بقلم د / عباس الجبوري
إن ما يثبته القلم على صفحات الورق هو الذي يحدد طبيعة الانتصار أو الانتكاسة لمجتمع ما من المجتمعات الإنسانية ، وبالتالي فإن ما يسطره القلم يحدد مصير البشر في مرحلة ما أو مكان ما ..ف ( القلم ) هو الحافظ للعلوم ، المدون للأفكار ، الحارس لها ، وحلقة الاتصال الفكري بين العلماء ، والقناة الرابطة بين الماضي والحاضر ، والمستقبل . بل حتى موضوع ارتباط الأرض بالسماء قد حصل هو الآخر عن طريق اللوح والقلم …
فالقلم يربط بين بني البشر المتباعدين من الناحية الزمانية والمكانية ، وهو مرآة تعكس صور المفكرين على طول التاريخ في كل الدنيا وتجمعها في مكتبة كبيرة . عندما يئن وتر الحروف ويغتال الصمت الكلمات ويستسلم اليراع لعبرات
المداد ويختفي في الفراغ عندها نرسم لوحة ماض
غيبته الأحزان ،الكلمات تأتي على سن القلم سِهام مُتأخرة حتَى تَضعَ الحقيقةَ في الواجهةِ ،تأتي كجبينِ الشَّمسِ ساطعةً ما بها إِفكٍ ولا تقليد
،ساميةً ، أيها القلم ،فظهر من يمسك قلمه بأنامل من حديد بثقة ما يكتب ، لا يرتعب مِن ضَربةٍ ، او سهام صُوِّبَت عليه اوسُيَّل العَرم وقُرِّحَ الصَّديد وسيظلَّ كالجواد ، فللرفعة دوماً صعيد ، كم من سوط لاذع على جِلد هذا القلم لمَسَحْ قول الحقيقة ، لأنه يرسم خطا عريضا واحدا يحطم كل الخطوط المتعرجه ،جارفا معها كل من أراد إستبدال الرحيق الطيب و العطر النافذ بالخمره الأسنة و الزمره الضالة …
صاحب القلم الرفيع يغتبط بقلمه ، لأن القلم دال على الشخصية المستقلة ، إذن القلم يصنع الأعاجيب في حياتنا، ومن أخذ بناصية القلم فكأنما اتصل بالعالم.
وثمة فلسفة لهذا القلم
عندما يئن وتر الحروف ويغتال الصمت الكلمات ويستسلم اليراع لعبرات
المداد ويختفي في الفراغ عندها نرسم لوحة ماض
غيبته الأحزان ،فهو يستقبل خريف أيام صاحبه إذا شاب الزمان وجف جذعه وانحنت منه الأغصان ..
وهو يحمل استذكار رومانسية حامله، على موج موسيقى احلامه لشهد الحب
وهو يصارع الحياة ..
فالقلم لا يستسلم أو ويهوى ساقطا بين أصابع الفكر، فما بالنا نرى اليد التي تحمل القلم قد إرتخت و خارت قواها و قد تسلق عليها كل غثاء و هوان ليظهرها يدا مشوهه لا تمسك قلما ولا تخط فكرا لتنقلب المفاهيم رأسا على عقب …آه أيها القلم عندما نراك أشبه بالمعاق تريد أن تقول حقا و لاتستطيع خوفا أم خجلا !! عندما تقتحم ميدانك الأقلام الرخيصة ، المجافية للحقيقة
،أقلام الزور والكذب التي قبضت ثمن خيانتها لمباديء المعرفة والتاريخ الحق ، مثل هذه الأقلام ستكسر ، وتداس أمام القلم الذي أصبح بندقية
.
بقلم د.عباس الجبوري
Discussion about this post