الفلسفة الوقائية من المخدرات
في ضوء نماذج طبية عند طبيب الأعصاب اللبناني الدكتور حسان أمهز
بقلم الدكتورة بهية الطشم
نعيش على الصّحة النفسية وكذلك على الصّحة الجسدية ,ولا غرو في ذلك حيث اعتبر الفيلسوف ابن سينا صاحب كتاب الاشارات والتنبيهات بأنّ :الجسم هو آلة النفس.” وكذلك اعتبر ديكارت في أمهات كتبه: “مقالة الطريقة لحُسن قيادة العقل” وكتاب انفعالات النفس بأنّ :” العقل هو مَلَكة الحُكم السليم .”
ومن الضرورة أن يكون العقل هو سيّد أفعال كل انسان,يحمل لواءه ولا يستسلم للتطرّف في الشهوات أو ينغمس في الممنوعات.
ونستحضر هنا عبارة ذهبية لصاحب كتاب ” اصلاح العقل”:” لا تكن في حياتك أسيراً لأي موضوع أو أي شيء”,و”الانسان مَقود بعقله بالضرورة.”
وللأسف,وغالباً ما يقع غالبية الشباب ضحايا آفة خطيرة جداً هي المخدرات ,اذ أن أرقام المدمنين على المخدرات في حالة ازدياد مستمر,وهي السبب الأبرز الكامن وراء الجرائم والانحرافات السلوكية….في مختلف المجتمعات.
ولعلّنا نطرح سؤالاً بارزاً بهذا الصّدد وهو على قدر كبير من الأهمية:
كيف السبيل لتحصين فئة الشباب من مخاطر الادمان على المخدرات؟
1
انطلقنا في محاولة متواضعة لمقاربة السؤال الذي يشكل خطراً وجودياً وأخلاقياً على المجتمعات برمته,اذ يُجمع العالم قاطبةً على محاربة المخدرات بأشكالها وألوانها….
وفي اطار استقرائي واطلاّعي على أبرز النماذج الطبية التي تخضع للمتابعة الطبية والتأهيل النفسي عند طبيب الأعصاب الدكتور حسان أمهز استخلصنا الآتي:
انّ المُدمن على المخدرات يتوهم بأن حبوب المخدّر هي الدواء الناجع لهمومه ومشاكله ويحاول عبرها الهروب من أوجاعه.
ولعلّ أخطر ما في المخدرات أنّه تؤثر سلبياً على الجهاز العصبي المركزي عند الانسان,الامر الذي ينعكس بشكل كبير ودائم على نسبة الوعي وتجعل أثلام الدماغ في حالة استثارة سلبية بغاية الحصول عليها وباختلاف الطرق التي قد تصل لحدود الاجرام.
اذاً تنطوي الفلسفة الوقائية التي تحصّن فئة الشباب من الوقوع في محظور المخدرات على ما يلي:
– اولاً: الحصانة النفسية للفرد في أسرته وتلبية حاجاته النفسية من:احتضان,تفاهم,انسجام نفسي في الميول والرغبات ,احتواء في لحظات الغضب.حوار بنّاء.
– ثانياً: تأمين أسباب وشروط الصحة النفسية السليمة وتكريس حُب الذات عندهم حُباً صحيحاً دون تطرّف ,وتقديم المحبة المعتدلة والدعم النفسي عند الحاجة أوحين وقوعهم في مشاكل معينة.
– ثالثاً: أن يلعب الأهل دوماً دور البطولة الحكيمة في حياة أبنائهم ,ومن الأهمية بمكان أن يكونوا بمثابة القدوة لهم في كافّة سلوكياتهم.
– رابعاً: تعزيز نقاط القوة في شخصية الشباب وتشجيعهم على بناء مستقبلهم بثقة ,فغالباً ما يكون الشعور بالنقص والدونية والحرمان العاطفي هو السبب الاساسي لبداية الانحراف السلوكي.
– خامسا: مراقبة نوع الأصدقاء .
2
سادساً:التوعية من أضرار المخدرات وتشجيعهم على استثمار الوقت بالهوايات والأعمال التي تصقل الشخصية وتؤمن الاستقلالية .
– سابعاً: ضرورة توفير فرص عمل للشباب والحدّ من البطالة.
– ثامناً: تعزيز الوازع الديني الايماني اللامتطرف لدى الابناء.
– تاسعاً: تدريب الأبناء على كيفية التعامل مع الضغط النفسي بمرونة وايجابية وانفتاح والبحث عن الحلول بهدوء .
– عاشراً:التركيز على المبادىء الثقافية الثابتة والابتعاد عن التفكّك الأسري.
وأخيراً ,يبقى القول بأنّ الأسرة هي أهم عوامل التنشئة الاجتماعية وهي التي تسهم بالقدر الأكبر في الاشراف على النمو الاجتماعي والنفسي لكل انسان وتوجيه سلوكه, وهي التي تلعب الدور الأبرز في تعزيز المناعة النفسية عند أفرادها سيّما في مرحلتي الطفولة والمراهقة وصولاً لمرحلة النضج.
Discussion about this post