مرحبا يا صديقي، أشعر انني احتاج الحديث إليك، أرسلت لي منذ اشهر كيف حالي واين رسائلي لم تصلك؟، الآن أستطيع الحديث إليك واخبرك عن كل ما حدث لانني احتاج لذلك ، ما سأخبرك به غريب بعض الشئ ، ولكنني أعتقد أنك اعتدت ذلك
في شهر فبراير الماضي، أستبدلت شقتي بشقة اخرى في احدى احياء المدينة، شقة بسعر مناسب لدرجة جعلتني اتمسك بها من اول زياره لارى فيها تفاصيل الشقة والعقار وما شابه، أعطاني إيها صاحب العقار ، كان شخصاً يتعامل بكل احترام ووقار وهذا سبب اخر لجعلى اسكن فيها من ثاني يوم لرؤيتي لها ، ولكن كان يملك ندبه شكلها مميز بعض الشئ في الجه اليسرى من وجهه بجانب عينه وكأن أحد ما رسمها له، ولكنه جرح في الأخير، استوقفني قليلاً الحقيقة لأنني كما تعرف أحب التفاصيل.
بدأت حياتي في تلك الشقة عاديه روتينيه، اذهب لجامعتى واعود استذكر محاضراتي وينتهي يومي وانام ، مر اسبوع بهذا الحال، الي ذلك اليوم الذي بدأت اسمع فيه غناء بصوت جميل وجذاب لأبعد حد يأتي من الغرفة التي تلي غرفتي في وقت بين الفجر والشروق ، كأن شخصاً يغني وانا متأكده أنه ليس صوت يأتي من الجيران لا، ” الحلوه دي قامت تعجن في البدريه والديك بيدن كوكو كوكو في الفجريه ” ، شعرت أن قلبي كاد يتوقف من زياده ضربات قلبي ، أنا أسمع الصوت وكأنه يقترب ، لا امتلك الشجاعة لانهض واري ماذا يحدث خارج إطار غرفتي ، قلبي يزداد في الضربات وجسدي وكأنه شُلت حركتة ، الي أن مر خمس دقائق وتوقف الصوت تماماً، توقف الصوت وانا مازلت في تلك الحالة، اخذت استعيذ بالله واقرأ اخر آيات من سورة البقرة ، لا اعرف ماذا اقول ولكني بدأت استرجع كل ما حفظته في كتاب الله، وكل هذا وانا أيضا لم اترك غرفتي، مر الوقت واشرقت الشمس وملئت الغرفة بإضائتها، شعرت اني بدأت أهدأ ، نهضت ولبست ملابسي وعزمت الخروج لأي مكان رغم أن اليوم اجازه ، ولكن لا استطيع الجلوس أكثر من ذلك الوقت في تلك الشقة ، وبالفعل نزلت من الشقة بسرعة، واول ما رأيت الشارع ، أخذت اتصل بصديقتي واخبرتها كل ما حدث، أخبرتني أن ابيت معاها اليوم لأهدأ وان ما حدث إلا تهيؤات وخيالات ربما ليست إلا في عقلي، انا اعلم انها تصدقني ولكنها تحاول أن تهدأ من روعي، قضيت الليله عند صديقتي بالفعل ،وفي الليلة التالية اخبرتني لما لا نبيت معا في شقتي وانها تريد رؤية الشقة في الأساس وايضا لتكون انيس لي في تلك الليلة
كنت أريد ألا اذهب لهذه الشقة مره اخرى ولكن فكرت في الكثير ، وتوصلت أنني يجب أن اعود لشقتي وان قررت تركها فسأنتظر لنهاية الشهر أو بمعنى آخر لنهاية الإيجار، عدت أنا وصديقتي لشقتي وكانت كما تركتها لم يحدث شئ حتى اضاءه غرفتي كما هي، اخذت صديقتي تتجول الشقة ودخلت تلك الغرفة التي خرج منها الصوت ولم تجد شئ، نسيت أن أخبرك أن صديقتي قوية بعض الشئ وأشعر فيها بالكثير منك، اخبرتني أن اطمئن وهي معي وبالفعل قضينا اليوم وتناسيت موضوع الصوت، حتى اننا سهرنا للثالثه فجراً ، ومع نهاية صلاة الفجر ، بدأ نفس الصوت بنفس عذوبة الصوت ” الحلوه دي قامت تعجن في البدريه والديك بيدن كوكو كوكو في الفجريه “، سمعت نهاد ذلك الصوت كما سمعتة، اخبرتني أن أصمت قليلاً الي ما توقف الصوت ، وما أن توقف قالت لي صوتها جميل ياليتها تغنى مره اخرى، لا ادري هل هي مجنونة أم مجنونة ، ولكن بعدها نهضت ودخلت تلك الغرفة ، اخبرتني انها عاديه لم تجد شئ غريب ، ولكني تأكدت أن الشقة بها شئ غريب، وكنت اتمنى من كل قلبي ألا يكون كما في مخيلتى
