هندسَةُ القَصِيدَةِ عِندَ عبدالسلام بوجلاوي
بقلم: الأديب جمعة الفاخري
الشاعرُ المتمكِّنُ من أدواتِهِ الذي يحسنُ القبضَ على مقودِ التعابيرِ بإمكانِهِ أن يصنعَ نصًّا شعريًّا رائقًا رائعًا يجمعُ بينَ فتنةِ القصيدةِ، وروعَةِ الهندسَةِ، وسحرِ الغموضِ .. حتَّى وإن كانت ولادة القصيدةِ جاءت بقصديَّةٍ مبيَّتةٍ .. وبإصرارٍ متعمَّدٍ .. لِمَ لا ..!؟ فجلُّ النصوصِ الشعريَّةِ يكتبها الشاعرُ بعمديَّةٍ مقصودةٍ .. مدروسةٍ مبيَّتةٍ، مخطَّطٍ لها بدقَّةٍ متناهيةٍ .. فالأعمالُ المرتجلةُ ـ تحفُّها الرَّكاكَةُ دائمًا، وتشوبُهَا الهشَاشَةُ ، وتحيطها مهاوي السقوطِ والفشلِ؛ فحتَّى في حياتنا العاديَّة تبدو الأعمالُ غيرُ المخطَّط لها جيِّدًا ضعيفةً هشَّةً، عرضةً للانهيارِ ، قابلةً للسُّقوطِ والزَّوالِ والتلاشي في أيِّ لحظةٍ ..
والشاعر عبد السلام بوجلاوي وهو يخطو بثباتٍ على دربِ الشعْرِ الشعبيِّ .. هذا الشعرُ الذي كثرَ شعراؤهُ ، واختلطَ جيِّدُهُ برديئِهِ ، معَ كثرةِ الرديْءِ الغثِّ ، وندرَةِ الجيِّدِ المؤثِّرِ، لم يتوقِّفْ عندَ حدودِ الإبداعِ اللفظي ، مُعْتمدًا على جملتِهِ الشِّعريَّةِ الآسرَةِ البرَّاقَةِ المنتقَاةِ بعنايةٍ، المغموسَةِ في نهرٍ ذهبيٍّ من ضوءٍ وموسيقا .. إذ لم تتجافَ قريحتُهُ الولودُ عنِ الابتكارِ الممتعِ على صُعُدِ القصيدَةِ الثلاثةِ : المعنى والشكلِ والصُّوْرَةِ الفنيَّةِ..
ولعلَّ الرجوعَ إلى ديوانِهِ الشعريِّ المكتظِّ بالقصائدِ المدهشَةِ سيغنينا عن ذكرِ نماذجَ كثيرةٍ تدعمُ زعمَنَا ، وتؤكِدُ دَعَوَانا ..
وهو هنا يهندسُ قصيدتَهُ وِفْقَ مشيئتِهِ الذَّوقيَّةِ الراقيةِ الحسَّاسَةِ ، مدخلاً على القصيدةِ الشعبيَّةِ هندسةً جديدةً يُخْفِي خِلالَها سِرًّا أو أسرارًا شعريَّةً في كلِّ قصيدةٍ ، هذا السِّرُّ بحدِّ ذاتِهِ ، هو فنٌّ مبتكرٌ يطوي تحتَ جناحِهِ فنًّا آخرَ من فنونِ الشِّعرِ الشَّعبيِّ المعروفةِ ، قد يكون بيتَ شعرٍ أو ( غنَّاوة علم ) ، أو ( شتَّاوة ) ، وغيرَها .. دون أن تُحْدثَ هذه الهندسَةُ الرَّاقيَةُ المبتكرَةُ اضطرابًا في نسيجِ القصيدَةِ الشفَّافِ ، أو تتركَ تصدُّعاتٍ في بنائِهَا الفنيِّ أو الْعَرُوْضيِّ أو اللفظيِّ ، أو تمثِّلُ خروجًا عنِ المألوفِ منَ المعاني والتعابيرِ والسياقاتِ اللفظيَّة المعتادةِ . كما سنلحظ ذلك من خلالِ عرضِ نماذجِهِ الشِّعريَّةِ محلَّ الدراسةِ والنقاشِ.
