* اغتراب …*
أحاسيس : مصطفى الحاج حسين.
يأكلُكِ الغيابُ
يلتهمُ اسمَكِ من قلبي
يسرقُكِ من باطنِ حُلُمِي
ويسحبُ ظلَّكِ من روحي
تمضينَ أبعدَ مِنَ الموتِ
بعيدةً عن شمسِ دَمعَتِي
لايطلُّ عليكِ أُفُقي
لا أثرَ لكِ بينَ الوردِ
الفراشاتُ تجهلُ مكانَكِ
الضَّوءُ أتعبَهُ البحثُ
الغمامُ بُحَّ صوتُهُ
اليمامُ ارتدَّ خائباً
الأرضُ تعيشُ حالةَ قلقٍ عليكِ
السَّماءُ خارَتْ قواها
والنَّسمةُ أعياها التَّفتيشُ
وكلُّ الذينَ يعرفونَكِ
يؤكِّدونَ اختفاءَ رائحةِ عطرِكِ
حتَّى أنَّ الوقتَ ضيَّعَ عنوانَكِ
يأكلُكِ الغيابُ بِنَهَمٍ شرسٍ
لا صوتَ تسمعُهُ العصافيرُ
لا قمرَ يتلصَّصُ على سحرِكِ
لا حجرةَ تحتضنُ أنفاسَكِ
أينَ أنتِ
تيبَّسَ الهواءُ خارجَ حضورِكِ
الكونُ فقدَ نظرَهُ
الأشجارُ راودَتْها فكرةُ ألَّا تثمرَ
الشَّمسُ غزاها شيبٌ أسودُ
النُّجومُ تجهشُ بدورانِها
كلُّ الدروبِ اشتاقتْ لخطواتِكِ
دمي صارَ يتعكَّزُ على جمرِهِ
حنيني انفلتَ من قبضةِ آهتي
روحي تتأجَّجُ بالشَّوقِ
أصابعي تكتبُ وصيَّتَها
على دفترِ غُصَّتي
وصراخي ابتلعَهُ الصَّمتُ
وسادتي تنوحُ كأمٍّ ثكلى
المرايا تموءُ بتوحُّشٍ
هجعتْ واحاتُ النَّدى
تَلبَّدَتْ كلماتُ القصيدةِ
ضَلَّتْ أحرفُها عن معانِيها
لو أعرفُ مكانَكِ
لأطيِّرَ لكِ جبالاً من أشواقي
وبحاراً من ابتهالاتِي
وأسراباً من نزيفي
سيقصُّ عليكِ انهياري
حكايةَ التَّشرُّدِ النَّابي
وعن سخطِ الانهزامِ
ومرارةِ الأكسجينِ اللَّئيمِ
سأتمسَّكُ بحبلِ السُّرَّة
أطأطئُ لغباركِ
أقبِّلُ أكفَّ أعشابِكِ
وريشَ حمامِكِ
وأجنحةَ السُّهوبِ
سأبكي مليَّاً تحتَ قدميكِ
ألعقُ رسغَ طيبِكِ
أسجدُ في محرابِ فتنتِكِ
أهيمُ بأرجاءِ الأزقَّةِ
أهتفُ بحياءٍ وذلٍّ :
– سامحيني يا روحَ اللهِ
يادرَّةً الكونِ العُظمى
يا حًلَبُ *.
مصطفى الحاج حسين.
إسطنبول
Discussion about this post