دعوني أحيا طفولتي !!!!!!
ناديايوسف
يقولون : هذا الجيل سبق عصره , أحقاً ما يقال؟ أم نحن جعلنا هذا الجيل يسبق عصره ويتخلى عن طفولته وبراءته ؟
هذه التساؤلات شغلت الكثيرين من العاملين مع الأطفال والشباب سواء في المنظمات أو السلك التربوي أو الناشطين الاجتماعيين..
كل يوم نسمع عن حادثة جديدة طفل وجد بالقرب من دار الأيتام أو عند مكب القمامة أو في أحد الأحياء المهجورة وربما نسمع أن زوجة الأب عذبت أطفال زوجها حتى الموت ومن الممكن أن رجلاً قتل زوجته و أولاده .
وما يحز في القلب أكثر عندما نسمع أن أماً تعذب أطفالها وهذا ما يقشعر له البدن حقاً .
لا أريد أن أدخل هنا في أروقة عمل المنظمات الإنسانية و مبادئ حقوق الطفل وإنما سأتحدث من خلال بعض الدراسات الاجتماعية التي وردت على ألسنة بعض الباحثين وعلماء النفس حول الأشياء التي قد تدمر الطفل داخلياً وربما منذ تكوينه في رحم والدته وحتى يكبر وذلك من خلال بعض الكلمات التي يتحدث بها الوالدان أثناء فترة الحمل نتيجةالمشاحنات والمشاكل أو حتى في الحالة العادية ، مثل ( ليتني لم أحمل.. و لماذا سآتي به لهذه الدنيا المليئة بالمشاكل والفقر ؟ كي يعاني كما عانيت أنا أو أكثر؟) أو العبارات المؤلمة من الغير ( أتمنى أن يكون صبياً ، أو نفرحلك بصبي …)
وكم آلامت هذه العبارة الوالدين والأولاد أنفسهم فيما بعد
ومن ثم تأتي حالة الترهيب التي يسلكها الوالدان مع أولادهم وخاصة بعض العبارات التي مازالت تتردد حتى الآن نام وإلا ستأتي ” أم رعيدة تأخذك – أو أبو كبوت – أو الوحش …” حتى بات الكثير من الأطفال يعيشون حالة قلق دائم قبل النوم أو في حالة حدوث العواصف والرعد..
هذا ناهيك عن نهر الطفل بالصوت المرتفع والذي يسبب الأذى النفسي والسمعي حيث يعاني فيها من حالة اضطرابات تجعله فيها مهزوز الشخصية وربما حالة عصبية يعبر عنها بالصراخ أو تحطيم الأشياء
وما زال الطفل يصطدم بالواقع منذ الأشهر الأولى وبدء مرحلة إدراكه للعالم الخارجي المنفصل عن جسده بشكل مستمر و تدريجي.
وهنا نتحدث عن حالة سلبية تترك أثراً مميتاً في نفسية الطفل وهي كلمة ” لا ” كل شيء يبدأ بلا وبدلاً من أن نقول له كلمة لا تكذب لا تسرق لا تصرخ علينا استخدام عبارات ترغب الطفل بالأمر وهو أن نقول له الصدق جميل علينا أن نكون صادقين و حافظ على ألعابك وأشيائك وافعل الخير واحترم الكبار … وأنوّه خير وسيلة لتعليم الطفل أي سلوك إيجابي هو أن نقوم بهذا السلوك والتصرف لأننا نعلم أن الطفل دائماً يحب تقليد والديه أو أحد الإخوة فعندما نصرخ بالطفل كي ننهاه عن تصرف ما نجده باللاشعور يفعل مثلنا سواء بقصد أو غير قصد
كنت قد قرأت في إحدى الدراسات أن أكثر ما يعاني منه الطفل وخاصة الذكر ونحن كما نعلم أنه لا حياء في الدين والعلم هي عبارات نسمعها ( إذا أسأتَ التصرف فستأتي الضبعة تأخذ عضوك الذكري وهذا قد يولد عند الأطفال مشاكل جسدية و بولية والتهابات جراء ذلك حتى بات بعض الذكور يضعون أيديهم في هذه المنطقة الحساسة باللاشعور
و في منحى آخر أحب التطرق لمسألة الجهل التربوي عند الأسرة تجاه الأنثى أو ربما المزاح الزائد من إطلاق عبارات أو ألفاظ غير مسؤولة تولد حالة من الانطواء والانكماش عند الأطفال عند الفتيات وهي عبارات ( هم البنات للممات ، لو كنتِ صبياً كان أفضل ، على الأقل الصبي ليس مثلك لايمكن أن يتم الاعتداء عليه او اغتصابه
أما أنتِ إذا ذهب شرفك ستضعي رأسنا في الذل والعار ولذلك ممنوع الدرس ممنوع الخروج .. )
ومع مرور الوقت ..