فقصيدَةُ الشَّاعِرِ ( هندستُهُ الفنيَّة ) تزيدُ القصيدَةَ ـ كمنجزٍ معماريٍّ لفظيٍّ ـ جمالاً وبهاءً ، وتضفي عليهِ رونقًا وجاذبيَّةً .. كما أنَّ غموضَها سِرٌّ عجيبٌ من أسرارِ إدهاشِهَا ..
معَ ملاحظةِ أنَّ منَ الصعبِ أن يكتشفَ المتلقِّي ( قارئًا أو سامعًا ) هذهِ الأسرارَ الهندسيَّةَ المخبَّأةَ في ثنايا القصيدةِ ، أو أن يمتلكَ متلقٍ عاديٌّ مفاتحَ أسرارِهَا فيمكِنُهُ بيسرٍ أن يفتتحَ مغاليقَهَا ، ويسبحَ في مجاهيلها ، ويستكشفَ بواطِنَهَا .. ويستكنِهَ مواطنَهَا ، فالقصيدة الجيِّدة السِّبكُ ، المتينَةُ الحبِّكُ قصيدةٌ منيعةٌ عصيَّةٌ بطبعِها ، لا تُسْلِمُ قِيَادَ فهمِهِا بسهولةٍ ويسرٍ.. ولا تبوحُ بما في أعماقِهَا لكلِّ طامعٍ .. هي قصيدةٌ متكبِّرةٌ تَتَجَافى عنِ السقوطِ في أحضَانِ المباشرةِ السَّاذِجَةِ ، والتقريريَّةِ السَّمِجَةِ .. فتنوءُ العقولُ بحملِ مفاتحِ أسرارِها .. وتعيىَ الأفهامُ عنِ اكتناهِ خبَايَاها .. وتعجزُ الألبابُ عنِ استقراءِ غوامضِهَا.
وهذهِ مقدرةٌ أخرى للشَّاعرِ بعدَ ابتكاراتهِ في اقتناصِ الموضوعِ وهندسَةِ القصيدةِ .
( 1 )
في هذا النصِّ الشعريِّ يعمدُ الشاعرُ إلى نسجِ ( غنَّاوة وشتاوة ) تنتجَانِ من قراءةِ الكلماتِ التي تتصدَّرُ أوائلَ الأبياتِ عموديًّا ..
لو كان موح لولاف بالدار**ما ساعده في خطاهم
ياسم اللِّي ضدنا جار**ما نيّسوا من دناهم
جا موح زاحاه مشوار**علينا مسافة جباهم
اعزاز يقسموا رغم لوعار** اللِّي طوحوهن وراهم
ما يصعبوا بْكثر لخطار** اللِّي في مسارب غلاهم
لولا الياس ما صار ما صار**ولا صبر جانا بلاهم
ابعاد غير ما يهم لنظار**البعد لو رقوا في سماهم
الجوبة مع المشي تقصار**ويعوّض اتعابي لقاهم
دنواهم يساوي انتصار**اصحاب حق دالوا عداهم
ما فيه شي راي دبَّار** يْصيدني بْقولة انساهم
صْعوبة وتهويل وأقهار**ينهيهن وجودي معاهم
ونتيجة هذه الهندسةِ الجميلةِ هذه الغنَّاوة :
ـ لو كان … ياسم … جا موح … اعزاز يقسموا … ما يصعبوا
ثمَّ هذه الشتَّاوة المختزلة المؤثرة :
ـ لولا الياس .. ابعاد الجوبة … دنواهم … ما فيه صعوبة.
وهاتِانِ القصيدتانِ القصيرتانِ ( الغنَّاوة والشَّتَّاوة ) تختصرانِ موضوعَ القصيدَةِ ، وتوجزانِ معانيها المسهبَةَ المطوَّلةَ ، معَ أنَّهما لم تخرجا عن ذكرِ معاني معتادَةٍ عندَ شعراْء العامِّيَّةِ كـ ( الموح والياس ، وعذاباتِ البعدِ ، وصعوبة النِّسْيَانِ ، واستحالَةِ الصَّبْرِ على فراقِ الأحبَّةِ ). وتلكم ما باحت بهِ القصيدَةُ الأمُّ جملةً وتفصيلاً ، ومن ثمَّ بنتاهَا في إيجازٍ بليغٍ ، وتكثيفٍ مُبِينٍ .
