بقلم : سلمى صوفاناتي
فريد الاطرش وذكريات الزمن الجميل ..
في صمته شقاء .. وفي صوته عذوبة ونقاء .. تتصاعد منه أبخرة الحب ودخان الأسى .. ثم تنسكب حباتها بغزارة ، فوق أغصان الليمون ..
زاحم بنجوميته كبار الملحنين والنجوم في العالم العربي والأوربي .. حيث غزت ألحانه روسيا والهند وتركيا وفرنسا وانكلترا وغيرها .. استطاع أن يفرض بقانونه قوانين الجمال .. فكان اللحن ثوبٱ يخيطه بسبعين وترٱ . ليتناسب مع مزاج السامع وذاكرة المختص .. هو خيط من حرير .. يلتف ليجمع مشارق الارض بمغاربها . حيث قطعت السياسة كل الخيوط والرقاب .. تبحث عنه الألحان والكلمات وتنساق انسياقٱ .. ينثرها أريجٱ يعطر به أجواء الحزن والفرح .. انقادت له الكلمات والمعاني فأصبحت أسيرة لديه .. يسجنها بأعماقه .. وحين أصر أن يكتب سيرة حياته بعد هجران الحبيبة على أوراق الشجر .. ظن أن أوراقه قد تناثرت واندثرت .. وأنى لها أن تندثر .. وهناك أنامل ذهبية لازالت توثق تلك الذكريات بشغف وحب .. بحروف خطت بماء الذهب والمسك .. أمثال الباحث الموسيقي والاعلامي المرموق .. عثمان الحناوي .. الذي أوضح لنا أن حضوره واحيائه لتلك الأمسيات تنبع من لهفته ومحبته الكبيرة ، لعمالقة الفن والطرب ..
ففي أمسيته الأخيرة .. أقام المنتدى الاجتماعي بالطلياني بمدينة دمشق .. فعالية ثقافية جديدة للباحث والمؤرخ الاستاذ عثمان الحناوي .. يحاوره الاعلامي الكبير المهندس ايهاب المرادني .. وسط نخبة من السميعة .. وبحضور عدد من الشخصيات الرسمية والفنية .. وعدد غفير من الجمهور والمتابعين .. وكان محور هذا اللقاء هو سرد قصة العملاق الراحل فريد الأطرش .. لمتابعة سلسلة المشاهير والأعلام التي بدأها الحناوي بسرد قصة حياة العمالقة .. بليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب .. ما جعل تلك الأمسيات أكثر تفاعلا هو طريقة السرد السلسة والمفهومة .. أو مانسميه بالأسلوب السهل الممتنع .. اضف الى ذلك بأن الحناوي كان قد التقى بهؤلاء الأعلام والمشاهير .. أثناء رحلته الطويلة مع مطربة الاجيال الكبيرة ميادة الحناوي .. وعمله معها كمديرا لأعمالها .. ناهيك عن كون عثمان أحد أشقاء السيدة ميادة الحناوي .. وهو ينتمي الى عائلة فنية امتازت بالطرب الأصيل .. كما أنه شقيق للمطربة الراحلة فاتن الحناوي .. والتي تركت أثرا كبيرا في قلوب جمهورها ومتابعيها ..
لن أغوص في تفاصيل تلك الأمسية فقد سبقني اليها عدد من الصحفيين الأكارم في عدة صحف .. ولكوني لا اعتمد أسلوب القص واللصق في انشاء حواراتي .. لقد كانت أمسية تفاعلية بكل مافي الكلمة من معنى .. أثارت أجواء سعيدة من قبل الحضور حيث استمر الجميع بالتصفيق الحار .. وعبروا عن رغبتهم بتمديد الوقت أكثر .. فلا شيء في هذه الندوة القيمة يدعوا للتململ .. كان باحثنا ينثر الذهب ليجعله بطاقة عبور الى أزمنة أخرى .. وليجعل الذاكرة هي التي تتحدث عن وقائع مثبتة لا يفقهها الى اصحاب العقول الراقية والنفوس الحساسة .. فهو الذي استطاع أن يقتني
آلاف الصور ومئات الوثائق .. ويحفظها بعناية من التلف والضياع .. وقد صرح لنا قائلا :
في جعبتي ارشيف كامل لعمالقة الفن فيه شفاء للروح .. فانا امتلك مكتبة أشرطة حوت آلاف التسجيلات لعمالقة الزمن الجميل .. لطالما كنت أبحث عن الأصالة في روح الفنان ورخامة صوته واحساسه العالي .. أوثق عن حياته .. تاريخه .. بداياته .. قصة معاناته .. حتى وصوله الى عالم الشهرة والمجد ..
– ماذا حققت من خلال جولاتك واسفارك مع مطربة الأجيال ميادة الحناوي ..؟ وماالذي منحتك اياه هذه التجربة ..؟
– تعرفت من خلالها على أهم العظماء في مصر وخارجها .. أمثال محمد عبد الوهاب .. وبليغ حمدي الذي كان من أعز أصدقائي .. وكذلك الموجي والسنباطي ومحمد سلطان والكثير الكثير من عمالقة الفن ..
وعندما تبعت سكة البحث الموسيقي .. واقتنيت آلاف الأشرطة والتسجيلات النادرة لجواهر الفن .. أمثال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد وفايزة أحمد وسعاد محمد وغيرهم من عمالقة الفن .. قمت بتنقية تلك التسجيلات وتحويلها الى أقراص مدمجة ليسهل وصولها الى كل من يقدر قيمة الأصالة والذهب العتيق .. جمعتني الظروف بالايقونة الاعلامية هيام الحموي التي كانت تعمل آنذاك مع اذاعة في اذاعة مونتيكارلو الشرق .. وعملنا معا مدة ثلاثة عشر عاما في برنامجنا الشهير .. نثرات من ذهب الزمان والذي كان يبث عبر أثير اذاعة شام اف ام .. يعنى بكل مايخص الفن والفنانين في حقبة الثلاثينات والأربعينات والخمسينات والستينات ..
– ماهو القادم في سلسلة ابداعاتكم .. ؟
– أقوم بالتحضير لمادتي القادمة عن العملاق الراحل رياض السنباطي .. ولشخصيات أخرى سأقوم بالاعلان عنها تباعا .. بمشيئة الله ..
Discussion about this post