إعداد وحوار : رانيا بخارى
الروائية السودانية ليلى أبوالعلا بدأت الكتابة في عام 1992 فى اسكتلندا وكان دافعها الشعور بالغربة والحنين إلى الخرطوم ويسكنها هاجس التعريف بالسودان قائله، صحيح إننى قرأت العديد من الروايات ولكننى لم أتخيل يوما بأنى سأكتب رواية ولم تكن لدى فكرة بأننى موهوبة ، لقد اقتحمت مجال الكتابة بالصدفة .
س : ما هى أول رواية بقلمك ؟
ج : أول رواية هى(المترجمة) والتى استغرقت عدة سنوات ونشرتها فى 1999 وشرحت لجائزة (الأورنلج )ومن ثم رشحت بعد ذلك لجائزة دبلن كما وصلت إلى قائمة الترشيحات النهائية لجائزة(سولتير) للكتاب السنوى باسكتلندا كما فازت قصتى القصيرة( المتحف) بجائزة (كين) للقصة الإفريقية .
س: ما هو محور كتاباتِك ؟
ج: تدور معظم أعمالى حول الاغتراب والهجرة وقضية الإنسان المغترب ، وأكتب باللغة الانجليزية فكل تعليمى كان باللغة الانجليزية حيث تلقيت تعليمى بالمدرسة الأمريكية بالسودان واعتبرها لغة عالمية وليست مجرد لغة للغرب وهى الوحيدة التى أستطيع التواصل بها .
س : ما هى مرجعيتك السردية فى نصك الروائى ؟
ج: غادرت السودان فى أوائل التسعينات مرافقة لزوجى وعملت هنالك محاضرة لمادة الإحصاء إلا أن عملى لم يلبى طموحاتى بالإضافة إلى ما كان يروج عن السودان بلدى من أكاذيب من قبل الإعلام الغربى فكان لابد لى من عمل شىء يغير تلك السمعة السيئة والمغرضة فتلك الأشياء آنفة الذكر حركت فعل الكتابة وبدأت ممارسة الكتابة من تلك المحفزات وهنالك نصوص فى تجربتى الروائية عايشتها وأثرت بداخلي لذلك كتبت عنها فالإنسان هو مادة الكتابة لذا يرتبط مشروع الكتابة به من خلال الكتابة نسرد همومه ومشاكله وأحلامه وكذلك الماضى والحاضر فى سيرورته .. النص الروائى يولد كل يوم عبر المشاهدات و الاحتكاك بالمجتمع هذا ما يتعلق بالنص الحاضر فإن المرجعية هنا تعتمد على ثقافة الكاتب فى الموضوع المراد أما الكتابة التاريخية إذا ما أراد الكاتب خوض غمارها لابد من مرجعية متعددة كالشفوية والتسجيلية وقد يكون هنالك شخصيات عايشت تلك الفترة أ قد يكونوا هم أنفسهم شخصيات حاضرة داخل متن النص السردى .
س: يقال أن أساليب ما بعد الحداثة ذوبت الحدود من خلال متخيلات الهوية !
ج :هذا صحيح فالرواية الآن تتداخل مع الشعر فيما يسمى بشعرنة الرواية وكذلك تتداخل مع المذكرات والسيرة الذاتية الذى أفرز رواية السيرة الذاتية بالإضافة إلى أدب الرحلات فالكتابة اليوم عن أي بقعة فى الأرض ليس شرطا أن يعايش السارد تلك الجغرافيا لينسج لحمة سرده بل بضغط ذر واحد على مؤشر قوقل يحصل على المعلومات المراد ادراجه فى نصه لذلك أصبح الإنترنت ذو أثر كبير فى الأعمال الروائية بل حتى لغة الإنترنت من مسجات نجدها تحتل حيز من النص .
