بقلم الشاعرة سامية البابا …
قصة قصيرة
” فاتنة ”
فاتنة هي فتاة بسيطة تعيش في أسرة متوسطة الحال مكونة من سبعة اولاد وثلاث بنات والام والاب والجدة .
كانت فاتنة اصغر البنات حيث تزوجت الاختين والان تعيش بين اخوانها الذكور ، كانت فاتنة فعلا جميلة كما اسمها الجميل أنهت المرحلة الإعدادية حديثا ، كانت تحب أن تكمل دراستها لكن والدتها كانت ترى أن الزواج ستر للبنت ولم يكن للفتاة بهذا السن اي رأي جوهري الكلمة الأولى والأخيرة للأم فهي التي خبرت الحياة والأب خاتم باصبعها ، حضر لخطبة فاتنة أكثر من أسرة ولكن كانت لا تزال صغيرة وهي الآن أيضا صغيرة ولكن الام وجدت أن ابنتها مكتملة النضج الآن
حضرت ام ايمن لخطبة فاتنة وقد كان يعمل في مصنع ألبسة ، اهتمت الام بالأمر وسرعان ما تم تزويجها ” فاتنة ”
لكن فاتنة لم تكن تعرف من امور الزواج أكثر من بدلة الزفاف والكعب العالي وكثير من الملابس والذهب ، تم الزفاف رغم أن الفتاة لا زالت 15 عاما كان ايمن عصبيا نوعا ما لكن فاتنة كانت تعود لامها بكل أمر والام تصلح ما بينهما ، وكانت ترسل الأكل لابنتها لأن فاتنة لم تكن تعلمت الطبخ بعد !
الحدث السابق لأوانه كان الحمل كيف ستكون فاتنة قريبا أم لطفل وهي لا زالت طفلة بحاجة للرعاية ، مرت اشهر الحمل و ايمن مع فاتنة كما الصيف والشتاء لا يتفقان ، والأهل دوما في الصلح بينهما لكن الأمور تنذر بالنهاية حتى بعد أن ولدت طفل جميل”أمير” استمر الزواج عدة أشهر أخرى إلا أن الخلافات مستمرة هل لأن فاتنة الان ابنة 16 عاما وأيمن 26 فلا يوجد توافق أم عصبية ايمن ، ام عدم قدرة فاتنة على القيام بأعباء هذا الزواج ؟
تم التوصل الى الطلاق وان يكون “أمير” في حضانة الأم “فاتنة ” وبعد انتهاء العدة بفترة وجيزة جاء من يخطب فاتنة من جديد فهل سيتم ذلك الزواج ؟ ام أنها ستبقى لتربية طفلتها .
حضرت ام ابراهيم لتخطب فاتنة حيث قالت إن ابنها يعمل في الخارج ولكنه يفضل الزواج من بلده لا يحب الزواج بأجنبيات ، ولأن فاتنة مطلقة فقد دار في راس والدتها أن هذا من حظ ابنتها لتتزوج وتسافر فهي في أسرة متوسطة الحال أما العريس غني وقد عرضت والدته المهر مضاعفا قائلة نحن نشتري فتاة جميلة تستحق أن يكون مهرها ذهبا والماس ، وقد تمت الخطبة والزواج سريعا ولكن كان شرط الزواج أن تكون أميرة في حضانة والدة فاتنة وقد تم الاتفاق والتنفيذ والسفر إلى بلد أجنبي .
في ذاك البلد قضت فاتنة شهر العسل برفقة زوجها الجديد إبراهيم وكانت سعيدة بتدفق الهدايا والأماكن التي تمت زيارتها وهي التي لم ترى من قبل غير بيت والدها والمدرسة .
حضر اصدقاء إبراهيم للمباركة إناثا و ذكورا ثم تكررت زيارة اصدقاء إبراهيم وكان كل منهم يحضر معه انثى والغريب بالأمر أن إبراهيم سمح لهما أن يبينا سويا في غرفة منفردة و كانت فاتنة تظن أنهما زوجان إلى أن اكتشفت أنهما لم يكونا متزوجان بل هما مجرد اصدقاء ، استنكرت فاتنة ذلك وذكرت ذلك لزوجها إلا أنه قال لها أن ذلك الامر عادي فنحن في بلد أجنبي ، تكرر المشهد أكثر من مرة في بيتها الذي كان أشبه بفندق وكانوا احيانا يسهرون الاصدقاء والصديقات سويا مع بعض المسليات والمشروبات والمسكرات والرقص والغناء ، لكن فاتنة لم تتعود على مثل هذه الأجواء وحين استنكرت الأمر ورفضت لم تجد من يسمع ، وحين اشتكت لامها قالت لها : عليك أن تتحمل أكثر وتصبري هل تريدين الطلاق مرة أخرى وانت الآن حامل بجنين اخر ؟ !
وحدث ما كانت تخشاه فقد طلب_ جورج وهو أحد الأصدقاء الذين يرتادون البيت الذي اتضح أن إبراهيم كان يستخدمه بيت للدعارة _ طلب أن يختلي بفاتنة لتكون له ، لم يعترض ابراهيم بل طلب منها أن تذهب مع جورج الا أنها هربت إلى غرفتها وأغلقت الباب عليها ، في الصباح عاد ابراهيم إلى وعيه فأنكر ما فعله بالليل فقد كان تحت تأثير المسكرات ، لكن المشهد تكرر إلى أن قررت فاتنة اخبار والدها هذه المرة بأن يحضر ليعيدها إليه إلى وطنها واهلها .
اصبحت فاتنة تحت رحمة الزوج الذي لم يرحمها وفي يوم خرج الزوج من البيت فطلبت المساعدة من الجيران ليساعدوها في السفر والعودة إلى الوطن ، ثم تحدثت مع اهلها عما حدث فرفعت قضية الطلاق والتي حصلت على الطلاق بعد ولادتها للبنت “أميرة” التي أعطتها لاهل الزوج فور ولادتها أما أمير فقد عادت إليه فاتنة بعد أن تعبت في البعد عنه ، ولكن فاتنة لا زالت في سن صغيرة لم تصل 20 عاما وهي فتاة جميلة صديقاتها لا زالت بمرحلة التعليم فهل تعود فاتنة لتكمل تعليمها بعد هذه التجارب المريرة ؟
لكن كيف ستعارض رغبات الأم وقناعاتها فهذا العريس الزوج الثالث “محمد ” وقد تم عقد القران وأخذ عروسه إلى بيته مباشرة ولكن هذه المرة كانت السيطرة للزوج حيث أنه بعد فترة وجيزة عرف أن أمها كانت السبب في تلك الزواجات الفاشلة فابعد فاتنة عن أمها وسيطرتها وعاشت فاتنة هذه المرة مع محمد في نفس البلد التي مهما قست على أبناءها فهي ارحم من بلد أجنبي لا تعرف فيه لا عادات ولا تقاليد ولا دين وقد أنجبت منه البنات والصبيان واستقرت في بيتها وحين كبرت أميرة التي لم تعرف امها وهي صغيرة استبدلت على امها وأصبحت تزور امها فاتنة وامير أيضا يزور فاتنة الذي كبر وأصبح مهندسا .
الان بعد كل هذا العناء استطاعت فاتنة بعد 25 عاما من العناء أن تجمع أبناءها حولها وقد قررت أن لا تزوج بناتها قبل أن تنهين دراستهن الجامعية .
بقلم الشاعرة والكاتبة …..سامية البابا
Discussion about this post