الابتزاز الالكتروني ..“ جريمة العصر” وناقوس خطر يطرق ابواب ابنائنا وفيروس يقود المجتمع للهاوية
مصر – اسامة خليل
شهد عصرنا الحالي تتطورا غير طبيعي وقفزة كبيرة في مجال التكنولوجيا الحديثة ، حتى أصبحت تسيطر على كافة أعمالنا الحياتية من الناحية العلمية والعملية لدرجة وصلنا إلى الاستغناء عن بعض الوسائل القديمة التي ترهق الأبدان وتضيع الوقت ، إلا أن هذا التطور صاحبه تطور آخر في الوسائل ترتكب بها جرائم الابتزاز الإلكتروني
والتي احتاجت إلى تنظيم قانوني خاص للتصدي لها ليكون مواكباً لهذا التطور ، وليحقق الردع العام والخاص لكل من تسول له نفسه إساءة استخدام وسائل التقنية الحديثة.
ما هو الابتزاز الإلكتروني؟
أصبح الابتزاز عبر الإنترنت من أكثر الجرائم التي تتناولها أخبار الحوادث في مصر، الأمر الذي يتمثل في صور وفيديوهات فاضحة لاستغلال فتاة بهدف الحصول على مكسب مادي، وأحياناً جنسي، وغالباً ما تكون تلك الوقائع بين من ربطت بينهما سابقاً علاقة عاطفية أو خطبة، وأحياناً زواج، لكن هناك أساليب أخرى يصل بها أحياناً المبتز للوسيلة التي يهدد بها ضحيته بالفضيحة.
والسبب الرئيسي في وقوع الشخص ضحية الابتزاز الإلكتروني هو السذاجة في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي. أو نواياه الحسنة التي تجعله يتعامل معها دون توقع عواقب.
كيفية تتجنب الوقوع في فخ المبتزين؟
– تجنب طلب صداقات أو قبول طلب صداقات من قبل أشخاص غير معروفين .
– عدم الرد والتجاوب على أي محادثة ترد من مصدر غير معروف.
– تجنب مشاركة معلوماتك الشخصية حتى مع أصدقائك في فضاء الإنترنت “أصدقاء المراسلات”.
– ارفض طلبات إقامة محادثات الفيديو مع أي شخص، ما لم تكن تربطك به صلة وثيقة.
– لا تنجذب للصور الجميلة والمغرية، و تأكد من شخصية المرسل.
– قم بتزويد جهازك الإلكتروني ببرامج مكافحة الفيروسات، وغيرها من برامج الحماية، فضلاً عن المواضبة على التحديث الدوري للبرنامج، والحرص على اقتناء النسخ الأصلية من هذه البرامج والمتوفرة في المحلات المختصة بالبيع لها.
– لا تقم بالموافقة على طلبات التحميل لأي مادة ترد إليك من مصدر غير معروف، أو لم تقم بنفسك بطلب تحميلها إلى جهازك الإلكتروني مع التأكد من الصيغة الإلكترونية للمادة التي تقوم بتحميلها من الشبكة المعلوماتية فيما إذا كانت مطابقة لصيغة الوصف الذي طلبت تحميله من عدمه.
وسائل الابتزاز الإلكتروني ؟
يتم تصيّد ضحايا الابتزاز الإلكتروني عن طريق الإنترنت مثل:
– فيسبوك.
– سكايب.
– واتس أب.
– البريد الإلكتروني.
– تويتر.
– الإنستجرام.
أو أي وسيلة إلكترونية أخرى يمكن من خلالها الوصول إلى معلومات سرية أو حساسة عن الضحية.
مراحل أنواع الابتزاز الإلكتروني والتى تهدد حياتنا تنقسم إلى ؟
1. ابتزاز مادي: بطلب مبالغ مالية من الضحية مقابل عدم فضحه وإفشاء أسراره.
2. ابتزاز جنسي: بإجبار الضحية على تقديم خدمات جنسية أو ارتكاب أفعال جنسية.
3. ابتزاز منفعة: بإرغام الضحية على القيام بخدمات أخرى غير مشروعة أو مشروعة مقابل عدم بث صور أو بيانات خاصة، وخاصة الأشخاص ذوي المناصب الحساسة وصانعي القرار.
لكن يبقى الانتقام الإباحي أبشع صوره المتعارف عليها عالمياً، ويعني مشاركة المحتوى الإباحي الذي يتضمن شخصاً ما دون موافقته في محاولة للتشهير به وإحراجه علناً ولدى أصدقائه وأفراد أسرته المقربين.
وقد لا يقتصر الابتزاز الإلكتروني على تهديد الأشخاص، بل أصبحت هناك كيانات منظمة للقرصنة وابتزاز الشركات والمؤسسات بكبرى دول العالم، ففي عام 2015 تعرضت 40 شركة أمريكية لسرقة بياناتها والتهديد بنشر هذه البيانات مالم تدفع ملايين الدولارات بالمقابل، وتوالت الجرائم المشابهة .
وقد لا يكون هناك علاقة سابقة بين الشخص المبتز والضحية وقد يكون أحد المقربين؛ كاستغلال زوج أو خطيب سابق لصور حميمة مع شريكته في خلاف ما، وقد يكون التهديد حقيقي، بحصول الجاني على بيانات وصور شديدة الخصوصية للضحية، أو يكون هذا الشخص قد «فبرك» صوراً مسيئة أو بيانات غير حقيقية، ويهدد ضحيته فقط بتشويه صورته حتى اكتشاف الحقيقة.
