دكتورة شمس راغب
تكتب….
لماذا حق الأم فوق حق الأب بدرجات ؟ :
• في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم – عن ” بر الوالدين ” ما
يدل على أن لكل من الأبوين حقا في المصاحبة الحسنة ؛ والعناية التامة بشؤنهما ” وصاحبهما في الدنيا معروفا ” لقمان١٥
• ولكن حق الأم فوق حق الأب بدرجات ، إذ لم يذكر حقه إلا
بعد أن أن أكد حق الأم تمام التأكيد ، بذكرها ثلاث مرات ، وإنما علت منزلتها مع أنهما شريهان في تربية الولد هذا بماله
ورعايته ؛ وهذه بخدمته في طعامه وشرابه ، وثيابه وفراشه و…إلى آخره .
• لأن الأم عانت في سبيله ما لم يعانه الأب ، فحملته تسعة أشهر وهنا على وهن، وضعفا إلى ضعف ؛ ووضعت كرها ، يكاد
يخطبها الموت من هول ما تقاسي ، ولكم كان بدء الحياة
لوليد نهايتها الأم رءوم (١) ، وكذلك أرضعته سنتين ، ساهرة
على راحته ، عامله لمصلحته وإن برحت بها في سبيل ذلك الآلام وبذلك نطق الوحي :
” ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعت كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ” الأحقاف : مكية ١٥ .
• فنراه – تبارك وتعالى – وصى الإنسان بالإحسان إلى والديه ؛
ولم يذكر من الأسباب إلا ما تعانيه الأم إشارة إلى عظم حقها .
• ومن حسن المصاحبة للأبوين الإنفاق عليهما طعاما وشرابا ،
ومسكنا وثيابا ، وما إلى ذلك من حاجات المعيشة ، إن كانا
محتاجين، بل إن كانا في عيشة دنيا أو وسطى ؛ وكنت أنت
في عيشة ناعمة راضية فارفعهما إلى درجتك أو زد .
• فإن ذلك من الإحسان في الصحبة . واذكر ما صنع يوسف
مع أبويه وقد أوتي الملك إذ رفعهما على العرش بعد أن جاء بهما من البدو .
• ومن حسن الصحبة بل جماع أمورها ما ذكره الله – عز و جل –
بقوله :” وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما
يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا
تنهرهما وقل لهما قولا كريما . واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ” الإسراء : مكية ٢٣ – ٢٤
• فامنع عنهما لسان البذاءة(٢) ، ولو بالهنات الصغيرة . وجنبهما
أنواع الأذى . وأن لهما قولك ؛ واخفض لهما جناحك ؛ وذلل لطاعتهما نفسك ؛ وأذك في روحك العطف عليهما ؛ والرحمة
بهما . ورطب لسانك بالدعاء لهما من خالص قلبك وقرارة نفسك وقل : ” رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ”
• ولا تنس زيادة العناية بالأم ، عملا بإشارة الوحي ؛ ومسايرة
لمنطق حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد استنبط جمهور
الفقهاء من الحديث تقديم الأم على الأب في النفقة إذا كان
مال الولد لا يتسع إلا لواحد منهما . وقيل : إنهما سواء ، وهو
مروي عن مالك والشافعي .
—————————————‐‐ :
(١) رؤوم : رحمته الأنثى ولدها : أحبتي وعرفت عليه ولزمته فهي أم رؤوم .
(٢) البذاءة : بذأ : فحش قوله .
Discussion about this post