والشَّاعِرُ وهو يفتنُّ في هندسِةِ القصيدةِ في تأثيثِ فضائِها الإيحائي والإيقاعيِّ منَ الداخلِ أخذَ كلمتينِ منَ البيتِ الأوَّل ( لو كان ) وكلمةً واحدةً منَ البيتِ الثاني ( ياسهم ) وكلمتينِ منَ الثالثِ ( جا موح ) كما هو الحالُ في البيتينِ الرابعِ والخامسِ على التوالي ( اعزاز يقسموا ) ، ( ما يصعبوا ) .
أمَّا فيما يخصُّ الشتاوة فقدِ اعتمدَ على ذكرِ كلمتينِ اثنينِ في مفتتحِهَا ( لولا الياس ) ، وأخرى ( ما فيه ) وهما حرفانِ ، ثم كلمةً واحدةً إلى آخرِ الشتاوة ، عدا : ( ابعاد ، الجوبة ، دنواهم ، صعوبة ) .
بقراءةِ القصيدةِ المتكوِّنةِ من أحدَ عشرَ بيتًا نلحظَ أنَّ الشاعرَ يعتمدُ على ذكرِ كلمةٍ أو كلمتين ، قد تكون إحداهما حرفاً مثل ( لو ، ما ، لولا ) ، كما ندركُ أنَّهُ يمكننا أن نسقطَ ما بعدَ الكلماتِ الأولى ، مفتتحاتِ الأبياتِ ، فلا يضيعُ علينا شيءٌ منَ الفتنةِ والإِدْهَاشِ .. فتبقى الغنَّاوةُ تحملُ ذاتَ الفتنَةِ إلى قلوبِنَا ، وتتولَّى الشتاوة نقلَ ذاتِ الدهشَةِ إلينا .. تظلاَّنِ قصيدتينِ مشبعتينِ معانيَ وتكثيفًا وإبهارًا وإعجازًا لفظيًّا.
استنتاج/
من بعدِ استمتاعِنا بالقصيدةِ ، بالغوصِ في أعماقِهَا ، وإدراكِ أسرارِها نكتشفُ أننا قرأنا ثلاثَ قصائدَ ، لا قصيدةً واحدةً ، فقد أهدى الشاعرُ إلينا قصيدتينِ مجَّانيتينِ ..
هما الغنَّاوة والشتَّاوة .. أليستِ الغنَّاوة والشتَّاوة قصيدتينِ .. فنِّينِ لهما أعلامهما وعشَّاقهما، كما لهما منَ الفتنةِ والإِدهاشِ ما للقصيدةِ الطويلةِ المسهبَةِ المفسِّرةِ المقرِّرَةِ !؟
والشَّاعِرُ كانَ يُلاعبُنَا لعبةً مغريةً ، يتاجرُ مَع أذواقِنَا وأعماقِنَا تجارةً رابحةً لكلينا .. فهو يعرضُ أسرارَ نفسِه ، ويظهرُ لنا لواعجَهُ ، ويبوحُ بما في دواخِلِهِ ليهوِّنَ على نفسِهِ ، فيما نستمتعُ نحنُ بما يعرضُ ويقرضُ ، بما يشهرُ ويشعرُ ، بما يبدعُ ويمتعُ كأنَّهُ يقولُ لنا : ( معَ العددِ هدِّيتان ) .. أو اشترِ واحدةً واربح اثنتين .. ثلاثة ….