س :كيف استطعتى التعبير عن ذاتك عن طريق الأدب ؟
ج : فى الحالات النفسية يوصى أطباء الطب النفسي بالكتابة عما فى داخلنا من مشاكل وهواجس وقبل أن أمارس فى عملية الكتابة عملت بتلك النصيحة وكان ذلك فى الفترة الأولى أما عندما يتعلق الأمر بالكتابة السردية لابد من امتلاك مفاتيح العمل من موازنة بين حركة الشخصيات والبنية اللغوية وتسلسل الأحداث من علو وهبوط ولكن هنالك أشياء المرأة أكثر قدرة على تمثلها روائيا من إحساس الحمل والولادة مثلا .
س :هل تعتبرى نفسك منفية امأم مهاجرة وكيف أعدت تشكيل ذواتك وفقا لمقتضيات المنفى وشروطه أم سبق وان تعرضتى لارتحالات بين أزمنة وأمكنة ؟
ج: لا أعتبر نفسى منفية ولكنى مهاجرة وتعود أسباب هجرتى لعمل زوجى المتنقل .. إننى أعدت تشكيل ذواتى وفقا لوجودى هنالك فوجدت نفسى أمام سمعة السودان السيئة التى كرثها الإعلام الغربى فكان السودان فى ذهنية الغرب الذى أقيم به عبارة عن حروب وجماعات وعامية ومساكن عشوائية لذلك لم يكن لديهم الفضول لمعرفة السودان فكانت تلك مهمتى إجلاء تلك الصورة المغلوطة كسودانية أمثل الدبلوماسية الشعبية لبلدى بتصحيح تلك الصورة القبيحة عن السودان وساعدنى فى ذلك امتلاكى لناصية اللغة الانجليزية فكتبت رواية المترجمة وكان الجزء الأول فى اسكتلندا يحكى عن سودانية أرملة فى السودان وكانت الأسماء والأماكن حقيقية لتساعد فى الخيال فعمدت إلى أسلوب الواقعية فى الأدب الانجليزى المعاصر الذى يكرس الاهتمام بالمكان
ارتحلت كثيرا بين عدة أمكنة كاندوسيا المسلمة وتعرفت على ثقافات مختلفة من خلال الترحال وبعد رحلة ليست بالقصيرة أستطيع ان أقول أننى قد وضعت قدمى على خارطة الأدب الانجليزى .
س : خارطة الأدب الانجليزى … بوصفك كاتبة باللغة الانجليزية كيف استطعتى ان تجعلى منه حامل للثقافة السودانية فى تجلياته المتعددة ؟
ج: الكتابة هى امتداد للقراءة السابقة وهموم الكاتب الآن فضل عنه بل تصبح جغرافية متعدية الحدود بمعنى أن السرد الروائى مرتبط بالوطن ومن خلال هذا الارتباط يقوم السارد بتشييد الوطن داخل النصج فالكاتب عندما يمارس فعل الكتابة ينطلق من ثقافته الذهنية المختزلة بداخله من عادات وتقاليد بالإضافة إلى الثقافة المحيطة به (أى) تتنوع بنية السرد على إيقاع الذاكرة بين الماضى و الحاضر متخذ من البعد الجغرافي و اللغة طريقا لإقامة علاقة بين الذات والآخر والأنا وأستطيع أن أقول إننى من خلال اللغة وفقت فى تحميل التعددية الثقافية السودانية بتضمين عاداتنا السودانية التى تمثل قوميتنا كبلد ذو تعددية بيئية ولغوية وعرقية وباللغة تحررت ذاتى الكاتبة من العزلة والانغلاق إلى التواصل مع العالم أجمع
ولم أتخيل يوما من الأيام ان أتواصل مع قارئ سودانى الذى هو هدفى ومشروعى الإبداعي وتم ذلك بالصدفة عبر الإنترنت ومن روايتى عرفونى أكثر .
س :حديثينا عن رواية زقاق المغنا بين مطرقة التاريخ وسندان المعاصرة ؟
ج: هى سيرة تجمع أكثر من جنس أدبى زمن الرواية بعد خروج المستعمر من السودان أما المكان فهو مدينة امدرمان العاصمة القومية بشوارعها العريقة وتشكلته السكنية التى تجمع عائلات .
Discussion about this post