دكتورة شمس راغب تكتب ….الخصائص العامة للبيان القرآني
• تميز البيان القرآني بجملة من الخصائص والمزايا التي جعلته خطابا معجزا في كل شيء ؛ فقد اجتمعت له عناصر الجمال والكمال في كل ماحواه من الألفاظ والتراكيب والمعاني ، وقد أشار الدارسون
القدماء والمحدثون إلى إلى مجموعة من خصائصه العامة التي
يمكن تصنيفها في مجموعتين : مجموعة تتعلق بخصائصه المتعلقة بخطاب النفس البشرية ، ومجموعة أخرى تتعلق بخصائصه التعبيرية والأسلوبية المتمثلة في نظمه البديع ، وما
يتعلق به من أساليب في التعبير :
• ومن الخصائص العامة التي تتعلق بخطاب النفس. البشرية ، أن
القرآن الكريم معجزة المعجزات .
• القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى التي أنزلها الله تعالى على رسوله الكريم. محمد – صلى الله عليه وسلم – فمن. أهم خصائصه
التي تميزه عن بقية ألوان الخطاب أنه معجزة ربانية باقية على صفحات الدهر ؛ لتكون دليلا قائما أمام العقل البشري ،
قال النبي – صلى الله عليه وسلم : ” ما من الأنبياء نبي إلا أعطي
ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما. كان الذي أوتيت وحيا أوحاه
الله إلي ، فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة “(١)
• وقد أشار الزرقاني إلى أن القرآن بما اشتمل عليه من المعجزات الكثيرة ، قد كتب له الخلود ، فلم يذهب بذهاب
الأيام ، ولم يمت بموت الرسول -صلى الله عليه وسلم – بل هو
قائم في فم الدنيا يحاج كل مكذب ، ويتحدى كل منكر ،
ويدعو أمم. العالم جمعاء إلى مافيه من. هداية الإسلام وسعادة
بني الإنسان . (٢)
• وأشار جلال الدين السيوطي إلى أن : ” أكثر معجزات الآخرين
كانت حسية لبلادتهم وقلة بصيرتهم ، وأكثر معجزات هذه الأمة
عقلية لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم ؛ ولأن هذه الشريعة الإسلامية لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة
خصت بالمعجزة العقلية الباقية ” ليراها ذوو البصائر ” (٣) .
• فالقرآن الكريم كتاب مفتوح أمام العقل البشري في كل العصور
، ومعجزة باقية إلى قيام الساعة ، وهو. ما لا. يتحقق لأي
خطاب آخر ، وما. لا. يدعيه أي كاتب .
• ومن خصائص هذا الكتاب العظيم التي تدل على إعجازه في خطاب النفس الإنسانية سهولة قراءته ، وسهولة حفظه ، وعدم
الملل من تكرار تلاوته وترديده ، قال. تعالى : ” ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ” سورة القمر : ١٧ والملاحظ أن هذه
الآية قد تكررت أربع مرات في. سورة القمر ، وذلك للتنبيه. على. أن هذا. التيسير هو منة من الله تعالى على. عباده ، حتى يكون
القرآن سهل الإدراك من جهة عقولهم ، لا يجدون فيه أية صعوبة في فهم مراده كل حسب علمه وثقافته .
• إتساع المعاني ووضوحها :
• القرآن الكريم هو كتاب هداية للنفس البشرية ، وقد اشتمل على
جميع المعاني التي تفي بحاجات النفس المتعلقة بالإقناع والإدراك
، وتميزت هذه المعاني بخصائص كثيرة أبرزها : التمام والوضوح
• أما التمام : فالمقصود به. اشتمال معانيه على كل يحتاج إليه
البشر في العقائد العبادات الأخلاق ؛ فقد. جمعت مصالح البشر
في الدنيا والآخرة ، ووفقت بطريقة حكيمة بين مطالب الروح
ومطالب الجسد . (٤) .
• وأما الوضوح : فقد جاءت لغة القرآن في. غاية الوضوح مع قوة التعبير وبلاغته ، وتوافرت له كل وسائل الإيضاح وطرائق
توصيل المعاني بيسر إلى عقول الناس وقلوبهم ، وعلى اختلاف
وتنوع مداركهم .
• وأما عن الغريب الوارد في. بعض كلمات القرآن فلا يؤثر على
فهم المعاني ، وقد فسره الرافعي بقوله : ” في. القرآن ألفاظ اصطلح العلماء على تسميتها بالغرائب ، وليس المراد بغرابتها
أنها منكرة أو نافرة أو. شاذة ؛ فإن القرآن منزه عن هذا جميعه ؛ وإنما. اللفظة الغريبة ههنا هي التي تكون حسنة مستغربة في التأويل ؛ بحيث لا يتساوى في العلم بها أهلها وسائر الناس . ( ٥) .
• وذكر أن ما عده العلماء من. تلك الألفاظ هو سبعمائة لفظة
أو تزيد قليلا .
• ومن الأمثلة التي ساقها دليلا على ذلك لفظة ( ضيزى ) في
قوله تعالى : ” ألكم الذكر وله الأنثى . تلك إذا قسمة ضيزى ”
سورة النجم : ٢١ – ٢٢ ؛ فقد. قال : ” وفي القرآن لفظة غريبة
هي من أغرب ما. فيه ، وما حسنت في كلام قط إلا في موقعها منه ، وهي. كلمة ( ضيزى ) …. فكانت غرابة اللفظ
أشد الأشياء ملاءمة لغرابة هذه القسمة التي أنكرها ، وكانت
الجملة كأنها تصور في. هيئة النطق بها الإنكار في. الأولى والتهكم في. الأخرى . ( ٦ ) .
• ” سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ”
—————————————————- :
(١) رواه البخاري في صحيحه ، كتاب فضائل القرآن ، باب كيف نزل
الوحي وأول ما نزل ، برقم ( ٤٩٨١ ) . (٢) مناهل العرفان للزرقاني
: ( ج ٢ ص ٢١٧ ) (٣) الإتقان في علوم. القرآن : للسيوطي ( ج٤ص٣)
(٤) مناهل العرفان ، ( ج٢ ص ٢٢ ) . (٥) إعجاز القرآن. والاغة. النبوية. : مصطفى صادق الرافعي ، المكتبة العصرية ، صيدا بيروت
٢٠٠٣م ص ٧٧ . ( ٦) نفسه ، ص ١٨٩ .
Discussion about this post