تعرف على….بنت الزبال …. استاذة جامعية بسوريا.
بقلم احلام الشاوي.
تقول أستاذة طب الأعصاب بجامعة حلب سورية الدكتورة رولا الأبيض
”بنت الزبال” ؛ هكذا كان اسمي بالمدرسة وبشارع بيتنا وفي كل مكان، نسوا اسمي وأصبحوا يطلقون عليّ “بنت الزبال”!
أبي كان عامل في البلدية وكان بيتنا بسيط، لم نكن نأكل زبالة مثل ما كانوا يعتقدون! كنا عائلة مثل أي عائلة، نطبخ ونسهر ونضحك معًا
3 صبيان و 2 بنات وانا أكبرهم.
لم ينتبهوا لشطارتي وتفوقي في المدرسة؛ فقط لأني “بنت الزبال”.. في الفصل، القليل منهم مَن كان يكلمني والأغلبية كانوا يخجلوا الجلوس معي، أو كانوا يقرفون مني معتقدين أننا لا نتحمم و”ريحتي زبالة”!
ولما سألتني المعلمة ما هو حلمك عندما تكبري، أجابتها طالبة “حلمها تلم الزبالة” وضحكوا كلهم عليّ ولكني بكيت بحرقة.
ضمّتني معلمتي لصدرها وهمست بأذني لا تزعلي ولا تخجلي من عمل والدك، فوالدي كان يعمل حارس عمارة ويشطف الدرج ويلم الثياب القديمة ونلبسها ونفرح فيها كمان. كوني قوية!
نعم، سوف أكون قوية؛ هكذا قررت، لن أضعف ولن أدع أحد يضحك عليّ!
قُلت لإخوتي وأخواتي يكونوا أقوى مني، علّمتهم أن لا نضعف ولا نسمح للزمن أن يكسرنا. مرّت سنين طويلة ونجحت بالبكالوريا وتفوقت ودخلت كلية الطب، تغيّر الوضع وأصبح الجميع ينادون: جاءت الدكتورة وذهبت الدكتورة. شعرت أني أطير، فرحت بنفسي وكأني كسرت كل شيء كان قاهرني، جميع مَن ضحك عليّ، احتاجوني والله يعلم اني لم أقصّر بحق أحد منهم.. كبرت وكبروا إخوتي، تغيّرَت الأحوال وأبي لم يعد في حاجة إلى العمل، غيّرنا بيتنا لبيت أكبر ونحن يد واحدة، إخوتي الشباب اثنين منهم مهندسين والثالث يدرس طب أسنان وأختي في كلية الصيدلة، تزوّجْت وأصبحت أم لولدين وإخوتي منهم خاطب ومنهم متزوج.. الله يوفقهم ويسعدهم، ولكن مستحيل أن ننسى أنه في يوم من الأيام كان اسمنا “ولاد الزبال”! كانت هذه الكلمة تذبح والدي أكثر منا ولكننا لم ننسى فضله علينا وبعمرنا ما خجلنا من عمله؛ المهم ربّانا عاللقمة الحلال. علموا أولادكم أن يحترموا الغير علموا أولادكم الحب والاحترام وعدم التفرقة بين الغفير والوزير .
Discussion about this post