أغلب أنواع الكحول القويّة, مثل الويسكي والكونياك والشّنابس والجين والمُقطّرات الدّامعة والدّامغة والجامعة والمفصولة والمخلوطة والمنقّاة ومشتقاتها, كان ابتكارها أساسا للأسياد والنّبلاء ليرتاحوا من تأنيب الضّمير, فيُصاحب شربها عادة حالة من الصّمت والعزلة والتّجهّم…أما الفودكا الشّعبيّة فهي من ابتكار الفلاّحين الرّوس والأقنان ليتذاكروا مناقب الأسياد مع الكؤوس الأولى ثمّ ليسخروا منهم في منتصف المُنادمة وليثخنوا أمّهم بالشّتائم مع آخر كأس, وهذا التّصعيد والتّنفيس يحتاج مُنادمة وصخب متصاعد الوتيرة ومثلها البّوخا التّونسيّة…أما النّبيذ الأبيض والأحمر هوّ المشروب الوحيد الذي هبط مع الرّسل والملائكة والكتب السّماويّة بلون واحد في البداية وكثيرون يخلطون للأسف بين النّبيذ والخمر, أما البيرة فهي مجرّد غذاء شعبيّ ومنحة للعمّال لكي يتحمّلوا مشقّة الغد وهُموم اليوميّ وبالمرّة لتنقيّة الكِلى وهي حصانة ضدّ الكثير من الأمراض العرضيّة وخاصّة إحتباس البول والدّموع والأحاسيس البدائيّة الغامضة, الطيّبة والعدوانيّة منها (وهي في ذلك مثل تخميرة عرق البلح الأبيض الحامض واللاقمي المرقّد والبوضة), ومنذ ابتكرها الفراعنة وحتّى اليوم وهي تؤدّي هذه المهمّة ولم تتطوّر كثيرا بصراحة….
*** (كمال العيادي الكينغ) ***
Discussion about this post