مر أسبوع على هذا الحال بنفس الصوت في نفس التوقيت ، الي أن اعتدت ذلك ، مادمت لم اتأذي فأنا بخير ، الي ذلك اليوم وانا اقف في المطبخ واذا بكل ابواب الشقة تفتح وتغلق بسرعة غريبة واصوات غريبة تلك الفتاة تغني وصوت طفلة تقول ” يا ماما سرحيلي شعري” وشاب يتشاجر مع أبيه ، صوتان ذكوريان يشبهان بعض، كل تلك الاصوات متداخلة ، لم اتمالك نفسى وكدت اسقط الي أن تذكرت أن مطبخ الشقة له باب خلفى، خرجت على سلم البنايه الخلفي وانا الهث لا اشعر بشئ سوى انني اريد الخروج ، أنا اسكن في الطابق الرابع والسلم الخلفى للبناية متصل ف منتصف الطوابق اي الثاني بالسلم الاساسي ، فقابلت امرأه تقطن في الثاني ، رأتني ودون حتى أن اتفوه معاها بكلمة قالت ” مادام مر اكثر من اسبوعين وانتي بخير فهم لن يأذوكي انهم يخيفوكي ليس إلا”
حدقت بعيناها الزرقويتان الجاحظتان بي قليلاً واخبرتني أن ادخل معاها وستروي لي ما الحكايه
= لدي فتاة اسمها فرح، جميلة ورقيقه ولديها نفس عيناي الزرقويتان، كانت تحب ذلك الفتى الذي يقطن في الرابع الحاج عبدالرحمن اعتقد انكي تعرفيه .
-تقصدين صاحب العقار ؟
= نعم صاحب تلك الندبة المميزة
– بدأت القصة عام ١٩٨٥
كان عبدالرحمن من عائلة صعيدية تركت احدى قرى الصعيد واتوا الي هنا، هو وأبوه وأمه واختة الصغيرة ، أبوة رجلاً وقور ولكن لم نكن نراه كثيرا، كنا نسمع كل يوم صوت صريخ ومن ثم ضحك الي ما اعتدنا ذلك، سكان البناية ليسوا فضوليين فلا احد كان يسأل ماذا يحدث، وعند الفجر كنا نسمع صوت جميل لأمراه تغني تلك الاغنية .. قطعتها وبدأت اغنيها الحلوه دي قامت تعجن ف البدريه والديك بيدين كوكو كوكو في الفجرية !
ابتسمت ابتسامة فهمت انها فهمت أن هذا ما حدث لي واكملت
– ولأن الهدوء كان يعم البناية، كان الصوت واضحاً جدا وهي صوتها جهور جدا ، لم نكن نعرف ما هي وظيفة ابو عبد الرحمن وكنا نكتفي بمناداته الحاج
بدأ الموضوع يزداد، الصراخ مزعج للجميع ، الي أن بدأ السكان بالانزعاج وابدوا ذلك الضيق لذلك الحاج وانكر أن الاصوات من عنده وأصر على ذلك .. الي أن اتي ذلك اليوم ، بذلك الصراخ ولكن مدوي وبشكل غير معقول ومستمر لدقائق وتوقف، فـ راح احدى الجيران يتفقد ذلك الدور ، فرأي باب الشقة مفتوح، الدماء تملئ الارض والحاج وزوجته وابنته ملقون علي الأرض إلا عبدالرحمن ، الغريب أن تقرير الطب الشرعي اثبت ان الحالات كانت انتحار ،رغم أن عبدالرحمن اخبرهم أن أمه بدأت بالصراخ ومن ثم اختة وكان ابوه يصرخ مناديا ليس لهم ذنب ليس لهم ذنب ، ولكن لم يصدقوه ، واؤيدت القضية انتحار وانتهي الأمر، بدأ الناس يعرفون بقصة تلك الشقة، والجميع أجمعوا على انها مسكونه ، ولكن أستمر عبدالرحمن بالعيش بها، ولكن لم يحدث شئ ، استمر سنوات وسنوات والشقة هادئه وعبدالرحمن ايضا، تقدم لخطبه ابنتي ووافقت رغم رفضي لأنها اخبرتني أن لم يكن هو فلا غيره ، وتزوجت فرح في تلك الشقة، ومر اسبوع والحال كما هو الهدوء ولا شئ جديد
الي أن سمعنا صوت صراخ كالذي سمعناه منذ سنين، وهذه المره صعدت أنا وليتني لم أصعد ، كانت فرح ابنتي، كانت غارقه بين دماؤها وعبدالرحمن بجرح بجانب عينة يبكي ويخبرها ليس ذنبي ، ليس ذنبي .
