الملحق الثقافي – سعاد زاهر. :
كلما جهزت حقيبة السفر
تعيد ترتيبها من جديد
علها تتقن الاحتفاظ بأعواد الزنبق
تسأل نفسها
هل حقاً أريد السفر…؟
هل فعلاً جهزت حقيبتي…؟
ولكن ما بال قطتي تموء قربي
وشجيرات حديقتي تتمادى
طولاً وعرضاً كأنها تغلق الباب
في وجهي
حتى قبل ترحالي
تنتكس خططي
وألتقط نداءات الأوطان
وطنين الوقت ورجع البدايات
وأعجز عن الرحيل
لا تستحق مدننا
أن نترك ذكرياتنا
ونمضي بعيداً عنها
وهي تجهز حقيبتها من جديد
تعيد فتحها مراراً
كأنها نسيت شيئاً ما
نسيت أن تأخذ روحها
نسيت أن تأخذ كل تلك الحواري
نسيت أن تأخذ غيوم الذكرى
نسيت أن تضم بين جنباتها
كل الأفكار والأوهام التي
سرعان ما تغادرها وهي
تتجول في تلك الزواريب
التي احتوت ضجرها ورعبها
ولعنت شموع الظلام
ولطالما أعطتها أعواد الزنبق
تلك الرائحة الفريدة
لن تولد يوماً بعيداً عنها
بل قد تختفي تحت الغبار
كأنها أرنب هارب تقفز
بين البلدان
تفاوض الخواء
تبحث عن مرآة
عل وجهها يكتفي بتلك الغربة
القصيرة
عاجزة عن الخروج
من زواريب دمشق وحواريها
بعيداً عنها
أي مكان تلتجئ إليه
تشعر بعجز خطواتها
شيء ما مؤوود
قد يتخلى حزنها عنها
ويغادرها الضجر
لكنها كزهرة بلا عطر
كحصيرة وسط منزل خال من سكانه
تمشي بلا حماسة
تنطلق صوب هدفها
تحققه
باحثة عن أصدقاء تحتفل معهم
عن وحي
عن وجع
عن أي شيء
يعيد إليها الروح
تختفي في كل الأمكنة
دون أن يراها أحد
لا شيء إطلاقاً
سوى نحيب صباحي باكر
على ذكريات لم تعد توحي
إلا بعجزها عن الوصول
قرب كل تلك الأشياء الممزوجة
بمعاني حية لم تتوقع يوماً
أن تخسرها وتحتفظ بخيبتها
العميقة أبدا الدهر
العدد 1129 – 24-1-٢٠٢٣
Discussion about this post