ويؤدي الابتزاز الإلكتروني إلى العديد من الأضرار الجسيمة على حياة الأفراد؛ من بينها الميل إلى العزلة، وعدم الرغبة في التعامل مع الآخرين، وتقويض الثقة بالنفس، وعدم الشعور بالأمان، والإصابة بالاضطرابات النفسية، كالقلق والتوتر والخوف، وجنون الشك والاضطهاد.
كما قد يتحول بعض الضحايا للسلوك الانحرافي وعدم المبالاة بالقيم المجتمعية والأخلاقية انتقاماً من أنفسهم والمجتمع ككل. لكن النتيجة الأخطر هي اتجاه الضحية لأذى النفس من خلال محاولة الانتحار، نتيجة للضغط الشديد والخوف من الفضيحة والتهديد الذي تقع الضحية فريسة له، خاصة وأن أغلب الضحايا من المراهقين كما سبق وأشرنا.
كما أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى شرعية حول حكم الابتزاز في الإسلام ، وهو التحريم والتجريم، وأنه فعل مناف لكل ما جاءت به تعاليم الإسلام السامية التي تقتضي بأن المسلم لا يروع أو يخوف أحداً.
وأشارت الهيئة إلى أن “الابتزاز الإلكتروني” هو أحد أنواع الابتزاز التي من خلالها يتم ترويع الأشخاص وتهديدهم بنشر أشياء قد تسيء لهم، مؤكدةً أنه معصية ذات إثم كبير وتصل إلى كونها كبيرة من الكبائر، وفاعلها ظالم.
واكدت دار الإفتاء المصرية أن “هناك الكثير من المجامع العلمية والفتاوى المتعددة التي تقضي بتحريم الابتزاز بكل أنواعه، وإن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى بشكل صريح ومباشر عن ترويع المؤمن وتهديده أو تخويفه بأي شكل من الأشكال، حيث جاء عنه أنه قال: “لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً”.
وأكد أن التخويف والتهديد يؤثر على حياة الفرد بشكل كبير سواء من الناحية النفسية أو من الناحية الاجتماعية، وأن المُبتز يستغل ذلك الأمر للتأثير على تصرفات الضحية وإرادته.
وأشارت دار الإفتاء المصرية ، أن الابتزاز يعني أن يستخدم الشخص الحرج الأدبي أو الاجتماعي أو الأسري أو فكرة الفضيحة أو التهديد الذي يتعلق بالسلامة الجسدية، من أجل الضغط على إنسان آخر؛ حتى يعمل عملًا غير صحيح أو لا يريد فعله باختياره أو ينافي الأخلاق أو القانون ، وأن الله تعالى كما كرم الإنسان بالعقل؛ فقد كرمه بالعلم والاختيار، وأن أي تهديد بسلب الإنسان إرادته فهو حرام، مشيرًا إلى أن ذلك من الظلم وأن الظلم ظلمات يوم القيامة؛ لأنه من كبائر الذنوب، وحرمها رب العزة على نفسه وكذلك حرمها بين عباده حتى لا يتعدى أحد على حق أخيه.
وأكد الورداني أن الشخص المبتز؛ ظالم ومرتكب للكبيرة، لافتًا إلى أن الشخص الذي يقع عليه الابتزاز؛ عليه أن يقاوم هذا الابتزاز بكل ما أوتي من قوة وألا يسمح له بالتمادي؛ حتى لا يكون الشخص معينًا له على ظلمه، مفيدًا بأن الاستجابة للمبتز نوع من أنواع ظلم النفس.
وفقًا للمجلس القومى للمرأة المصرية عبر موقعه الرسمى، تم فتح الباب للإبلاغ عن حالات الابتزاز عبر خط ساخن (15115)، أو (01007525600)، وأكد المجلس أن التعامل مع الحالات سيكون فى سرية تامة لكل البلاغات.
«المادة 327» من قانون العقوبات المصرى، تنض على «معاقبة كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف، وكان التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن، يعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر، وكل من هدد غيره شفهياً بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على 500 جنيه، سواء أكان التهديد مصحوباً بتكليف بأمر أم لا، وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهياً بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تزيد على 200 جنيه».
وأوضحت المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، أن عقوبة الابتزاز الإلكترونى فى مصر المتعلقة بالمبتز الذى يقوم بالاعتداء على المحتوى المعلوماتى الخاص لأى شخص، تقضى بالسجن لمدة لا تنقص عن 6 أشهر، كما نصت المادة 26 من قانون العقوبات المصرى بالسجن لمدة لا تنقص عن العامين، ولا تزيد على الـ5 أعوام للمبتز، ويعاقب بدفع غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 300 ألف، لكل من يتعمد استخدام أى من التقنيات التى تربط المحتوى الخاص بالأشخاص بمحتوى مناف للآداب العامة.
في النهاية ، يبدو العالم بحاجة لمزيد من القوانين الرادعة التي تُجرم الابتزاز الإلكتروني، جنباً إلى جنب مع زيادة توعية النشء بمخاطر الأجهزة الذكية قبيل استخدامها، مع عدم إغفال دور الأسرة في مراقبة الأبناء ودعمهم وإشعارهم بالثقة والأمان في حال تعرضوا لمثل هذه الحالات من التهديد، وإلا فقدنا عدداً أكبر من المراهقين والشباب.
Discussion about this post