بقلم …. سلمى صوفاناتى
على مر العصور بكل مجرياتها التاريخية والايديولوجية ..وبالرغم مما مر عليها من محاولات عابثة في تحطيم البنى البشرية بكل أشكالها..لذلك يعتبر السلام هو سيّد المواقف على كوكب الأرض برمته .وهذا يعني بأننا نعتبره ضدا للعنف بكل عناوينه ومظاهره.. وما يخلف من آثار سلبية تحيط بالمجتمع بجميع جوانبه .. من هذا المنطلق : يسر الرواد نيوز الدولية أن تستضيف الدكتورة والباحثة في علم النفس والاخلاق ..في جامعة بيروت والجامعة الاسلامية .. الاستاذة بهية الطشم .. كي تحدثنا على أهم وأبرز هذه المواقف . وسبل علاجها ..
– أستاذة بهية بداية هل لك أن تحدثينا عن أشهر الاقوال البارزة والمؤثرة في حيز الوجود الانساني فيما يخص موضوع العنف الجسدي والنفسي ..؟!
– بكل سرور غاليتي ..
” العنف يولّد العنف. ,”واذا قابلنا الاساءة بالاساءة,فمتى تنتهي الاساءة.”و “العاطفة تمنع الانسان من التوحش.”
ولعلّنا ننطلق من حنايا هذه الأقوال لنسلّط الضوء السّاطع على القضايا ذات الصلة بموضوع العنف على اختلاف اشكاله وألوانه ,ولا نبالغ اذا ما قلنا وببالغ الأسف بأنّ شبح العنف ما زال يخيّم بقوة كبيرة على أرجاء المعمورة قاطبةً.
ولا غرابة بأن يحضر موضوع العنف أو أنّه كان وما زال في دائرة اهتمام المنظّمات الدولية والجمعيات العالمية التي تُعنى بحقوق الانسان.
1
– أولاً: استقراء تحليلي مُوجز لأبرز عناوين العنف في ضوء نماذج من الواقع المعيوش:
انّ الحياة هبة من الله خالق الوجود, وهي الحق الوجودي الأحق عند كل انسان,لذا يجب الحفاظ عليها بكلّ ما أوتينا من غريزة البقاء,قوة العقل.
ولا غرابة في ذلك,فالحكمة هي الوظيفة الأسمى للعقل الانساني ,والانسان هو أشرف المخلوقات ,من حيث كونه شمس الأحكام الصائبة.
وما أروع الاحتكام الى القوة التفكيرية للعقل في اختلاف شؤوننا وشجوننا.
وبالعودة الى ماهية العنف ,فهو ينطوي في طيّاته على استخدام السُلطة القاهرة المادية أو المعنوية (التسلّط,الاستفزاز,التهديد,…..) ويتوسع هذا التعريف ليضمّ أشكال العنف النفسي والجسدي والالكتروني,والارهاب في التطرّف الديني,وكذلك الاستغلال وتطول اللائحة الى كل ما يؤذي الانسان ويتنافى مع القِيم الانسانية.
فالعنف هو كل فعل يمارسه طرف أو جماعة ضد أفراد آخرين عن طريق التعنيف قولاً وعملاً ,وللعنف أشكال كثيرة :
العنف الأسري, السياسي ,المرأة,الطفل………..
فقد بلغت نسبة العنف معدلاً رقمياً خطيراً ومُرشّحة أكثر فأكثر للارتفاع,وبعناوين مختلفة: الحروب,الجرائم الفردية والجماعية,الانتحار.
مع الاشارة الى أنّ العنف والذي يحضر بقوة ابّان انتفاء لغة الحوار,وليأخذ شكل العنف اللفظي,النفسي, الالكتروني,ويتلوّن بألوان متعددة بدءاً من العنف الأسري (العنف ضد المرأة, ضدّ الأطفال,….),بالاضافة الى السّادية ( تعذيب النفس),المازوشية( تعذيب الآخر).
2
واذا ما اتخذ العنف اللفظي الحيّز الأكبر في التعامل مع الآخر ,فهو يسبب تدمير الذات.
