بقلم الأديبة … هيلانة الشيخ
أُماه اقترب الرحيل. ودّعيني، امنحيني آخر كسرةٍ من قوت السفر، فالطريق طويلة …والله طويلة لا نهاية لها غير الموت!
أعرف أنك تحزنين كلما ذكرت الموت؛ فاستحضريه زهدًا في الحياة، فهذا الرخص أغرقنا في متاهاته، والصبر أوشك على الرحيل.
كل الأشياء رحلت، وما لم يرحل يلملم حقائبه كي يرحل، فتذكري كم مرة؛ ضحكنا، بكينا، رقصنا، احتسينا قهوتها وأوجاعنا …وكيف تغضبين من رائحة سجائري ومن قهقهاتي! وكيف يزعجك انشغالي عنك داخل صندوق الرسائل؟
لكنك لا تعلمين أيضًا؛ كم مرة خبأت عنك دموعي، وقطرات الدماء تسيل من سقف حلقي، وأوجاعي وكم مرة استدرت ألملم انكساراتي خلف باب الخزانة، وكم مرة تظاهرت بالنوم لأسترق قبلة في أحلامي تهدهد شوق امرأة على كاهلها ثمانية يحملون ثمانية، أفرغتها الحياة.
أُماه، ربما أعود، وربما لا أعود، فإن عدت انتظريني فأنا إن وعدت لا أخون، وإن لم أعد فاغفري لي، تبادلنا الأدوار فكنت لك أمًا، وكنت لي ابنة وطفلة؛ أدللك ببعض الحلوى وأحصنك بالأذكار وأتفقدك وأنت نائمة ويعود بي الزمان، لطفولة لم أعشها… لا وقت للعتاب، ولا قوة لدي لإعادة الماضي، دفنته بين يديك مذ تعاهدنا على أن نعيش اليوم فقط، ونلقي البارحة في سلة النفايات…. لكن أرجوك، لا تجعلي مني ماضيًا إن رحلت🖤
Discussion about this post