للكاتبة الروائي
أمل شيخموس … سوريا
لا تزال طاقاتُهم عالقةً بها مهما تحاول الخلاص إلا أنَّها ” مستهدفة ” من قبلهم ، و لا ضير بقناعتهم من معاقبتها بهذا الشكل المريع ، فأرواحهم مازالت تسكنها و تنتقل معها ، و كأنَّ الزمان يتجدد في كل الفصول و الشخصياتُ تنبتُ من جديد إثر كل مرة يتم قتلهم يعودون بأزياء و أشكال و مُقل شدَّ ما تضيء كالأشعة فوق البنفسجية تلجُ الحلم ، أو أن الحلم يدلفُ بها من الزوايا ، و التفاصيل يتراءون في هذا البيت الأشبه . . أهو مسكون أم مسحور لا أحد يدري ؟ !
فقط هي تراهم كيف يتسللون من الشقوق و الثقوب بغية اقتناصها و صغيريها ! يتكرر المشهد و بأعجوبة تنجو بهما . . الجو أخضر و الأشعة خضراء و هو يتراءى لها شخصياً عيناهُ تشعان كالنوافير ، و كأنَّ المشهد مسلطٌ عليه أضواء كثيفة على عتبة المسرح .
من الأسطح الامعة يتراءى سواءً أكان درابزين الدرج الذهبي ، أو الأواني الفضية ، أو حتى من القاعة المغمورة بالتحف النفيسة ، إنه بيتٌ مسكونٌ لا محال ! ؟
عن طريق هؤلاء المسجونين داخل الأشياء هنا ، أم في أعماقها ، أم في كتبها ؟ !
اعتادت على قتل معجبيها ” روائية ” مشهورة ، إيداع جثثهم بما تحمل من رائحةٍ للشجن و الحنين إلى حروف روحها و ربما تفاصيل جسدها أيضاً ، و امتلاكها بشكلٍ جديًٍ مهما كلف . . فما كان منها إلا أن ترفع عليهم سيف الكتابة ، فتقتلهم حقيقةً كي يحييوا طقوساً باهرة بين بساتين رواياتها بيد أن الأمر لم يكن كذلك البتة ، ليس ربما هذا يروق الجميع أو يغويه ، فقد أزمعوا إنتقاماً ضاريِّاً
تعاهدوا أن يؤذوها ” أسرتها ” ألا يهنئوا البتة ، و ما أعظم القسم ، و ما أعظم ما قاموا به !
فرَّ الزوج بهم إلى سكنٍ آخر ، الأهم هو سلامة أسرته الذين ازدادوا مقتاً للقصر ، وحدها تخونهم تتكتم على الحقيقة ” السر ” تدري ما الأمر ، و ما الذي يجري من حولها !
أرواحٌ …. أرواح و أخيلة تتتبعُها كما اللعنة أهي لعنة أم نعمة ؟ !
– الكتابة ! ربما هي نعمة في نظر الآخرين ملكة و موهبة ” تمييز ” بيد أنّ خلف الكواليس وحدها تستطيع إحصاء اللعنات و الخيبات التي لا حصر لها كيف تلاحقها ؟ !
في آخر زيارةٍ للقصر تراءى لها الأخضر من بين زجاج النوافذ ، حيث هبت ريح شبه قوية أردت المزهرية الفارغة . .أرضاً لتحطمها ، و يخرج منها ماردٌ أسود الشعر هذا الشخص الذي قتلته مؤخراً بمسدس الكلمات و دفنته في عمق الصفحة ليتوارى بين الأحداث و السطور بعد أن رشتهُ بماء المحبرة ، و القليل من الدموع أصول الدفن ، فهي اعتادت هذه الطقوس و لا خلاص منهم إلا بذاك ، أما هذه المعجبة التي تجسدت الآن ، فقد كانت شديدة الالتصاق بها ، و هي التي تفر من الجميع حباً بالحرية ، فالأفكار و الحروف تدلف بها دواماتٍ سرية لا ينبغي لأحدٍ أن يراها سواها ، فهي تتحول إلى وحشٍ أحياناً ، و أخرى إلى سندباد و تارةً سندريلا ، و بياض الثلج أما السفر على المقشة الزمنية و عبرها ، فحدث و لا حرج التسرب بين طبقات الوقت ، و التدحرج من خلاله ما بين الماضي ، و الحاضر ، و المستقبل ، فهي تتحول و تتشكل و تمتزج و لا يبقى منها شيء فكيف لهؤلاء أن يقتنوها ، و هم يريدونها بشرية اعتيادية ، إنَّها لا تحيا ذات الفصول بل ينمو لها ذيل عند الصباح فجراً كما الحورية ، أما مساءً بين طيات الليل تنحدر و تنهمر في أماكن أخرى لم يختبرها سواها صولات ، و جولات كتابية ، و زخات حرفية ، و إستفهامات لا حصر لها ترعدُ بالإلهام بالبرق ، و العواصف .
