني هو الأستغفار، فقولك استغفر الله ربي ، أو استغفر ربي الأعلى ،أو استغفر الله وبحمده فهو ذاك الأستغفار المطلوب .
ومن تلك الموبقات الثانوية : النميمة ، الغيبة ، البهت ، الأفك، الحسد، الوسوسه ، فكلها تورث للأبناء على شكل نفاق وفتن ، فتظهر على السنتهم الكذب بأنواعه وهو الكبيرة ، والمسبات والكفر بالسب ، ورذيلة اللسان ( ثانوية الموبقات ) كأنها حديث الأنس وتجده لا يبالي للمجتمع فهذه الحالة التي يصل إليها هي حالة السقوط في الهاوية ، وكانت بفعل الوراثة وهي قائمة على نفسه ومن ثم لا يذكر الله ولا يستغفره كي يضعف من درجة ما ورثه، بل زاد الطين بله قام عليها وزادها فجورا والشيطان بعد ذلك ظهيرا للمجرمين .
وبعد ذلك يصبح الإنسان منافقا لا جدوى منه فإذا صلى صلى رياءا، وإذا قام قام كسلا، وإذا صام صام ناقصا، وإذا زكى ماله زكى رياءا ناقصا، أو فجورا، وطغيانا، وإذا مشى للمسجد مشى رياءا، ونماما، ومنافقا، وغائبا ، فسقطت أمه بالهاوية .
فليحذر الإنسان من كل ما يجده سهلا في نفسه، أو يجد في نفسه له الجراءة على تلك الأفعال القبيحة ، فليلزم الاستغفار وذكر الله أكبر فهن بداية الطريق المستقيم وبداية التخلص مما علق في جيناته الوراثية من سلوكيات آبائه وأجداده القدماء ؛ وبفضل الله سبحانه جعلنا أمة مستغفرة كثيرة الذكر فقوموا عليها في يومكم كله ما دام الفراغ أو الوحدة في العمل قائمة فخير لك من حديث النفس أو وسوسة الشيطان الرجيم أن تذكر الله في نفسك تضرعا وخفية وأن تستغفر الله طمعا برزق او تغير سلوك، او تعمل صالحا يرضاه الناس أو ترث الجنة. اسف على الأطالة وإن كانت مجدية .
من كتابي بين القرآن واللغة .
ملاحظة : من سفاهة الأفعال أو ما يمكره الشيطان في الناس هو أن تجلس مع صاحبك ويحدثك وأنت تسبح أو تستغفر فذلك من قلة الأدب مع الله فلا أنت تفهم ما يقوله صاحبك ولا أنت علمت ما تقوله من الذكر أو الأستغفار .
Discussion about this post