كلما كبر الطفل زادت المشاكل والأعباء التي يعاني منها خاصةً في هذا الزمن الذي نعيشه من حروب وقتل وتدمير وأزمات اقتصادية تولد حالات من الفقر الشديد وحرمان من الغذاء والمأوى و الملبس المناسب مما تولد لدى الطفل حالة من الغضب الداخلي لديه تجاه والديه أو أقرانه من الأطفال وخاصة ً إذا كان يحدث ذلك في مكان يعمل على التمييز بين شرائح المجتمع كالحضانة أو المدرسة أو المحيط الاجتماعي
ومن الدلائل المستمدة من الواقع والتي لمستها لمس اليد هو العنف الأسري والضرب بحجة التربية السليمة وما يحمله الأهل من بعض الأفكار الخاطئة بأن الضرب يربيه ويجعله مستقيماً وأكثر أدباً
ولكن هذا يؤدي إلى محو شخصيته وخلق حالة من الضعف والخوف الدائم من العقاب
ويعاني الطفل من أن تكون له شخصيته المستقلة والجريئة وزرع الثقة لديه بنفسه أولاً ثم بالآخرين أم يفرض عليه نمط معين من التربية بحجة ان الأهل يعلمون مصلحة أبناءهم أكثر ويبدؤون بممارسة السلطة وفرض الأوامر وعدم السماح لهم بتحقيق ذاتهم من خلال اختيار رغباتهم حتى في أبسطها إن كان الطعام أو اللباس والأصدقاء ونمط اللعب وهذا ما يؤثر عليهم سلباً ويخلق عندهم عدم القدرة على اتخاذ القرارات
بالإضافة إلى سؤال يخطر في البال هل يأخذ حاجته من العلم والمعرفة دون فرض الدراسة التي يريدها الأهل حتى أن بعض الآباء يتجاهلون هذا الحق من خلال خلق بعض الحجج لإخراج أبنائهم من المدرسة بحجة أن العلم لاينفع وأن العمل الحر هو أفضل ويدر الأموال والثروة ضاربين بعرض الحائط رغبة الأولاد بمتابعة الدراسة.. وأساليب التعليم هل باتت صحيحة وكم من عبارات انطبعت في ذاكرة الأطفال يجب أن تحصل على العلامة التامة ” عشرة من عشرة كانت في زماننا ” حتى لا يسبقك ابن فلان أو فلانة ويبقى الأمر الأخطر عندما يتواجد أبناء المعلمين معهم في نفس الصف وهنا أنوّه بأن البعض وليس العموم ..
وأخطر الأمور التي يعاني منها الطفل الإرهاب الفكري الذي يعيشه الطفل من خلال الكلمات الكثيرة التي يسمعها في كل مكان بدءاً من البيت وهلمّ جرّاً
هذا خطأ – حرام – لاتفعل – عيب – الناس ستتكلم عنا إلخ………الله سيلقي بك في النار أو سيأخذ والديك منك إذا قمتَ بهذا العمل أو ذاك الشيء
والواجب علينا أن نجعله يعبد الله ويعمل بما أمره و يبتعد عما ينهاه حباً ورغبة وإيماناً وليس خوفاً و رهبةً
لأن الله محبة وهذا أمر آخر لا مجال للحديث عنه الآن ..
لعلها بعض المشاكل القليلة التي تحدثت عنها وهناك الكثير منها ولذلك نقول إن معاملة الطفل معاملة حسنة والحنو والعطف وعدم جرح مشاعرهم يؤدي إلى خلق جيل من الشباب القادر على العطاء وبقدر مانصادق أولادنا ونعلمهم الحب والصدق والثقة والقدرة على الاختيار بين الصواب والخطأ وأن نرشدهم ونكون القدوة الحسنة لهم في كل شيء نحقق مانصبو إليه وهي شخصية الطفل المكتملة
ناديا يوسف
Discussion about this post