مع الاشارة الى أنّ مجالات (علم النفس, علم الاجتماع والانتربولوجيا) وكل العلوم الانسانية ترفض العنف رفضاً قاطعاً وتدحضه بكل أشكاله وألوانه.
وفي سياق متصل ,لا بدّ من التأكيد على نظرة الأديان السّماوية التي تحثّ على تكريس القِيم الأخلاقية التي تحفظ وتصون حياة الانسان.
وخير دليل الآيات القرآنية الكريم: “أدعوهم بالتي هي أحسن.”
وكذلك في الانجيل المقدّس:”احبوا اعداءكم.”
وفي اطار استقراء أبرز الحِكَم النفسية (والسوسيولوجية) ازاء العنف :نلتمس من خلال أبرز الأمثلة التي عالجها رائد التحليل النفسي(فرويد) القائل في اامهات كتبه:” أنّ الكبت هو السبب الأبرز للأمراض النفسية سيّما العُصاب ,الكبت الذي سينفجر في لحظات معينة عبر اختلاف المواقف ابّان حياة الفرد.
من هُنا ضرورة التحرير الايجابي والاسقاط النفسي عبر اختلاف السلوكيات سواء بالتأمل,اليوغا, الهوايات, المشي في الطبيعة.
وقد انعكس هذا المفهوم (للعنف) من خلال عدّة حالات هيستيرية ومَرضيّة تعرّضت للعنف اللفظي أو الجسدي.
وتمكّن فرويد من تضميد الجراح النفسية لفتاة في مقتبل عمرها بعدما كانت تتعرّض للتعنيف من قِبَل زوجة أبيها لفظياً وجسدياً.
فكانت زوجة الأب تجبرها على شُرب الماء من الوعاء الذي يشرب منه الكلب,وقد وصلت الفتاة لمرحلة هيستيرية متفاقمة الى أن امتنعت عن شُرب الماء نهائياً سيّما بعد وفاة أبيها.
3
وبعدما خضعت الفتاة المريضة لعدّة جلسات من العلاج والتنويم المغناطيسي ….وأفرغت مشاعرها السلبية وفي نوبة بكاء عارمة ,حيث وضع فرويد الاصبع على جرحها النفسي وضمّده نسبياً.
ولا يتسع المجال لذِكر المزيد والمزيد من الأمثلة,اذ تكثر النماذج في هذا الموضوع ,و قد لا تتسع لها الكتب والمؤلفات والندوات سواء اتخذ العنف ( الموضوع الشاسع بتفاصيله وحناياه) شكل العنف اللفظي,الجسدي, (التطرّف الديني) ,العنف الالكتروني ,العنف وعنف الحروب.
وحيث تأتي مقاربتنا في اطار الاستقراء الأعم لأبرز النماذج في هذا الخصوص.
– ثانياً: أبرز العناوين في بناء استراتيجية ثقافية لمحاربة العنف:
من خلال ما تقدّم نلتمس ما يلي:
يُعتبر بناء استراتيجية ثقافية هو من أقصى الضرورات لتكريس وتفعيل ثقافة السلام وتعميمه:
– تأكيد أهمية السّلام النفسي لبناء شخصية الانسان ,وبالتالي لبناء المجتمعات في محاربة العنف اللفظي,الجسدي,النفسي, الالكتروني ويوفّر التوازن النفسي والمجتمعي عند الاشخاص ويزعزع الشخصية.
– محاربة العنف بكل أشكاله عبر الاحتواء العاطفي والنفسي :ضد المرأة, ضد الطفل, ذوي الاحتياجات الخاصة.
– الشعور بالامان هو أساس السلام النفسي والاستقرار النفسي والعنف هو أكبر مشكلة,فالأمان هو رفاهية العيش.
4
وفيما يلي أبرز الحلول المقترحة للحدّ من ظاهرة من ظاهرة العنف:
– العمل على زيادة الوعي الديني والأخلاقي ,وتكريس الوازع الديني والتربوي,والتعريف بحقوق الطفل وواجبات الذين يقومون بواجب التربية.
– ادخال مادة علم الأخلاق النظري والعملي في المناهج التربوية أو المدرسية اسوة باليابان .
– التشديد في تطبيق القوانين المتعلقة بالعقاب لكل يمارس العنف باختلاف اشكاله وألوانه.