( 2 )
في القصيدةِ الثانيةِ يواصلُ الشاعرُ عبد السلام بوجلاوي لعبتَهُ الرَّائِقَةَ الشَّائِقَةَ مع متلقيه ، لكنَّ اللعبةَ هذه المرةَّ كانت أكثرَ فتنةً، وأبلغَ إدهاشًا وإثارةً .. فالشاعرُ يرتكبُ فعلَ المراوغةِ الذكيَّ المباحَ عبرَ تسريبِ مطلعينِ لقصيدتينِ في ثنايا القصيدةِ الأمِّ ، فهو يدسُّ بمقدرتهِ الكبيرةِ لنا سِرَّينِ اثنينِ ؛ أولهما يقعُ في الكلماتِ الأوائلِ من أبياتِ القصيدةِ العشرةِ وهو مطلعٌ لقصيدَةِ من النوع المسمَّى بـ ( ضمَّة القشَّة ) يقولُ :
يانا اليوم وديما .. إن كان بوغثيث تقول .. سفوة غيمة
اقسم لغيرنا
ونلحظ فيها تركيزه على تعسُّرِ زيارتِهِ للشاعر معَ زيارته المستمرَّة له في منامه بالرغم من بعادهما عن بعضهما مكانيًّا ، لكنَّ هذه الحبيبية المباعدة المفارقة تزروه أحلامًا وأطيافًا ، فهي تتجرَّأ بحضورها المفرح المبكي على مملكةِ نومه .. فتقلقه .. وتحرمه لذاذاتِ النومِ الهنيءِ .. غير أنَّ أحلامه تعمرُ بها .. تزدان بحضورها وتزدهي بزيارتها المناميَّة الماتعة فهي لا تفارقه بالرغم ممَّا بدرَ منَها منْ أخطاءَ في حقِّهِ ..ذاكرًا حظَّه العاثر الذي يحول دونَ ظفرِهِ بحبيبتِهِ ، في حين تميل رياح الحظِّ السعيد لليأس الغشومِ ، هذا اليأس الذي يرغمه على اليأس من محبوبته ، إذ تنتصر جيوشه الدَّاهمة على صبرهِ واحتماله .. فيعلن انتصاره على الشاعرِ العاشقِ محطِّمًا حصونه ، مجتازًا خطوطه الدفاعيَّة الواهية:
يانا اللِّي ميِّس وياسي كامي**وصابر علي نيران في مكنوني
اليوم يْتهايولي أوقات منامي** اعزازي أبعاد الدار دوم يْجوني
وديما مْعَاهم عامرات أحلامي**حتى كي خطاهم جار ما خطيوني
إن كان خاطري خزرةْ عْيون الدَّامي** بْزوله فشل في كون يعمر كوني
بوغثيث عَ العاتق يْميح ضمامي** إن لاماه كاده طَبّ دون ظْنوني
تقول له العين اللِّي عليه تمامي** الياس زاد تطفاي اللهيب غْبوني
سفوة ورا سفوة أيَّام غرامي**يا ما سكب عَ النَّار دمع عْيوني
غيمة تهيل بْقاز سيله طامي** مدَّاعي علي نيران وْارقي عوني
اقسم الياس للخاطر وَلَطّ أقسامي**البخت في ابعاد الدار هبشه دوني
لغيرنا سعى بالنصر واستسلامي**ويْقول فزت واسلمتوا وَهَدّ حْصُوني
ويستمرُّ الشاعرُ في ممارسةِ استعراضِهِ الشعريِّ الباهرِ ، ومزاولة هوايته الأثيرة ، واقتراف غوايتهِ اللفظيَّة في ابتكارِ الجديد .. وتحطيم قوالبِ اللغةِ الجاهزةِ ، فيخاطبنا بقوله ( واسلمتوا ) وهي عبارة متفائلة درجَ الشعراءُ على ختام قصائدهم بها دعوةً للسلامة لمستمعيهم الذين وهبوا لهم أسماعهم ، وفتحوا لهم قلوبَهم ، وأنصتوا لمكنوناتِ نفوسِهمِ
والثاني مطلع قصيدة تسمَّى ( الطبيلة ) يقول :
علي نيران أبعاد الدار .. خطاهم جار.. فشل كاده .. تطفاي النار..
علي نيران أبعاد الدار .
لكنَّ النَّوعَ الأخيرَ هذا يدسُّهُ الشاعرُ في الثَّلثِ الأخيرِ منَ الأبياتِ .. ويتعمَّدُ إعادَةَ مفتتحِهِ ( علي نيران أبعاد الدار ).
(3 )
في القصيدةِ الثَّالِثَةِ التي بلغَتْ أبياتُهَا تسعةَ أبيَاتٍ يخبِّئ الشاعرُ في مفتتحاتِ أبياتِهِ سرَّ فتنةِ قصيدتِهِ، إذ يمكن من خلالِ قراءتِها عموديًّا
تكوين مطلع لقصيدة هي ( الطبِّيلة ) يقولُ : (غلا مول السَّالف سفَّاه .. ارزيت بْداه ، ذبلني واصَّاعب لاماه.
