أ. د. ماغي حسن عبيد
الخطاب المعاصر بمجمله خطاب عنصري طائفي ولّد العنف والارهاب، وأتت كورونا أو كوفيد 19 الجائحة التي ضربت الذكورية المجتمعية لتضعنا أمام تحديات وإشكاليات تدفعنا للتساؤل هل نحن أمام ظهور نظام عالمي جديد؟ وفي حال تأكد انخفاض مستوى الذكورية هل سيكون للمرأة دورها كذات فاعلة وحضور منتج في القادم من الأيام؟
اليوم وبعد مرور ما يقارب السبعين عاماً على صدور كتاب الجنس الآخر لسيمون دي بوفوار Simone de Beauvoir مشرّحة المجتمع الذي وضع المرأة في المرتبة الثانية بعد الرجل، وبعد ثلاث موجات نسوية نتساءل ماذا عن واقع المرأة المعاصرة؟
في المجتمعات الطبيعية كانت الإلهة “كالي” عند الهندوس إلهة الخلق والتدمير معاً، وفي الحضارات السومرية، البابلية والأشورية احتلت مكاناً مرموقاً وكان لها كيانها المستقل.
وفي اليونانية، حجم دورها في الأعمال المنزلية: سقراط، أفلاطون وأرسطو المرأة ليست حرة ولا جديرة بالتعليم، ويرجع البعض من المفكرين السبب إلى أن الفلسفة تبحث في المجرد في حين أن المرأة رمز الجسد والحس، ولم يكن هذا فقط موقف المثلث اليوناني، بل هناك أيضاً: داروينDarwin، شوبنهاور Chopenhauer, فرويدFreud، المعرّي، العقّاد، بودليرBaudelaire(مليكة الخطايا) وغيرهم الكثير.
ومع تطور الزراعة والصناعة، وبداية ظهور معالم المجتمع الأبوي منح الرجل حرية التحكم والسلطة الكاملة مما تسبب في إرساء أفاهيم تحد من فاعلية المرأة، وإعطاء الرجل حق التحكم بشؤونها الافتصادية والجنسية مستمداً صلاحيته من القوانين والتشريعات فانصاعت المرأة إلى ولاياتهم باسم القانون لذا، قامت موجات الفكر النسوي وتياراته، فما هي هذه الحركات النسوية؟ وما واقع المرأة الراهن؟
أولاً: موجات التيار النسوي: بداية في العنوان، الحركات النسوية، في الحركة إنتاج وفاعلية، لكن ما نلاحظة تجمعات ليست بناّءة، بل هي ردة فعل ليس لها منطلق فكري أو إيديولوجي، بل يصح عليهم تطبيق المثل الشعبي “جكارة بالطهارة”، وهذه التيارات تنقسم إلى:
أ- التيار الليبرالي: ينظر الى المرأة كفرد، انطلاقاً من فلسفات: جون لوكJohn locke وروسو Rousseau، جون ستيوارت ملMill، ولعل من أشهر رواد هذا التيار أولمب دو غوجOlympe de Gougeوماري ولستون كرافتMarry WellstoneCraff ومقولتهم الأساسية تتمحور حول أن المرأة إنسان يستحق الحقوق ذاتها التي يمتلكها الرجل، وكلامهم هذا أتى كرد فعل على مفكري وسياسيي وعلماء اجتماع القرن الثامن عشر.
ب-التيار الماركسي الاشتراكي: وهو مناهض للتيار الليبرالي، ومكمل لمسيرته النضالية، على اعتبار أن تحرير المرأة يتمثل في العمل والصناعة والانتاج، ومن رواده ماركسMarx وانغلز Engels ويرى في قهر المرأة آلية من آليات الرأسمالية، ويدعو إلى خروجها للعمل وانضمامها إلى البروليتاريا، وكفاحها من أجل الاشتراكية، إنما يعاب على الماركسية الغاء أولوية دور المرأة في الأسرة لذا، عمدت روزماري رادفوردRosemary Radford إلى القيام بمراجعة النظرية 1920 مطالبة بالسياسة والقانون، وبتحقيق المساواة الكاملة في الفرص، والمشاركة بالثقافة والتاريخ والاقتصاد والفن والمعرفة.
ج- التيار الراديكالي: ويعد رافضا لقيم المجتمع، ساع لتغييرها من جذورها، من رواده: شولاميث فايرستونShulamuth Firestone وكيت ميليتKate Milletوتدعوان للقضاء على السلطة الذكورية، وتغيير بناء العلاقات بين الجنسين، والمساواة المطلقة كهدف استراتيجي، وحق النساء في تملك أجسادهن، والانفصال عن الرجال والعيش في مجتمعات نسائية مستقلة عملاً بقول سيمون دو بوفوار لا تولد المرأة امرأة لكنها تصبح كذلك، ومن هنا، بدأت الحركات الراديكالية الداعية لاجتثاث الجذور أو العلاقات بين الرجال والنساء، والقضاء على الأدوار المرتبطة بالجنس لن يتحقق إلا بالقضاء على الأداور الثابتة، وبالتالي بدأت الحملات لمنع الحمل، والاجهاض، والتلقيح الصناعي والعلاقات المثلية الجنسية، وتهدف هذه الحركات المتطرفة إلى تبني الصراع بين الجنسين والعداء بينهما، وتسعى إلى تقديم قراءات جديدة في : الدين، واللغة، والتاريخ، والثقافة وعلاقات الجنسين.
ويبقى التساؤل أوليس التمركز حول الأنثى رؤية إمبريالية، وكأنها الشعب المختار في مواجهة الآخرين، فالتمركز حول ذاتها، مكتفية بذاتها، تود اكتشاف ذاتها وتحقيقها خارج أي إطار اجتماعي أوليست عملية تفكيكية تدريجية لمقولة المرأة الأم عبر تاريخها الانساني وفي إطار مرجعيتها الانسانية لتحل محلها مقولة مختلفة تماما من حركة تدور حول الحقوق الاجتماعية والانسانية للمرأة، إلى حركة تدور حول الهوية وبالتالي الصراع.
هذا هو حال المرأة في العالم الغربي فماذا عنها في عالمنا العربي؟ وما آليات الحركات النسوية في مواجهة مشاكل المرأة وإشكالياتها في المجتمع؟
أ. د. ماغي حسن عبيد
Discussion about this post