– اعادة تأهيل المعنفين نفسياً واجتماعياً.
– التوعية المُجتمعية والاعلامية والمساهمة في نشر الوعي بين النساء لفهم حقوقهن والسّعي لنشر ثقافة التعليم عبر القيام بندوات تثقيفية شاملة.
– وضع برامج تثقيفية تتحدث عن الحلول للمشاكل ازاء العنف .
– التخفيف من الفقر والبطالة ..
-سن القوانين الرادعة للعنف الاسري والمجتمعي ..
– الابلاغ عن حالات العنف وتشجيع المعنفين على اكمال تعليمهم وأعمالهم وأنشطتهم ……
وهذا ما يؤكد بأن العنف افة كبيرة تهدد الاستقرار الجسدي والنفسي للمجتمعات قاطبة .. وفي اختلاف العناوين ، مايستدعي القيام بخطة طوارىء انقاذية مستمرة وفلسفة وقائية حاسمة لانتقاء كل أسباب ومكامن العنف ..
– د بهية : متى تبدأ مراحل العنف لدى الانسان ؟ وهل هناك سبل معينة لمعالجتها والحد منها . ؟
– نستطيع خلال تربية الأطفال تعزيز السلوكيات الإيجابية عند الأطفال وبعيداً عن المشاعر العدائية المتطرفة
و أثبتت الدراسات السيكولوجية والانتربولوجية ان مشاعر العنف تبدأ منذ الطفولة وتتكرس في معالم الشخصية مع مرور الوقت كما البخل المادي والمعنوي الذي لا علاج له إلا في مرحلة الطفولة وهو مرض نفسي ولكن لا علاج له عند الكبر.
اذاً عندما نلاحظ مظاهر عنف في سلوكيات الأطفال….يجب متابعتهم وإرشاد سلوكهم في نبذ العنف وتعليمهم سلوكيات بديلة إيجابية وتشجيعهم على المرونة في التصرفات
فإذا ما عنّف الطفل الحيوان قطة او حيوان أليف
او حتى زميل له……
و لم يتم تنبيهه وتوجيه سلوكه نحو الافضل…ستصبح السلوكيات عادات وتكبر معه….وتترسخ في صلب شخصيته.
– ماهو رأي علم النفس في محاولات الاستغلال المادي والمعنوي للنساء في علم النفس: احياناً اظهار العدائية المحدودة والمؤطرة بحدود العقل مطلوبة ولفترة معينة لإثبات الحقوق وضمانها اذا ما حاول الآخر الاستخفاف بحقوقنا او محاولة استغلالها تحت أي ذريعة…او مصادرة رأينا وحريتنا سيّما عند النساء اللواتي يعشن في مجتمع ذكوري لا يتوان بعض الذكور فيه عن محاولات استغلال مادي ومعنوي للنساء…
وعدم الاعتراف بحقوقهن…
والمرفوض بشكل كامل هو العنف بكل أشكاله سواء الجسدي؛ النفسي؛ الالكتروني…..
– هل توجد مؤشرات ومظاهر معينة للعنف ..؟
وماهو رأيك كباحثة في تلك المظاهر ؟
–
– يتلون العنف بألوان مختلفة….
وله أشكال عديدة
وأبرز أنواعه في إطار علم نفس
العنف السادي( حيث يستمتع صاحبه بتعذيب حبيبه جسدياً ونفسياً)
المازوشية( تعذيب وتعنيف النفس والانتقام منها)
العنف الأسري…. إزاء الاطفال او النساء….وحتى توجد حالات عنف نادرة إزاء بعض الرجال
للاسف تزداد نسبة العنف وترتفع حالات القتل التي يسببها العنف
وفي خلفيتها السيكولوجية
نقرأ كإختصاصيين نفسيين مجموعة من العًقد النفسية السلبية والأمراض الذهنية والسيكوباتية في الشخصية المريضة للرجال الذين يمارسون العنف:
وأهمها عقدة الدونية المزمنة؛ التصلب بالشخصية؛ العُصابnevrose؛ الانفصام الحاد؛ جنون العظِمة وغيرها…..
–
Discussion about this post