وتتلخَّص معاني القصيدة في فشل الشاعر بالظفر بمحبوبته الجميلة ساحرة العينين، الشعر الغزير الفاحم، ومكابدته جرَّاء حبِّه لها وتعلُّقه بها .. وتعسُّر الحصول عليها ، وتعثُّر خطاه في الوصول إليها .. فيما صَعبَ عليه تذكر الحبيبة كما صعب اللقاء .. كما يخبره بذلك قارئ الكفّ والعرَّاف ..
أمَّا القصيدةُ الصغيرَةُ القصيرَةُ ( البنت ) النَّاشِئَةُ عَنِ القرَاءَةِ العموديَّةِ للقصيدَةِ الأمِّ باعتمَادِ الكلمة الأولى من كل بيتٍ أفقيٍّ ، فهي تسيرُ على نفسِ النهجِ ، وتحمل نفسَ معاني القصيدةِ الأمِّ وهذه براعةٌ تحسب للشاعرِ إذا التزمَ ذاتَ الموضوعِ، ودار في نفسِ دائرة المعاني في القصيدتين ..
غلا بوجبين تْقول بارق جوره ** كابر مْعَايْ بْدَاه غير نكابر
مول الحواجب عادلات الصورة ** خْطُوط حِبر داكن والعيون محابر
السَّالف ستايف عَ الكتوف سْطوره** اركيِّب طلب مصدار كاد النابر
سفَّاه وينما جِدَّل احزم مضفورة ** مكسور كسر منَّه لا جبر لو جابر
ارزيت بغلا والقسم فيه خُطوره**مشكاي من سريبه موش مشكا عابر
بْداه خاطري سامر وطال سْموره**ولسَّع شرح سهرايته لو صابر
ذبلني غلاه ودوَّته محظوره**وياسه نوا للقسم قطعةْ دابر
واصَّاعب عليّ اليوم باب نشوره** سريبه وجرحه في كنيني كابر
لاماه صاعب قال لي وْنْظوره** قاري أسرار الرمل والأشابر
والشاعر اعتمد في القصيدة السابقة على توظيف الكلمة الأولى من مفتتحاتِ الأبياتِ لينجزَ نصَّه الشعريَّ الآخر المبتكرَ وهو ..
وموضع القصيدة الأم والبيت الناشئ عن قراءاتِ أوائل الأبياتِ عموديَّا
لا يتنافرانِ من حيث المعنى ..
(4 )
في النصِّ الرابع تنتجُ لنا القراءةُ العموديَّةُ لمطالعِ الأبياتِ نصينِ قصيرينِ آخرينِ من نوعِ ( الغنَّاوة ) فـ ( الشتاوة ) يدورانِ في فضاءٍ واحدٍ ، وهو صعوبة حياة الحبيبِ من غير حبيبيه وبطءِ أيامِهِ ، والمبالغة المقبولة منَ الشاعرِ العاشقِ في حسابِ أيامِ بعدَ الحبيبِ بأضعافٍ مضاعفةٍ .. وترقُّب ميعاد رجوعه وأوبته ..
من غيركْ: فيه نحسب بالسنين يا مرهون عشرات السنين
أيام: خطاك قضَّيتهن هْموم انْموِّج كيف من فاقد جنين
العمر: إن كان فرقاك محتوم أيَّامه جبر نقضيهن حزين
مشن: ولعات غَيَّاتك الشوم نكد وأقهار ودْموع وحنين
بلاش: يْضيع يصبَّح طْلُوم غلا درناه ونقولوا حَصِيْن
فـ الهود: يْريح ميعاد مْعلوم إن كان نكرت يا طاك اليمين
حيلهن: وعد فيهن عَ العموم حجايج قلت والتنفيذ وين
بلاك : ابقيت عَ الفاضي نْعوم اليوم اختار وحده مِ الاثنين
أيِّامي: اكملن مرجا يا تقوم بالمطلوب يا للياس لِيْن
يا مرهون: هَمّ الوقت كَوْم وياسك كوم كيفه مَرّتين
مشن: كم يوم لو قربك يْدوم في ملقاك كي رَمْشَةْ العين
كيف أيام: مَسْجون مْحكوم بْتهمة ظلم بالباطل سجين
المسجون: مِ العفو مْحروم واصبَّح حِرّ عنَّه عافيين
من غيرك أيَّام العمر مشن بلاش في الهود حيلهن.
بلاك أيَّامي يا مرهون مشن كيف أيام المسجون.
Discussion about this post