بقلم السفيرة الدكتورة/ ماجدة الدسوقي
تعد الأسرة من أهم المؤسسات التربوية الإجتماعية التي لها الكثير من
الوظائف ، وعليها العديد من الواجبات الأساسية ، لأن الإنسان يعيش فيها
أطول أطوار حياته . فيرتوي منها العقيدة ، والأخلاق ، والأفكار ، والعادات
والتقاليد ، وغير ذلك من الصفات والسلوكيات الأخرى التي يكتسبها من
الأسرة. فإن الأسرة إما أن تكون مصدر خير للإنسان ، أو معول هدم للدين والأخلاق والقيم . إن الأسرة لها أثر فعال ودور كبير في تربية الإنسان ، إذ أنها الحضن الأول الذي يعيش فيه الفرد ،كما أنها الوسط الطبيعي الذي يتعهد الإنسان بالرعاية والعناية منذ سنوات عمره الأولى ، وهي الخلية الأولى التي يتكون منها نسيج المجتمع . لذلك حث الإسلام على تكوينها والإهتمام بها لأثرها البارز في بناء شخصية الإنسان وتحديد معالمها منذ الصغر .
وتتكون الأسرة في الغالب من مجموعة أفراد تجمعهم فيها ظروف المعيشة الواحدة وتربطهم رابطة شرعية قائمة على المودة والمحبة والرحمة . وللتربية الأسرية وظائف عديدة لا سيما أنها تُعنى بتنمية ورعاية
جميع الجوانب الشخصية للإنسان في مراحل عمره.
ومن أبرز الوظائف التربوية المميزة هي :
*العمل على تزويد المجتمع المسلم بالذرية الصالحة والتي تكون عاملًا قويًا في تحقيق واستمرار الحياة الأسرية وضمان استقرارها .
*تحقيق السكون النفسي والطمأنينة لجميع أفراد الأسرة ،حتى تتم عملية
تربيتهم في جو مفعم بالهدوء والسعادة بعيدًا عن التوتر والقلق والضياع .
*حسن تربية الأبناء تربية سليمة والعمل على صيانة فطرتهم من الإنحراف والضلال .
*الحرص على توعية أعضاء الأسرة وخاصة الصغار منهم بكل نافع ومفيد
والعمل على تصحيح مفاهيمهم المغلوطة ، وحمايتهم من كل ما يهدد سلامتهم وسلامة غيرهم وتعليمهم الأخلاق الكريمة ، والآداب الفاضلة ،
والعادات الحسنة حتى يشبون عليها ، ويتعودون على مبدأ التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل وذلك عن طريق العناية بمختلف الجوانب الشخصية للإنسان روحيًا ، وعقليًا وجسميًا ، والحرص على توافرها وتكاملها
لما لها من الأثر الكبير على تشكيل وتكوين الشخصية المسلمة السوية، والعمل على تفاعلها وتكيفها مع من حولها بصورة إيجابية ومستمرة طول فترة الحياة .
ولكن توجد ملاحظات تؤخذ على التربية الأسرية وهي:
*تأثر التربية الأسرية في مجتمعنا بظروف العصر التي جعلت الأبوين مشغولين جدًا بالسعي وراء لقمة العيش ومتابعة مجريات الحياة المعاصرة مما أدى إلى الإهمال في دورها الأساسي في التربية واسناد تلك
الأدوار والمهام للخدم والمربين أو غيرهم .
*إنعدام العناية من بعض أولياء الأمور بأفراد هذه الأسرة ، وخاصة من أولئك الصغار الذين يقضون معظم أوقاتهم خارج المنزل دونما رقيب أو حسيب، الأمر الذي ينتج عنه الكثير من المفاسد الأخلاقية ، والعادات السيئة ، والطباع المنحرفة مما لا تحمد عقباه.
*ضعف دور التربية الأسرية في مجتمعنا المعاصر إلى درجة أصبح دورها هامشيًا في معظم الأحيان ،فالمدرسة تحظى بالنصيب الأكبر من عدد ساعات اليوم الواحد والإعلام والشارع يحظيان بالبقية منه،ولا يبقى للأسرة إلا زمن النوم وربما زمن تناول الطعام .
*كما أن إختلاف النظرة إلى الحياة بين جيل الآباء وجيل الأبناء ،الأمر الذي
أسهم في وجود فجوة في طريقة التفكير وكيفية التعامل الأسري ،وهذا بدوره أثر كثيرًا على مدى نجاح التربية الأسرية التي يعتمد نجاحها على مدى
الإنسجام والتوافق بين نظرة الجيلين.
Discussion about this post