وبدأت بالبكاء ومن ثم أكملت
– أردت أن اعرف لماذا ابنتي لماذا ، ماذا يحدث في الأساس أقتلت ابنتي؟، وبدأت بحاله إنهيار ، واتتت الشرطة و اؤيدت ايضا القضية إنتحار لا شئ يدل علي القتل حتي أن الدماء لم يعرفون من اين اتت ، الجسم سليم ولا جرح واحد حتى.
لم يخبرني عبدالرحمن بما حدث، سنوات وانا احاول ان اعرف ماذا حدث لابنتي .
ترك عبدالرحمن الشقة وانتقل بالعيش في مكان اخر، الشقة اصبحت مكان مشبوه ومشوه بأحداثة.. مرت السنوات وعاد عبد الرحمن بدأ بتأجير الشقة بعدما انتقل اغلب سكان العمارة فكان من يأتي لا يعلم بأمر الشقة، يستأجر اسبوعين اثنين ويترك الشقة وينتهي الأمر ، اضافة على ذلك حالتين انتحار قد حدثوا.
الي أن أتيتي انتي بعد اربع سنوات من اخر مستأجر ، أعتقد عبدالرحمن أن لعنة الشقة قد ذهبت ولكن من الواضح أنها ستظل والي الأبد
= أخبريني ما السبب كيف مر كل هذه السنوات ولم تعرفي السبب كيف ؟
– الحقيقة يابنتي أن ابو الحاج ابو عبدالرحمن كان شيخ
= وما المشكلة ؟
– دعيني اكمل كلامي ، كان شيخ من أولئك الشيوخ الذين يطردون الجن من ارواح البشر، ورث مهنته عن أبيه، في يوما ما وهو يقرأ القرآن ليعالج احدى الفتيات ، أذي قبيلة دون قصد ، توفت الفتاة في الفور وبدأت حياه الجحيم لدى تلك العائلة.. ما حدث لتلك العائله وابنتي سببه تلك القبيلة، هم من قتلوا ابنتي، وهم من تسببوا في خوفك، وخوف كل من سكن تلك الشقة ، حالات الانتحار ليست انتحار ، حتي أن ارواحهم مازالت في الشقة، أنا اعرف ماذا يحدث في الاعلى لذلك عرفت من اول نظره لكي وانا ارى ذلك الخوف في عينك، الحمدلله انكِ سليمة ولستي ضحايا تلك الشقة ، عالم الجن أن لم تعرفيه، فهم قبائل يعيشون مثلما نعيش لديهم وظائف وديانات وعالم اخر لا نعلم عنه نحن شئ، أنهم لا يتركون حقوقهم ، أن تأذوا تبدأ حياة لا حياة بعدها لمن كان السبب ، لا أعلم ماذا فعل لهم ذلك الشيخ ، وانما كان جزاؤه هو وعائلتة ما حدث لهم، لا ذنب لكل من قُتِلوا، ولكن هي تدابير الله يا ابنتي ولو اجتمعوا على أن يضروك بشئ لن يضروك الا بشئ قد كتبه الله لك .
وانتهت قصتي بتلك الشقة وما حدث بها، شعرت أن الله يحبني لأنه انقذني ولم اكن الضحية التالية، أشعر أن اجابتي على سؤالك بها القليل من الملل ولكن أردت أن اسرد التفاصيل بعد ذلك الغياب ، دمت بخير يا صديقي.
Discussion about this post