هو ذا الأخضر النحيل يتوجه إليها يقترب منها يحاول أن يشتمها من تلك المسافة التي لا بأس بها مقلتاهُ كما الزّجاجِ تفيضانِ بالدّموعِ ، تستبرقان بالرعود إنها الجثة التي عشقتها بضراوة و أقسمت أن تتملكها حتى بعد الموت و ها هي المرأة ذات الشعر الأسود الغجري المعجبة المتيمة تدنو أكثر ، فتلمس فستانها تنبس :
– إنّه باهظ الثّمن . . !
تستكمل :
– أنت كلما تزوريننا تقومين بارتداء الأبهى
إذاً أنت فاحشة الثّراء !
ت..لكك…ت الكاتبة تلعثمت لم تعد . . تسعفها و سط الرعب ثلاث جثث حية من حولها تحدق بها بينما صغيراها أعلى الدرج غير منتبهين لما يجري سوى شعور طفيف بعدم الراحة ، عادةً الصغار تطغى عليهم الإيجابية علاوةً أنهم غير مطلعين على سر والدتهم الغريبة الأطوار التي يجدونها من أحن خلق الله
لم يسعفها لسانها بالرد !
بيد أن المعجبة اشتدت بالإعجاب أكثر ، فأكثر :
– رائعة أنتِ في الرداء القرمزي المستبرق مع الخيوط الذهبية المكرزة !
استكملت بدهشة :
– تُرى كم كلفك ؟ !
تنحنحت الكاتبة قليلاً تود لو أنَّها تلوذ بالفرار ، فصاحب الشعر الأسود أيضاً يستعر توقاً ، و الأخضر يكاد يذوي حنيناً عودهُ يكاد أن يتلاشى . . تردت إلى الأرض بعد أن ارتطمت ساقها بطرف الطاولة و هي تحاول الإنسحاب !
تنبهت الطفلة في لحظة خاطفة . . والدتها محاصرة بأشكال مختلفة عنهم . . من القبور ؟ ! !
اشتدَّ عزف الرعب في المكان و كأنَّ بيانو مجنون يعزف عليه أحدهم دون أن يتراءى ، فقد كان رابعهم هذا مهووساً بها بامتياز . . ! لا حول ولا قوة إلا بالله قفزت الصغيرة من أعلى الدرج قبل أن ينتبهوا لها ، في محاولة لإنقاذ أمها العالقة . . سيتجرعون دماءها لا محال ، ذات الوقت صرخ أخوها مستيقظاً على المشهد ! . .أخته الفرار و الإسراع بالنجدة
بدأت تجر ذراعيّ والدها على عجل :
– أمي . . . !
و لج الأب القصر ليجد زوجته و ابنه في الطابق العلوي مكبلين بمخلوقات تكاد تكون . . مشهد لا يمكن احتماله !
سقطت الحبائل من بين إيديهم متجمدين إثر عزمهم على . . بوغتوا برجل ضخم قوي البنية يهرول إزائهم بدافع غريزة الأبوة التي تغلبت على الهلع آنها !
الجثتان المرأة المعجبة و الرجل صاحب الشعر الداكن الكثيف قد تسربتا كما الضوء من ثقوب الباب ، إلا أن الأخضر
تسمر في مكانه عازماً القضاء عليهم جميعاً العشق قتلهُ لم يبقى فيه شيء ! على كل حال لا بد من الانتقام تزامن
Discussion about this post