من أعمال أ.د. حسين علي الحاج حسن الفنية.
لبخات اللونية من مجموعة اللوحات التي أنجزتها في عام 2012، إذ تشكل هذه اللبخات الفنية، حركة في فيض اللون وانسجامه مع غيره من الألوان المتداخلة التي تعكس إحساسا دافئا في عملية الرسم، وتبين عن مدى التفاعل فيما بين المساحات الضوئية، التي عكست بشكل واضح حركة كل لون بشكل مستقل عن الاخر، كدلالة على الاتجاهات المتعددة التي أشار لها الرسم.
إن دراسة الأبعاد الروحية والاجتماعية التي تعترض الرسم، تنعكس في بيان فن التصوير كمشاهدة ثابتة، جراء المطابقة ما بين التصور والتصديق المتفاعل، فالتصور لابد له من صورة في الخارج، ولهذا هناك صورة تبين عن ذلك من خلال بيان معالمها وخطوطها المتعلقة بالتصديق، إذ ترتبط هذه الحالة المتجسدة بالشكل والمضمون وبالعلاقة الروحية والمحاكمات الفلسفية، بكل ابعادها العقلية والنقدية والنفسية.
أنجزت هذه اللوحة، اللبخات اللونية في عام 2012 مع مجموعة من اللوحات المماثلة لها في الشكل والمحاكاة، كمادة فنية يمكن أن تبلور الواقع الذي انعكس في الرسم، وهي لوحة تحاكي الجانب النفسي الداخلي فتسلط الضوء وتبين أنها مادة فنية واضحة المعالم، اتبع فيها الفنان اتجاهه الفكري الذي بلوره ضمن سياق واحد، عبر إنتاج عدد من اللوحات المتشابهة، التي تميزت من خلال نمطية اللبخة، والأسلوب نفسه، الذي تم اتباعه مع غيرها من اللوحات التي أشارت إلى الفترة الزمنية نفسها.
ومن هنا لابد من الإشارة إلى أن اللوحة التي تم دراستها، تدل على المرحلة التي عاشها الفنان ضمن الفترة الزمنية ذاتها، فعرض فيها بيان حالة اللبخات اللونية. من خلال عرض المتناقضات اللونية على اختلافها، وبيان سلسلة الألوان المستخدمة والمتداخلة فيما بينها، والتي تبين بما لا يدع مجالا للشك، أن التعبيرات الجمالية واللونية، كانت واضحة المعالم فيها، يراد منها إبراز التباينات المختلفة، فيما تلاشت الخطوط الوهمية في الرسم ما بين البقع اللونية، وكانت متداخلة إلى حد بعيد وخافتة.
من هنا تم عرض الألوان على هذه الشاكلة، مع وجود العديد من المتناقضات اللونية إلا إنها كانت منسجمة، وتبين عن الفلسفة الجمالية الظاهرة، لذا بدا التعبير الجمالي في هذه اللوحة الفنية، اللبخات اللونية، يتفاعل في مدى تقبل الفكرة الراسخة في الذهن، مما يستدعي التفاعل ما بين القوة العقلية والتصور الذهني الذي ينعكس بشكل او باخر في الرسم على اللبخات اللونية، التي تشكل إضافة وحركة متفاعلة مع الفعل والتصديق الخارجي، الذي يحاكي المنطق، ويتعلق بعرض الحقائق الكامنة، لدى كل فرد وما تكتنز به نفسه، وما يؤدي به إلى تفاعل الأبعاد الروحية والاجتماعية مع بعضها البعض.
لقد بدت التعبيرات الجمالية في تشريح اللوحة، اللبخات اللونية ، من خلال إظهار البقع الداكنة والفاتحة معا، لاضفاء فلسفتها الجمالية، التي تبين عن الروح في اللون، عبر البقع والمساحات الضوئية، المتعلقة ما بين اللبخات اللونية المختلفة، حيث تفاعلت الألوان المستخدمة في الرسم مع بعضها البعض بشكل كامل، من خلال صفاء الرذاذ اللوني والشطحات المتفاوتة سواء كانت كبيرة الحجم أم صغيرة. فالبقع الضوئية واللونية، في هذه اللوحة واللبخات المتفاعلة مع المساحات اللونية، تبين عن حالة الانسجام بين اللبخة الحارة والباردة، بحيث تتعلق في غالب الأوقات المشاهدة لها بما يعكس الجانب الذهني، لاسيما وان هذه الألوان تبين من ناحية أخرى عن الصراع الداخلي، فتتعلق يالكشف عن المداليل الباطنية.
ومن هنا تشكل المعرفة الباطنية للرسم، قناة متداخلة مع الأحكام الذهنية، التي أنتجت اللبخات اللونية فالمدلول الفكري لهذه اللوحة، يعبر بعمق، عن دور اللون في بيان الحالات التي تشكل انعطافا تجاه القيم سواء للفردية او المجتمعية، والتي يغلب على بعضها رسوخ الموروث الفكري من خلال التقليد والعادة، فالالوان الاكثر اتزانا تبين عن حالة الاستقرار جراء التمازج الذي مرت به، تجسيدا لدور المراحل التاريخية التي مر الإنسان بها، فيما تبين الألوان الأخرى المستخدمة في اللوحة، أنها كانت خارج التفاعل النقدي وحالة التصويب التي من شأنها أن تساعد في ترسيخ ملامح الاتجاه الصحيح.
بقلم أ.د. حسين علي الحاج حسن.
Discussion about this post